تميزت مختلف ردود أفعال المترشحين المشاركين في رئاسيات 9 أفريل بنوع من الغموض حيث عبروا عن شكوك وادعاءات بتزوير النتائج وكذا تضخيم نسب المشاركة في عدد من الولايات دون أن يتطرقوا لنقائصهم وواقع أحزابهم التي يمثلونها وحملوا مرة أخرى السلطة مسؤولية فشلهم. وما زاد في خطورة التصريحات وردود الأفعال هو لجوء بعض الذين يدعون المعارضة إلى دول خارجية لنقل شكاويهم على غرار الولاياتالمتحدةالأمريكية، وكذا حديث رباعين عن تقرير سيرسله للأمين العام الأممي بان كي مون، وهو حديث يجرنا للحديث عن الأوضاع المزرية التي وصلت إليها الساحة السياسية في الجزائر، وكذا انعدام روح المسؤولية لدى البعض معتقدا بان الجهات التي يشكو إليها ملائكة أو هيئات تحكم بالعدل. وتحتم هذه التصريحات الخطيرة والتي تمس بالسيادة الوطنية ضرورة مراجعة تركيبة الساحة السياسية وتطهيرها من أشباه المعارضين، الذين باتوا خطرا يهدد السيادة الوطنية، ونصبوا أنفسهم ناطقين باسم الشعب الجزائري ومدافعين عنه دون أن يفوضهم احد، فبعض الأحزاب التي فشلت في الحصول على مقاعد في البلديات، أصبحت تحتج على عدم نيلها رئاسة الجمهورية، الذي يعتبر في نظرها منصبا عاديا يجب الوصول إليه بكل الطرق، وهو ما يعكس غياب التكوين السياسي وانتهاجها لطرق شعبوية غرضها الإثارة فقط، من أجل تحميل الرأي العام على السلطة وتحريك بعض وسائل الإعلام التي لم تتعض من حصل إليها في انتخابات 2004 . وبالعودة إلى ردود أفعال هولاء نتأكد من غرابة المشهد السياسي في بلادنا فهؤلاء المترشحين الذين لم يجمعوا أكثر من 200 ألف توقيع، احتجوا على النسب التي تحصلوا عليها وكأن حصولهم على مليون صوت، كان سيغير الانتخابات في شيء وعليه فالتحجج بضعف الأصوات التي تحصلوا عليها أمر لا أساس له من الصحة والاتهامات التي قدموها لا تستند لأي معيار علمي أو منطقي، ولو فعلوا ذلك في الانتخابات التشريعية لكان الأمر مقبول، غير أن فشل بعض المترشحين في نيل مقعد بالبرلمان أخجلهم من طلق ادعاءات ويفعلونها اليوم في الرئاسيات رغبة منهم في تحميل السلطة نتائج فشلهم. وحتى الذين دخلوا البرلمان قبلوا بنتائج التشريعيات خوفا من ضياع الأجور والامتيازات التي يمنحها منصب نائب، ولوا كانوا فعلا يؤمنون بان النتائج مزورة لإستقالوا من مناصبهم، لكن هيهات، فالتشكيلات السياسية في الجزائر التي لا تبحث إلا عن الريع والتخفي وراء انتقادات السلطة واستغلال المناسبات لإثارة المشاكل واستغلال بعض وسائل الإعلام لتحميل الرأي العام الوطني والعالمي ضد السلطة لضمان استمرارها من خلال إظهار نفسها بأنها معارضة للسلطة. أخذوا أموال الحملة وإستغلوا وسائل إعلام عمومية ويريدون تحميل السلطة مسؤولية الإخفاق وما يدعو للتعجب من سلوك هؤلاء هو أنهم كانوا متيقنين من الخسارة، وكانوا يحضرون هجوما معاكسا ضد السلطة بإيعاز من بعض الأطراف التي تحاول استغلال العلاقات الدولية لمحاولة جر الجزائر إلى واقع مثل كينيا وزيمبابوي لإجبار السلطة على تقاسم السلطة مع المعارضة. ويذكر أن الذين يحاولون ترهيب السلطة بالتدخل الخارجي، قد قبلوا أخذ أموال الحملة من الخزينة العمومية وقبلوا استغلال وسائل الإعلام العمومية لتمرير برامجهم ولكنهم يحملون كل ما هو عمومي مسؤولية إخفاقاتهم المتوقعة منذ مدة وكان من الأجدر أن يرفضوا تمويل حملنهم من الخزينة العمومية كما كان عليهم أن ينسحبوا بعد التحفظات التي أبدوها بشأن عمل بعض وسائل الإعلام وانحيازها على حد قولهم لكن أن يتخطون كل هذه الخطوات ويتحدثون عن التزوير فهذا أمر غير مقبول ديمقراطيا لأن المعارضة في الجزائر كانت دائما تعارض من اجل المعارضة دون برامج واضحة وهو ما جعل النشاط السياسي في الجزائر يقبع مكانه وما يحدث في الانتخابات التشريعية والمحلية من تدني في نسب الأصوات إلا دليل على ضعف التأطير والتكوين السياسي في بلادنا. وبعد كل هذه الخرجات الغريبة وغير المسؤولة من خلال اللجوء للخارج للتحامل على الداخل يجب أن تكون هناك قرارات صارمة لغلق الطريق أمام سلوكات أخرى قد تدعو مباشرة للتدخل العسكري إذا ما استمرت الأوضاع على ما هي عليه، وبالتالي فالداعين لتطهير الساحة السياسية من أشباه الأحزاب محقة لأن بقائها أصبح خطرا على الممارسة الديمقراطية في الجزائر. بعض وسائل الإعلام تواصل تضليلها وتواطئها مع الخارج واستغلت بعض وسائل الإعلام الوطنية فرصة نتائج الانتخابات الرئاسية لمواصلة عملها على التحامل على البلاد من خلال استغلال تصريحات أشباه المعارضين الذين لولا انتقادهم للسلطة لما نقلت تلك الجرائد صورهم وأحاديثهم وهم يعتقدون من خلال وجودهم في الصفحات الأولى للجرائد وأخذ الغرب بانتقاداتهم، أنهم يحسنون صنعا والتاريخ سيحكم على ما يفعلون لأنهم لا ينظرون بعيدا ويحاولون العيش بإمكانيات الدولة والقيام بالمعارضة على النهج الخارجي، وهو ما يفضح سلوكاتهم الشاذة التي تعتبر خطرا على السيادة الوطنية إذا ما استمرت في معاملتها التي يقولون بأنها معارضة. ويعود بالتالي ما حدث في الانتخابات الرئاسية لسنة 2004 حيث تلقت بعض وسائل الإعلام ضربة موجعة بعد فشلها في تكوين رأي عام وطني ودولي حول مترشح معين غير أن النتائج أثبتت المؤامرة وأصبح الجميع يتهكم على حرية التعبير والصحافة التي حاولت تضليل الرأي العام الذي كان ناضجا وحرا في تجسيد اختياره.