ردا على ما تناولته بعض وسائل الإعلام بكثير من المبالغة وعدم الدقة، بل وبالمغالطة أحيانا في موضوع تكفل الهيئات والمؤسسات الجزائرية المختصة بملف الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، نؤكد أولا بأن هذا الملف يدخل ضمن التزامات الجزائر الدولية، وهو أمر غير مطروح وليس من طبيعته أن يطرح أبداً على مستوى العلاقات الثنائية الجزائرية مع أي بلد عربي أو غيره. إن الجزائر التي تبوأت منذ البداية، الريادة في التصدي للإرهاب ومكافحته، واصلت جهودها على المستوى الدولي لبناء منظومة قانونية للحدّ من انتشار هذه الظاهرة، وكان من الطبيعي أن تكون سبّاقة ضمن مجموعة مشكلة من 36 دولة مهمتها السعي لتضييق الخناق على الإرهاب والإرهابيين من خلال تجفيف منابع تمويله. كل ما في الأمر، أن التوصيات المتفق عليها ضمن هذه المجموعة تنص ضمن ما تنص عليه، على وضع إطار قانوني وتنظيمي وطني في كل بلد يتماشى مع متطلبات التصدي الناجح لكل ما من شأنه أن يشكل ثغرة يمكن للإرهابيين استغلالها للحصول على مصادر تمويل لأعمالهم الإجرامية. ونظرا للمتغيرات الحاصلة باستمرار في الأساليب المستعملة من طرف المجموعات الإرهابية، فإن تكييف المنظومات القانونية الوطنية مع التوصيات الدولية أمر يطرح باطّراد، ومن هنا فإن أي بلد يمكن له أن يجد نفسه ضمن "المنطقة الرمادية" إذا تأخر، لأي سبب من الأسباب، في أخذ التدابير الموصى بها في حينها. وفيما يتعلق بالجزائر، فإن ترسانة من القوانين والتنظيمات تم اعتمادها بدءاً من القانون رقم 05 01 المؤرخ في 06 فيفري 2005 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، ونهاية بالقانون رقم 15 06 المؤرخ في 15 فيفري 2015 والمتضمن إدراج بعض القواعد المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية وقرارات مجلس الأمن والمرسوم التنفيذي الصادر في 12 ماي 2015 المتعلق بإجراءات حجز و/ أو تجميد الأموال في إطار الوقاية من تمويل الإرهاب ومكافحته. هذه الترسانة تحين الإطار القانوني للجزائر مع المتطلبات الدولية بما يتيح خروج الجزائر من "المنطقة الرمادية" بعد التقييم من طرف النظراء المقرر في الاجتماع القادم لمجموعة العمل المالي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ومهما يكن من أمر، فإن التقييم يتم عبر معايير تقنية بحتة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقبل أية تأويلات من شأنها إخراج الملف عن إطاره وتحميله مزايدات لا تمت للموضوع بصلة.