في دوالا، العاصمة الاقتصادية الكاميرونية، ترتفع أيادي المسلمين عاليا، كل ليلة عند أداء الفرائض في شهر رمضان، مبتهلة إلى الله من أجل القضاء نهائيا على جماعة «بوكو حرام» الناشطة في منطقة أقصى الشمال، وحفظهم من ممارساتها. ففي خضمّ السياق الأمني المتوتر الذي تشهده المناطق المجاورة لنيجيريا معقل المجموعة المسلّحة، ووسط مخاوف من توسّع نشاط هذا التنظيم إلى بقية المناطق، طغت الدعوات إلى «زرع السلام»، و»التصدّي لبوكو حرام والجريمة»، و»محبّة الآخرين كمحبة النفس»، بغض النظر عن الانتماء الديني، على خطب الأئمة في مساجد دوالا الواقعة في الساحل الكاميروني. إدريس موليه شاب كاميروني من دوالا.. كان يجلس قبالة المسجد الصغير في «نيو بيل»، أحد أحياء المسلمين في المدينة، مرهفا السمع لخطبة الإمام في الداخل، وأصابعه تعدّ حبات المسبحة البيضاء، وهي تنساب مسترسلة، وشفتاه تمتم تسبيحا واستغفارا. موليه قال «إنه في انتظار صلاة العصر، ليدعو الله وكما في كلّ مرّة « من أجل الكاميرون، من أجل أن يعمّ السلام.. أدعو الله أن يمكننا من القضاء على جميع عناصر بوكو حرام، وأدعو أيضا أن يحفظ إخوتي وأخواتي في أقصى الشمال من هؤلاء»، مشيرا إلى أنّ حلمه يكمن في أن «ينعم الكاميرون بسلام دائم، دون بوكو حرام وغيرها من المجموعات الإرهابية». أمّا في المسجد المركزي بدوالا، فيستمع المسلمون إلى خطبة الإمام، قبل أن يقيموا حلقات للنقاش حول تعاليم الدين. وعن ذلك، يقول إمام هذا المسجد، أبوبكر لابارانغ، في حديثه، إنّ الرسالة التي يبثها المسجد المركزي بدوالا بمناسبة شهر رمضان الإسلامي، هي رسالة سلام وتآزر، وهذا الشهر الكريم ينبغي أن يشكّل، بالنسبة لنا، مصدرا وحافزا على السموّ الروحي»، مؤكّدا أن كلّ مسلم صائم ينبغي أن يكون هدفه التقوى، لأنّ المؤمن هو من تحلّى بالقيم الأخلاقية والمعنوية الرفيعة. «نحن نعيش في عالم مضطرب»، يتابع الإمام، «نعيش في عالم يشهد تحولات في الأفكار، والإسلام لم ينج من المتشدّدين الذين يروّجون لأفكار سلبية عنه. ولذلك فرمضان يعتبر مدرسة بالنسبة للمسلم الذي يتلقى التعاليم الأخلاقية والروحية من خلال السلام والحب والكرم والمشاركة». وبالنسبة للشيخ إبراهيم مبارك مبومبو المنسق الوطني للاتحاد الإسلامي الكاميروني فإنّ تمكّن المسلمون خلال شهر رمضان من الامتناع عن الأكل والشرب والمحافظة على لياقتهم طوال اليوم فهذا يعني أنهم قادرون على بذل الجهد ذاته تخليدا للسلام والاستقرار والاحترام المتبادل في الكاميرون. وأضاف مبومبو أنّ مسلمي الكاميرون يمتلكون جميع الوسائل للتفوّق وذلك من خلال مساهمتهم الفعالة في الحرب ضدّ الإرهاب، مشيرا إلى أنّ عدد المسلمين في دوالا يتجاوز المليونين ويناهز الخمسة ملايين في جميع أنحاء البلاد وفقا لبيانات حديثة. وخارج أوقات الصلاة يلجأ الأئمة إلى سبل أخرى خلال الشهر الكريم لتوعية المسلمين المتوافدين على حوالي 50 مسجدا تعدّها المدينة بحسب المصدر نفسه. /الوكالات