يبدو أن لبنان الذي يعيش مند أزيد من سنة بدون رئيس، مقبل على أزمة أخرى قد تعمّق التجاذبات والخلافات السياسية التي رهنت وضعه الامني ووضعته على حافة الانفجار، خاصة وهو يعاني مند أربعة أعوام من تداعيات الوضع الكارثي في الجارة سوريا. المفارقة العجيبة، أن بلاد الكرز الصغير لا يعجزعن إيجاد و ابتكار أسباب التوترالتي قد تكون مجرّد مشكلة بسيطة كمشكلة تراكم النفايات التي تهزّ مند أيام لبنان، وأدخلته مند أمس الأوّل في حالة من التيهان الأمني والتصعيد السياسي الخطير، بعد أن تحوّلت مظاهرات مطالبة برفع القمامة التي غرقت فيها البلاد إلى مواجهات مع قوات الأمن خلفت العديد من المصابين، وتحوّل المطلب الشعبي المشروع بتنظيف الشوارع إلى دعوة رئيس الحكومة تمام سلام بالاستقالة رغم أنه هو الذي يقود السفينة اللبنانية التي وجدت نفسها بدون ربّان. وإدراكا منه بأن الأزمة تتجاوز قضية النفايات، أطلق تمام سلام أمس صرخة بوجه السياسيين المتنافسين في البلاد قائلا إنه لن يكون شريكا في انهيار الدولة ملوحا مجددا بالاستقالة إن لم تنجح جلسة الحكومة الخميس المقبل في التعامل مع أزمة النفايات. وأكد سلام على محاسبة كل مسؤول عن إطلاق النار في المظاهرات التي وقعت بين الأمن اللبناني ومتظاهري النفايات السبت، وقال إن في لبنان نفايات سياسية، مؤكدا على حق اللبنانيين في التعبير عن آلامهم بأي طريقة، مقرا في الوقت نفسه بعجز حكومته عن إيجاد حلول عجائبية أو سحرية. من جهته قال وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق إنّه ضد إطلاق النار تحت أي ذريعة، وإنه طلب من القوى الأمنية عدم إطلاق النار على المتظاهرين. وقال سلام في مؤتمر صحافي «ما حصل السبت لا يمكن لاحد ان يهرب من تحمل مسؤوليته، وخصوصا ما يتعلق باستعمال القوة المفرطة مع هيئات المجتمع المدني» مضيفا «لن يمر الحدث بدون محاسبة ) وكل مسؤول سيحاسب وأنا من موقعي لا أغطي أحدا». وكان الالاف بينهم نساء واطفال تجمعوا بعد ظهر السبت في ساحة رياض الصلح القريبة من مقري مجلس النواب والحكومة بشكل سلمي تلبية لدعوة تجمع «طلعت ريحتكم» الذي يضم ناشطين في المجتمع المدني احتجاجا على عجز الحكومة عن إيجاد حل لأزمة النفايات المنزلية التي تغرق فيها شوارع بيروت ومنطقة جبل لبنان. ولدى محاولة مجموعة من المعتصمين التقدم لرفع شريط شائك وضعته القوى الأمنية، حدثت حالة تدافع بين الجانبين قبل ان يقدم عناصر الأمن على ضرب المعتصمين بالعصي واطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص لتفريق المتظاهرين، ما تسبب بوقوع جرحى في صفوف المدنيين. القشة التي قصمت ظهر البعير وتتولى حكومة سلام المكونة من ممثلين لغالبية القوى السياسية بموجب الدستور صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل فشل البرلمان في انتخاب رئيس للبلاد منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في 25 ماي الماضي. لكن جلسات مجلس الوزراء الأخيرة تشهد توترا بسبب خلاف حاد بين القوى السياسية على جملة ملفات حياتية سياسية وأمنية وكيفية تقاسم الحصص ما بينها. واعتبر سلام ان المشكلة ليست في ازمة النفايات فحسب بل في الانقسام الذي يعطل اتخاذ القرارات على طاولة عمل مجلس الوزراء في غياب ممارسة السلطة التشريعية لدورها في المساءلة. وقال «قصة النفايات هي القشة التي قصمت ظهر البعير لكن القصة اكبر بكثير وهي قصة النفايات السياسية في البلد والتي تلبسها كل المرجعيات والقوى السياسة». ومعلوم أن الاحتجاجات التي يشهدها لبنان تحت عنوان «تجمع طلعت ريحتكم» - في إشارة إلى روائح الفساد التي باتت تفوح في العديد من المجالات والملفات - توسعت من احتجاجات على تراكم النفايات إلى حركة شملت العديد من القضايا والخدمات مثل الكهرباء والأجور، هذه الأخيرة التي قال عنها تمام سلام «إننا مقبلون في الشهر المقبل في ظل غياب القرارات على إيقاف قسم كبير من رواتب العاملين والموظفين في الدولة وفي القطاع العام»، و ارجع السبب الى غياب قدرة مجلس الوزراء على اتخاذ القرارات اللازمة. وأضاف «هل تعرفون أننا مقبلون على وضع مالي في ظل عدم استطاعتنا على إصدار سندات وعلى خدمة ديننا، وقد يذهب بلبنان إلى تصنيفه من الدول الفاشلة؟