تحولت المظاهرات السلمية المطالبة بحل أزمة النفايات بطريقة آمنة ببيروت إلى المطالبة بإسقاط الحكومة وحل مجلس النواب والدعوة إلى انتخابات وفق قانون انتخابي عادل، كما تحوّل إلى اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين والقوى الأمنية عندما حاولت الأخيرة فض الاعتصام بالقوة ... واستمرت الاشتباكات أكثر من ساعتين، استخدمت فيها القوى الأمنية خراطيم المياه والقنابل المدمعة والرصاص المطاطي، كما أطلقت عناصر الرصاص الحي في الهواء الطلق. لكن المتظاهرين -الذين ملؤوا ساحة رياض الصلح والشوارع المحيطة- نجحوا في جر القوى الأمنية إلى عملية كر وفر، وأظهروا إصرارا في وجه "عنف السلطة" كما وصفوه، فعادوا إلى الساحة وانضمت إليهم أعداد جديدة. وأدت الاشتباكات إلى وقوع أكثر من مئة إصابة بين العسكريين والمتظاهرين الذي رشقوا القوى الأمنية بالحجارة وعبوات المياه، كما أوقفت القوى الأمنية عددا من الناشطين قبل أن تعلن لاحقا الإفراج عنهم. وقبل بدء الاشتباكات، رفع المتظاهرون شعارات ضد السلطة الحاكمة واتهموها بالإهمال والتواطؤ في معالجة الملفات التي "تفوح منها روائح الفساد"، حسب وصفهم. ودعا هؤلاء الى إسقاط النظام ومحاسبة المسؤولين عن الفساد. وقال أحد منظمي "تجمع طلعت ريحتكم" الناشط طارق الملاح إنه لم يكن من المفترض أن يصل الأمر إلى ما وصل إليه، خاصة أنها مظاهرة سلمية تتكرر كل عدة أيام، لكن استخدام القوى الأمنية العنف ضد المتظاهرين أوصل إلى قرار بالبقاء في الساحة حتى محاسبة المسؤولين الذين أعطوا الأوامر بإطلاق النار. وكان المتظاهرون قاموا بعد هدوء الاشتباكات بنصب خيمتين رمزيتين في ساحة رياض الصلح للدلالة على أنهم باقون في الاعتصام حتى تحقيق مطالبهم. وأشار الملاح -الذي اعتقل في المرة السابقة- في حديث للجزيرة نت إلى أن الموجودين في المظاهرة هم من قرروا رفع سقف المطالب إلى إسقاط النظام، وهو الأمر الذي لم يكن في الأساس مطلب "تجمع طلعت ريحتكم"، لكنه أصبح يتبناه الآن. وحمّل الملاح وزير الداخلية نهاد المشنوق المسؤولية، وقال إنه يقضي إجازة خارج لبنان، "بينما نتعرض للضرب، وعلى رئيس الحكومة تمام سلام المسؤولية، الذي عليه أن يستقيل بعد هذا الحادث". من جهته، قال مراد -الذي أتى من طرابلس للمشاركة في التحرك- للجزيرة نت إن النفايات واحدة من الأهداف التي أتى من أجلها، لكنه لا يريد الخروج من الساحة قبل استقالة الحكومة والدعوة لانتخابات نيابية على أساس قانون انتخابي عادل. القوى الأمنية اتهمت -من جهتها- المتظاهرين باستخدام العنف ضدها، مما دفعها إلى الرد بالمثل، وتطور الأمر إلى اشتباكات، وأبدى عدد من عناصر الأمن الموجودين في ساحة الاشتباكات أسفهم لما آلت إليه الأمور. وبينما يعقد رئيس الحكومة مؤتمرا صحفيا اليوم الأحد لتوضيح ما جرى، أكد وزير الداخلية الموجود خارج لبنان أنه طلب وقف إطلاق النار بشكل نهائي فور سماعه الخبر، مشيرا إلى أن كل من أعطى الأوامر بإطلاق النار ستتم محاسبته. من جهته، شجب رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط تصرفات القوى الأمنية تجاه المتظاهرين، ودعا إلى استقالة وزير الداخلية.