يحتل التصدير خارج قطاع المحروقات صدارة الاهتمام على اعتبار انه مؤشر يعكس مدى تطور سقف النمو وصحة أداء النسيج المؤسساتي، فيما يؤدي اقتحام الأسواق الخارجية وفرض تنافسية المنتجات الى بناء اقتصاد ناشئ قائم على تقليص نفقات الاستيراد ويخلق الثروة ويوفر إيرادات جديدة من العملة الصعبة. وتتوفر الجزائر على قدرات كبيرة في مجال التصدير وجذب العملة الصعبة خاصة في الفلاحة والسياحة وتتأهب بالموازاة لبناء قاعدة صناعية تقوم على نسيج مكثف من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تمثل فيها الصناعة الالكترونية وتكنولوجيات الإعلام والاتصال قاطرة النمو. من الحلول التي تدرك الجزائر أنها ستسرع وتيرة نموها وترفع من أدائها الاقتصادي الرفع من سقف صادراتها وتوسيع حجم المستهلكين خارج الأسواق الوطنية، مما يتطلب حتما تأهيل المنتوج ثم تسهيل عملية تسويقه بالخارج خاصة أن الجزائر تتوسط أسواقا مهمة منها المغاربية والعربية والإفريقية، ويمكن حتى لمنتوجها الفلاحي والسياحي الولوج إلى أوروبا.. وتحتاج المرحلة الراهنة لإيلاء أهمية بالمؤسسة والابتكار والتصدير كون الأفق واعد بالنظر إلى القدرات المادية التي تنتظر الاستغلال وكذا البشرية التي تحتاج إلى التكوين والتأهيل والتوجيه. ولعلّ بناء الجامعات وتوسيع نطاق التعليم من حيث الهياكل البيداغوجية أسفر عن وفرة طاقات بشرية هائلة تحتاج إلى التأهيل والاستعمال الجيد من خلال استيعابها في العديد من القطاعات حتى يتسنى تحقيق التنوع الاقتصادي المنشود، والذي يشكل رهان المعركة التنموية. لكن ذلك يتحقق فقط بتوسيع نسيج المؤسسات الصغيرة وتشجيع الشباب الموهوب والحامل للأفكار المتميزة على اقتحام عالم الاستثمار، وبالموازاة يتطلب الأمر تدفق سريع ومرن للقروض من أجل تقوية الاستثمار وتحسين أكثر لمناخ الأعمال مع دعم المقاولة لتأسيس فعلي للشراكة الاقتصادية والصناعية محليا أو مع المتعاملين الأجانب حتى ينجح مسار ترقية الاستثمار المنتج للثروة والمنشئ لفرص الشغل الدائمة. في هذا الإطار، تصّب جهود الدولة في هذا الظرف في تهيئة كافة الظروف والشروط من أجل بناء اقتصاد متنوع تمثل فيه الفلاحة ثروة حيوية مازالت مواردها غير مستغلة بالشكل المطلوب، من أجل تغطية الطلب الغذائي الداخلي والتوجه نحو التصدير. ولعل رهان تسريع مسار الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية -على حد سواء- يتطلب الجدية والصرامة في ترقية اقتصاد تنافسي بإقحام الكفاءات. تشير الإحصائيات الجمركية الى تراجع سقف الواردات حيث بدأ تراجع هاجس الارتفاع الصاروخي للواردات، منذ شهر ماي الفارط، بسبب تهاوي أسعار النفط والشروع في ترشيد النفقات وتشجيع استهلاك المنتجات المصنعة محليا، فانخفاض استيراد المنتجات الغذائية بنسبة 3.30 بالمائة إلى جانب تسجيل تراجع يقدر ب 26.79 بالمائة فيما يتعلق بالسلع الاستهلاكية غيرالغذائية، وحتى الواردات، المواد الموجهة للإنتاج شهدت تقليصا لا يقل عن21.37 بالمائة و18.24 بالمائة بخصوص مواد للتجهيز. وتحتل صدارة الواردات الأجهزة الالكترونية ثم السيارات. ومع كل ذلك، فإن الفاتورة مرشحة إلى الانخفاض ومن الضروري أن تسجل المزيد من التراجع المحسوس في ظل اضطراب أسواق النفط وتقلب أسعار برميل البترول. وبخصوص الصادرات خارج قطاع المحروقات عرفت انتعاشا محتشما لا يرتقي إلى ما تتمتع به البلاد من قدرات وإمكانيات مادية وبشرية وطبيعية خام مازالت غير مستغلة، ويتوقع أن يصل معدل النمو بالنسبة للصادرات خارج قطاع المحروقات إلى 7 بالمائة هذا العام مقارنة ب 3 بالمائة سجلت في 2014 إذا حافظ النمو على وتيرته لتصل نهاية السنة حوالي 2 مليار دولار. علما أنه يتم تصدير النفايات الحديدية والزيوت والتمور والخمور التي بلغت قيمة صادراتها 600 مليون دولار سنويا. ويبقى الامل معلقا أيضا على السياحة لإشراكها في هذا المسعى وتحتاج الى نهضة حقيقية للاستفادة من ثرواتها الهائلة.