إرتأت قيادة الدرك الوطني في سابقة هي الأولى من نوعها أن تفتح ملف خاص بأحدث أسلحتها وأشدها فاعلية، وأن تزيل الستار عن أحد المواضيع الذي لازال الى حد الآن يصنف في الخانة السرية للغاية، بحيث كان الشرف عناصر هذه الفصائل منذ انشائها مطلع سنة .2007 بعد التطور الخطير الذي شهدته أشكال الإجرام في بلادنا لاسيما بعد العشرية السوداء التي مرت بها الجزائر خلال التسعينيات، حيث واجهت مختلف أجهزة الأمن في ظل هذه المرحلة الصعبة حرب العصابات التي كانت تشنها الجماعات الإرهابية عبر مختلف ربوع الوطن، مما ساعد على بروز تنظيمات اجرامية في شكل عصابات أشرار لا تقل خطورة عن الأولى، والتي باتت تهدد أمن المواطن وسلامته، فلقد كان من الضروري التفكير في إنشاء وحدات أمنية ذات قدرات ومؤهلات عالية تمكنها من التصدي للزحف الاجرامي وإستأصال ضلوعه مهما كانت الظروف ومهما تعددت السيناريوهات التي ستواجهها على أرض الواقع. وأصبح هذه المسعى أكثر من ضرورة وتجسيده حتمية لا مجال فيها للنقاش بعد خطاب فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الذي ألقاه أمام القضاة بمناسبة افتتاح السنة القضائية 2005 ,2006 حيث أبرز القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني مدى خطورة تصاعد الاعمال الاجرامية في الجزائر، داعيا الى ڤالتعبئةڤ لمكافحتها باعتبارها إحدى الانشغالات الكبيرة التي يجب التكفل بها من أجل ضمان راحة المواطنين وأمن الأشخاص وممتلكاتهم. وأمام ذلك الواقع المرير كانت الحاجة أكثر إلحاحا إلى إنشاء مجموعة من الأفراد، مدربين على جميع أنشطة القتال تدريبا رفيع المستوى يؤهلهم للقيام بمهام وواجبات تتطلب حجما أكبر بكثير من الفرق والوحدات العادية، ويمكنها العمل في جميع الظروف الجوية والجغرافية الموجودة في مسرح العمليات بكفاءة وبدون حدوث أي تقصير في المهام المحددة. من جهتها، راهنت قيادة الدرك الوطني -بصفتها أحد الأطراف المعنية بصورة مباشرة على ضمان الأمن والاستقرار- على العنصر البشري الذي يبقى مهما تطورت المهمة عاملا أساسيا، إن لم نقل عامل الحسم في نجاح العملية أو المهام الموكلة إليه، من منطلق أن الجيوش مهما كدست من معدات حديثة، فإنها لن تتمكن من الاستغناء عن رجل واحد شجاع قادر على مواجهة العدو وجها لوجه وقادر على أن يفعل بيديه ورجليه العاريتين ما قد يفعله عشرة رجال مدججين بالسلاح، وهو ما أدى الى نشأة ڤفصائل الأمن والتدخلڤ الذين يعتبرون حاليا رأس حربة سلاح الدرك الوطني، بالنظر إلى طبيعة التربص الذي يتلقاه عناصرها والذي يتضمن تدريبات عالية في فنون القتال الكوري، فضلا عن تدريب خاص بمحاربة الإرهاب وعلى وجه الخصوص التنظيمات الإجرامية، حيث يتدربون على رياضة قتالية شاقة، تعتمد على الأسلحة البيضاء وقتال العدو بدون سلاح. شباب في مقتبل العمر..يعشقون روح المغامرة والإثارة.. إنهم النخبة من بين خيرة أبناء هذا الوطن المفدى، عينة من الجيش الشعبي الوطني سلالة جيش التحرير، فئة سبلوا أنفسهم للدفاع عن أسمى مقومات ورموز الدولة الجزائرية، ليبقى علم الجزائر يرفرف عاليا فوق كل جبهة في كل زمان ومكان، شباب في مقتبل العمر لا يتعدى سنهم ال 28 سنة، يعشقون روح المغامرة والاثارة، لم يدعوا فراغا يغمره التعب والعناء، همهم الوحيد الحرص على أمن المواطن وسلامة ممتلكاته عبر كامل التراب الوطني، ميزتهم سرعة التأقلم مع أشد الأوضاع وأصعب المراحل، إنهم بصورة مختصرة وبعبارة قصيرة ڤأفراد وعناصر فصائل الأمن والتدخلڤ التابعين لسلاح قيادة الدرك الوطني، وحسب مصادر عليمة وجد مقربة تسهر على تدريب وتكوين هذه الفئة، فإن أول فرقة عملية دخلت ميدان القتال تخرجت مع مطلع سنة ,2007 حيث أوكلت لها مهمة مواجهة كل أشكال الجريمة وأخطرها، من خلال القضاء التدريجي على العناصر الإجرامية وتمشيط الأماكن المشبوهة باحتضان أوكار الفساد والجريمة. وفي ذات السياق، أوضح العقيد عبد الرحمن أيوب رئيس خلية الاتصال على مستوى قيادة الدرك الوطني، أن هؤلاء الأفراد بعد تدريبهم على تحمل شتى أنواع الضغط والصعاب، يتم إرسالهم إلى الأقاليم الولائية في شكل وحدات تابعة إلى المجموعات الولائية للدرك الوطني ويخضعون مباشرة لأوامر قائدها ويبقون على اتصال مستمر مع مركز العمليات، بحيث توكل إليهم مهمة السهر على مكافحة الفساد والقضاء على النواة الصلبة للإجرام بالموازاة مع مهام باقي الوحدات، وأضاف المتحدث إنه إلى حد الآن تم تغطية كامل ولايات الوطن باستثناء ولايتي تندوف وتمنراست اللتان ستستفيدان بدورهما من خدمات وحدات الأمن والتدخل في المستقبل القريب، بحيث تم إلى حد الساعة تكوين ما لا يقل عن 1500 عون من عناصر الفصائل الخاصة، وهم موزعين عبر مختلف ولايات الوطن وبأعداد متفاوتة تتناسب وحجم خطورة الإجرام بالمنطقة على غرار المدن والولايات الكبرى والعواصم الجهوية، أين يخضعون لتكوين متواصل ورسكلة مستمرة على مستوى الوحدات الانتمائية. زيارتنا الميدانية إلى موقع تدريب الوحدات الخاصة بالأمن والتدخل، كانت بداية من بوشاوي، أين كان في استضافتنا أحد الإطارات المشرفة على تدريب هذه الفصائل، لنحضر واحد من سيناريوهات المهام الموكلة لعناصرڤ أل أس أس أيڤ والمتمثلة في نصب حاجز أمني خاص لترصد سيارة مشبوهة تنقل أشخاص محل بحث من قبل السلطات القضائية والأمنية، بحيث يتم الشروع فور الوصول إلى عين المكان بتطويق المنطقة بطريقة جد خاصة يحمي فيها كل فرد زميله من الناحية الخلفية في شكل متكامل، كما يتم بالإضافة إلى ذلك ركن سيارة الدرك على مدخل ومخرج المنطقة المحصورة بكيفية تسهل تدخلها وتحركها في أي لحظة قد تتدهور فيها وضعية العناصر أو تستدعي وصول الدعم، وبمجرد وصول المعني يتم إجباره على التوقف والخضوع لتعليمات الدركيين. أما السيناريو الثاني، فقد احتضنته غابة باينام، وتضمن عملية تحرير الرهائن واقتحام منزل تشغله جماعة إجرامية، أين تستدعي الضرورة في الوهلة الأولى تطويق المكان ومن ثم التأكد من سلامة المحيط مع الاقتراب الجزئي من المنزل المشبوه، أين تنقسم الوحدة إلى مجموعتين الأولى تشرف على مراقبة المداخل المؤدية إلى المنزل، في حين تتولى الفرقة الثانية مهمة الاقتحام، التي تشنها بقذائف مسيلة للدموع تتبعها باختراق سريع ومكثف لجميع الحواجز، تتخللها عملية توقيف المتهمين وتحرير الرهائن. ترويض للنفس على تحمل المشاق.. إن مستوى التحمل الذي يكاد يكون غير إنساني ما كان ليبلغه أفراد الفريق لولا مستوى التدريب الشاق والعالي جدا الذي دأبوا عليه من مطلع الشمس حتى غروبها ومن اطلالة كل شمس تنتظر الفريق ساعات طوال من التمارين القاسية والخطيرة تبدأ بالعدو، إذ يقطع أعضاء الفريق كل يوم مسافات طويلة جريا ليمارسوا تدريبهم إما في الهواء الطلق أو الغابات حيث تتوفر الحواجز والكمائن الطبيعية التي تجعل المكان يشبه ميدان معركة حقيقية، فطبيعة التكوين الذي يخضعون له يمزج فيه الجهد الجسدي الكبير والشاق مع التركيز الذهني الشديد الذي يطوع الجسم ويجعله يتحمل أقصى التجارب وأكثرها إيلاما وفي أسوء الظروف، فكلما زادت قدرته على التحمل من جهة زادت قدرته في توجيه الضربات القاضية من جهة أخرى. عنصرڤأل أس أس أي ڤ بإمكانه كسر الآجر والزجاج برأسه ويديه العاريتين وقدميه الحافيتين وقد تسيل الدماء ولكن الرجل يتجاوز مرحلة الألم بكل بساطة، وفي وسعه التصدي لضربات العصي على ظهره وعلى رجليه التي قد تنكسر الواحدة تلو الأخرى كأعواد الثقاب من دون أن يحرك هو ساكنا، إن على فرد فصيلة الأمن والتدخل أن يكون مقاتلا كاملا سواء أكان أعزلا أو حاملا للسلاح الذي عليه أن يتقن استعماله في كل الوضعيات ويرمي به بدقة متناهية على أهداف ثابتة أو متحركة قد يصعب على العين المجردة رؤيتها بوضوح أحيانا وفي أصعب الوضعيات وأسوئها، فالتدريب يجمع عدة رياضات في رياضة واحدة فهي تمزج بين الكاراتي والقتال المتلاحم والجمباز وحمل الأثقال وحتى رياضة اليوڤا التي تسمح للمقاتل التحكم التام في أعضائه وحواسه. وقد صُمم التدريب الذي يتلقاه عناصر فصائل الأمن والتدخل السريع، خصيصا ليجعل الفرد قادرا على مواجهة أصعب الظروف والخروج منها سالما وعليه أن يتخطى بنجاح كل أنواع الحواجز من حلقات النار والاسلاك الشائكة، وصولا الى حقول الألغام دون أن يراوده الخوف عند مواجهة جماعة كاملة مسلحة بالسلاح الأبيض ولو كان أعزلا، فخفته وقدرته القتالية ستعوضه عن الجانب العددي، كما أن تركيزه الذهني وسرعة رد الفعل لديه تجنبه الوقوع فريسة سهلة لأي كمين، فمن يشاهد تمرينا من تمارين عناصر الأمن والتدخل لا يميز بين الحقيقة والخيال فيما يراه. وتجدر الإشارة إلى ظهور فرق الأمن والتدخل وقد استفادت من معدات جد متطورة في إطار عصرنة سلاح الدرك وتطويره، وتتمثل أبرزها في مؤشر لايزر معتمد من القوات الخاصة، مسدس حربي، جهاز تحفيز الذخائر عن بعد، بندقية رشاشة مع عدتها كاملة، ذخائر مخترقة، عدة كاملة للتخريب وبندقية قناصة لمسافات بعيدة وغيرها من المعدات التي من شأنها تعزيز مهام هذه القوات، بالإضافة إلى إلحاق أكبر ضرر ممكن بالعدو.