بلغ عدد حالات النساء المعنفات بولاية سيدي بلعباس، بحسب آخر الإحصائيات المستقاة من مختلف الأجهزة الأمنية والجهات الفاعلة في مجال حماية المرأة، بلغ 180 حالة، كلها لنساء وقعن ضحايا التعنيف من قبل رجال في أغلب الأحيان ينتمون للمحيط العائلي والأسري: أزواج، أشقاء وحتى آباء. وما يغذي الظاهرة أكثر ذلك الصمت الذي تتخذه المعنّفات ملاذا خوفا من الأعراف والتقاليد وغيرها من العواقب السلبية. في ذات السياق كشفت مصالح الدرك الوطني لولاية سيدي بلعباس، عن تسجيل مصالحها ل39 حالة عنف ضد النساء منذ بداية السنة وإلى غاية شهر نوفمبر الجاري، منها أربع حالات خاصة بالضرب والجرح العمدي ضد الزوجة، ست حالات متعلقة بالضرب والجرح العمدي ضد الأمهات، تسع حالات اعتداء جنسي ضد فتيات قاصرات، و12 قضية لمحاولة الفعل المخل بالحياء ضد قاصرات، بالإضافة إلى خمس حالات سب وشتم ضد الأمهات وحالتي تهديد. من جهتها فرقة حماية الطفولة والأمومة التابعة لمصالح أمن سيدي بلعباس، سجلت، خلال نفس الفترة، 83 حالة لنساء تعرضن للعنف، منها 65 حالة عنف جسدي وكذا 31 حالة عنف ممارس من قبل الأزواج، حيث يعد المحيط الأسري أكثر الأماكن التي تتعرض فيها المرأة لمختلف أنواع وأشكال العنف، بدليل أن العائلة لاتزال تعد الحامي الحقيقي لظاهرة تعنيف النساء والتي تكون سببا رئيسيا في التكتم عن ما يحدث داخلها من عنف، أين تضطر النساء المعنفات للصمت مخافة العواقب، كالعار الذي يلحق بهن في حال التبليغ عن أحد أفراد العائلة، وهو ما يجعلهن في نظر المجتمع متمردات عن الأعراف والتقاليد. للإشارة، فإن الحالات المحصاة هي كلها حالات لنساء كسّرن الصمت وقدمن بلاغات ضد مرتكبي العنف ضدهن، لكن الأرقام الحقيقية تبقى خفية خفاء الظاهرة. 30 امرأة معنّفة بديار الرحمة ودمج 55 أخرى في برامج التشغيل كشف السيد عبيد، أخصائي نفساني وإطار بمديرية النشاط الاجتماعي، على هامش اليوم الإعلامي لمكافحة العنف ضد المرأة، المنظم برئاسة جامعة الجيلالي اليابس، أن خلية الإصغاء التابعة للمديرية استقبلت 58 حالة لنساء تعرضن للعنف بمختلف أشكاله؛ جسدي، نفسي ولفظي، حيث تم توجيه 30 امرأة منهن نحو مراكز الاستقبال كديار الرحمة لولاية وهران ومستغانم بعد التأكد من أنهن يعانين من مشكل في الإيواء، في حين تم إدماج المتبقيات. عن الوضعية العائلية للمعنّفات فقد استقبلت خلية الإصغاء 26 امرأة متزوجة، 15 مطلقة، 07 أرامل و10 عازبات وهو ما يعكس حقيقة العنف الممارس من قبل الأزواج بالدرجة الأولى والمحيط الأسري عامة. أما عن الحالة الاجتماعية، فمن بين المعنفات 43 امرأة بطالة، 10 متسولات وخمس أمهات عازبات، الأمر الذي دفع المديرية للتكفل بهن من خلال إدماج 55 امرأة في برامج التشغيل الخاصة بالشبكة الاجتماعية وحتى البرامج الخاصة بحاملي الشهادات الجامعية بالنسبة للنساء الحاصلات على شهادات جامعية. كما استفادت آخريات من توصيات تم إرسالها لرؤساء الدوائر بهدف مساعدتهن للظفر بسكن اجتماعي. عنف وعنف مضاد مشهد يتكرر في معرض مداخلاتهم، أجمع الدكاترة وأخصائيو علم النفس والاجتماع، أن دراسات حديثة أثبتت أن العنف يولد حالات نفسية لدى المرأة يغلب عليها الشعور بالدونية ونقص القيمة الاجتماعية وهو ما يكون سببا رئيسيا في تغير سلوكاتها في كثير من الأحيان، أين تلجأ للانتقام من ذاتها من خلال الانتحار، الإنحراف وغيرها من الآفات الاجتماعية، أو اللجوء إلى محاولات الانتقام من الغير من خلال ممارسة الإجرام والعنف المضاد وهو ما يعكس الارتفاع المسجل في عدد النساء المتورطات في مختلف الأعمال الإجرامية، الأمر الذي يستدعى معالجة فعلية للظاهرة والحد منها من خلال التوعية والرفع من الوازع الديني، بالإضافة إلى تكريس القوانين وكذا تشجيع الجهات الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة لكسب الرهان وتمكين المرأة من قوانين تحميها وتجرم الفعل التعنيفي ضدها في كافة الأماكن وعبر كل المستويات، لكن الحل الفعلي يكمن في تأسيس ثقافة المواطنة الحقيقية التي تؤمن بتكامل تام بين الجنسين مع محاربة كل أنواع التمييز.