عيسي مسعودي، كمال عياش، محمد سعيدي، محمد فارح، مسعود روباش، مهدي لزوم، محمد شلبي، على خوازم... أقلام تركت بصماتها في سجلات جريدة «الشعب»، أجيال وأجيال تعاقبت على عميدة الجرائد، بدأوا فيها مسارهم المهني ورسموا بها مستقبلهم مرافعين عبر صفحاتها منذ أكثر من نصف قرن من نشأتها عن قضايا الأمة العربية، مدافعين عن الهوية الجزائرية، ما جعلهم أسماء لامعة في عالم الصحافة...، شخصيات غيّبها القدر لتبقى أسماء راسخة في أذهان قرائها، بعد أن تركت الأثر، ثم مضت إلى دار البقاء. اعترافا وتقديرا لتفانيهم في العمل من أجل استمرارية هذا العنوان الرمز، لا يمكن أن نحتفل بذكرى تأسيس يومية «الشعب»، التي أطفأت شمعتها 53، دون أن نقف عند ذكراهم ونترحم على أرواحهم ونستعيد فضلهم ونحيي تضحياتهم بكتابات ساهمت في إثراء مضمونها وأنارت الرأي العام بعد أن كانت الصوت المعبر عن همومه لتفقد الأسرة الإعلامية برحيلهم أقلام لطالما كتبت للجزائر وناصرت المظلومين من أجل نيل حقهم المشروع. * عيسي مسعودي الملقب «بصوت الجزائر»، شخصية غنية عن كل تعريف. ولد الإعلامي محمد عيسى مسعودي في 12 ماي 1931 في وهران من عائلة فلاحية فقيرة، تعلم اللغة العربية في المدارس القرآنية قبل أن يلتحق بالزيتونة، حيث تحصل منها على شهادة الأهلية والتحصيل، كما تعلم في مدرسة الفلاح على يد الشيخ الزموشى ثم أرسل سنة 1946 إلى معهد عبد الحميد بن باديس بقسنطينة، أين درس بها ثلاث سنوات ليتابع دراسته بعدها في جامع الزيتونة بتونس ولقد كان جده أستاذا في تونس واسمه أسامة مسعودي. التحق عيسي مسعودي بجريدة «الشعب» في بداية السبعينيات وبالضبط في ديسمبر 1970 مديرا لها خلفا لمحمد سعيدي الذي عيّ بوزارة التعليم العالي، كان صحفيا ومسيرا ومهنيا بأتم معنى الكلمة شجع الشباب على كتابة التعاليق والافتتاحيات، عطاء المجاهد الصحفي الفذ لم يتوقف عند ذلك، بل امتد ليشمل مجال الإبداع في الجريدة لتنتهي مهامه في الجريدة سنة 1972 حيث كلف بمهام أخرى حتى وافته المنية في 14 دسيمبر 1994، لتبقى أعماله خالدة في الذاكرة. * محمد سعيدي: أحد أساطين النقد والفكر المستنير لا ينطلق في حديثه من فراغ، يعي ما يقول ويملك الجرأة في طرحه... رجل من طينة الكبار، مهوس بهمّ الكتابة، ومثال في الجدية والانضباط في العمل والصبر، أدار العنوان العتيد مابين سنة 1967 و1970، سهر على إعدادها كيومية تواكب مراحل البناء الوطني، علاوة على تسييرها كمؤسسة اقتصادية ناجحة. انتقل إلى رحمة الله، الإعلامي البارز والمناضل الفذ عن عمر يناهز 80 سنة، إثر مرض عضال ألزمه الفراش لسنوات، رحل تاركا وراءه جيلا من الصحافيين الذين يواصلون رسالته ويذكرونه بافتخار. * ومن الأسماء الإعلامية التي ارتبط اسمه بالجريدة «كمال عياش»، أحد أهم القامات الإعلامية التي سجل اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ الساحة الإعلامية، كان أنموذجا للإعلامي الملتزم بقضايا وطنه وأمته، مسير كفء، إنْ في التحرير أو الإدارة، فضلا عن حضوره القوي بالجريدة وهذا بالنظر إلى الشخصية القيادية التي كان يتمتع بها حيث تقلد منصب مدير عام للجريدة في 1984 إلى 1987. يؤكد رفقاء درب الفقيد ممن تحدثت إليهم «الشعب»، أن الكاتب والصحفي كمال عياش بمثابة رجل إجماع الصحافيين، حيث كان يتابع متابعة يومية مجريات الأحداث السياسية والاقتصادية للبلاد حاملا بذلك مشروع الإصلاح الإعلامي بقلمه وكلماته الهادفة، حيث خلف وراءه بصمة إعلامية ساطعة الدلالات على المهنية والاحتراف والقرب من الجماهير والمواطنين من خلال نقل انشغالاتهم بكل صدق وموضوعية. * محمد فارح: لقب بأستاذ اللغة العربية بالجريدة، بالنظر إلى تحكمه الجيد في لغة الضاد، ساهم بمهنيته في إثراء وتصحيح الأخطاء الشائعة في استعمال اللغة العربية من خلال ركن «لغتي الجميلة»، كان يتناول فيها الأخطاء التي يقع فيها الصحفيون بطريقة ما يجب أن يكون وما يجب أن لا يكون وكان محبا لمهنته. * الصحافيون، محمد شلبي، مسعود روباش، مهدي لزوم، علي خوازم... أسماء سهرت على تقديم رسالة إعلامية هادفة وبناءة رفقة زملائهم من شهداء الواجب المهني ممن اجتهدوا للارتقاء بجريد «الشعب» الغراء التي كانت تحتل مكانة كبيرة في أوساط المجتمع الجزائري.