غادرنا ولاية برج بوعريريج بعد رحب استضافة وحسن إقامة متجهين نحو جارتها الأم ولاية ''سطيف'' العالية، وعلى عكس ما صادفناه بولاية برج بوعريريج كما جاء في الربورتاج الذي نشر مؤخرا على صفحات ''الشعب''، حيث شهد الشرق الجزائري تهاطل كميات معتبرة من الثلوج التي كست سفوح الجبال واعالي القمم، كانت هذه الاخيرة قد اخذت تتلاشى وتندثر بولاية سطيف كاشفة جمال ونظافة المنطقة الشهيرين، مسدلة بذلك الستار على اهم الانجازات التي تحتضنها الولاية والمشاريع الضخمة التي تشهد تجسيدها في المرحلة الراهنة، بما يدع القول ان سطيفالعالية تعتبر ورشة ضخمة لعدة برامج تنموية في انتظار نضج باقي المشاريع واستكمالها، والتي بات المواطن يجني ثمارها ويلمس وقعها في شتى مجالات حياته اليومية، لاسيما ما تعلق منها بفك العزلة عن طريق توسيع شبكة الطرقات وتوفير وسائل النقل، بالاضافة الى تعميم نسبة الربط بالغاز الطبيعي عبر القرى الريفية وتزويد اغلبية المدن النائية بالطاقة الكهربائية وغيرها من الانجازات الحيوية، وهو ما لم يكن ليتحقق لولا توفير الجو الملائم لترعرع المشاريع في كنف الامن واستقرار الاوضاع. فمن تطأ أقدامه عاصمة الهضاب العليا وبعد ان يجوب شوارعها الواسعة ويجول ازقتها اللامتناهية باتجاه عين الفوارة التاريخية، فلا شك انه سيسمع حتما بمواقعها الاثرية كمدينة جميلة، وحماماتها المعدنية كحمام السخنة، فضلا عن اقطابها التجارية والصناعية على غرار محلات دائرة العلمة، غير ان زيارتنا الى ولاية سطيف لم تكن لتقتصر على الجانب السياحي للمنطقة او نشاطاتها الاقتصادية، وانما اردنا من خلالها جس نبض المشاريع التنموية ومدى انعكاسها على المواطن السطايفي، قصد تحسين ظروفه المعيشية خصوصا في المناطق النائية التي تشكل صلب اهتمام السلطات الولائية التي ترعى هذه المشاريع وتسهر على تنفيذها، بحيث يكفي لؤلؤة الشرق ان الطبيعة وحدها وهبتها جميع العوامل التي تجعل منها منطقة سياحية بكل ما تتطلبه من مواصفات، ومن حق سطيف ان تتباهى بما تكتنزه من هياكل ومنشآت ومواقع سياحية تؤهلها لتكون من احسن الولايات على المستوى الوطني، ولعل الحمامات، اولاد يلس، قرقور والسخنة المعدنية وغابة بوسلام، الزنادية وجبل مقرس، جبال بوطالب، بابور والجميلة، كافي وشافي لجعل سطيف قطبا سياحيا بأتم ما تعنيه الكلمة. ''جملية'' ... من عشرية التخلف واللاإستقرار إلى النموذج في التنمية والأمن غير انه في وقت مضى ليس ببعيد، لم يكن للسطايفيين امكانية الاستمتاع بما تزخر به الولاية من ثروات تضاريسية وتحفة خلقية، ليس لنقص الامكانيات والوسائل الضرورية للتنزه والترفيه فحسب، وانما بسبب تدهور الاوضاع الامنية خلال العشرية السوداء، وتضرر المناطق الريفية والنائية التي تحوي اهم هذه المواقع من ويلات الارهاب، وهو حال دائرة جميلة الواقعة على بعد حوالي 43 كم شمال شرق ولاية سطيف، والتي شهدت انخفاض عدد الزائرين لموقعها الاثري من 15 الف و363 زائر من بينهم 8516 اجنبي سنة ,1990 الى 528 زائر من بينهم سائح واحد في قلب الازمة الامنية عام ,1995 وذلك قبل ان تعود المياه الى مجاريها بحسب شهادة سكان المنطقة، الذين يشهدون اليوم نقلة نوعية في التنمية، واستبشروا خيرا من المشاريع المستحدثة مؤخرا باعتبارها قد اعادت الى المدينة حيويتها ونشاطها المعهودين، بل واكثر حيث تشرف الاثار الرومانية لموقع جميلة على احتضان خامس طبعة من مهرجانها المعهود بحضور ألمع نجموم الطرب والفن على المستوى الوطني والعربي والدولي، الامرالذي ساهم في انتعاش جانبها السياحي من جديد لتعرف خلال سنة 2007 اقبال ما لا يقل عن 73 الف زائر، مع تسجيل ارتفاع لعدد الزوار الاجانب الذي بلغ 5140 سائح، وهو ما يعكس استقرار الاوضاع الامنية بالمنطقة، كنتيجة للجهود التي تبذلها المجموعة الولائية للدرك الوطني على مستوى الولاية بصفة عامة، وعلى وجه الخصوص الكتيبة الاقليمية للعلمة والتي تسهر على التواجد الدائم لعناصرها في ابعد نقطة حدودية تابعة لاقيم اختصاصها بصفة دائمة ومستمرة، بهدف تأمين تنقلات المواطنين الى ساعات متأخرة وتوفير الجو الملائم لانتعاش تحركاتهم ونشاطاتهم. تحسن الوضع الامني بالمنطقة تترجمه كذلك جملة المشاريع وحجم الانجازات التي استفادت منها بلديتا جميلة وبني فوادة على غرار باقي البلديات الستة التابعة لنفس الدائرة، حيث تشهد في الوقت انطلاق عدة برامج في مجالات عديدة ومختلف من شانها ان تسهم في القضاء على بعض اشكال معانات سكان المنطقة وتسهيل وتيرة التقدم التي تعيشها، ففي حين كان مصير سكان البلديتين مجهولا خلال العشرة سنوات الماضية، هاهي اليوم تجتهد في بناء نفسها وهيكلة اجهزتها من جديد، مما جعلها تحظى بزيارة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة عام 2007 والتي اشرف فيها على تدشين عدة مراكز ومنشات قاعدية على راسها العيادة الصحية المتعددة الخدمات، والتي تعتتبر مكسبا هاما للمواطنين لاسيما انهم كانوا فيما مضى ملزمين بنقل المرضى الى ''العلمة'' الامر الذي يستغرق قرابة نصف ساعة، وقد يتسبب في وفات المريض او تعقد حالته، خصوصا بعد تعرض قاعة العلاج بقرية ''شبوب'' سنة 1995 الى اعتداء ارهابي ترتب عنه سرقة كامل التجهيزات الطبية والوسائل العلاجية، وفضلا عن ذلك فقد استفادت مدينة جميلة من مركب رياضي يجمع عدة ملاعب مختلفة الانماط الى جانب مسبح نصف اولمبي يستجيب لأرقى المعايير والمقاييس المعمول بها دوليا ويعرف تقدم الاشغال به، كما تشرف المنطقة على استيلام مرقد لعزاب الامن الوطني ومقر لأمن الدائرة، اضافة الى روضة اطفال. وفي انتظار ادخال الغاز الطبيعي لربط ازيد من 4000 عائلة بكل من البلديتين السابقتين حسبما جاء في المشروع الضخم المصادق عليه والذي ستنطلق اشغاله ابتداءا من الاسبوع القادم ليرتفع معدل التغطية بهذه المادة الاساسية الى نسبة 54 بالمئة، فلقد حظت المنطقة بثانوية سابقا بالموازاة مع افتتاح الطبعة الاولى من مهرجان جميلة سنة ,2006 من اعادة تهيئة الطريق الذي يربطها بقلب العلمة حيث عكفت الولاية على تسهيل طرق التنقل وفك العزلة عن المناطق النائية، من خلال استراتيجية تعتمد اساسا على الانفتاح على باقي المناطق المجاورة واعادة تهيئة الطرقات البلدية والوطنية الهامة، ومن ثم الاسهام في انعاش اعادة الاعتبار للجانب السياحي الذي تزخر به المنطقة. الأمن والإستقرار أساس الحياة الرغدة لقاطني ''العلمة'' و''حمام السخنة'' مدينة العلمة أو''سانت آرنو'' سابقا، الواقعة على بعد 25 كيلومترا من مدينة سطيف هي ثاني أكبر مدينة من حيث عدد السكان بالولاية وبارتفاع 942 متر عن سطح البحر. وتمثل العلمة ثاني قطب اقتصادي للولاية. بالرغم من تصنيفها في الماضي كمكان زراعي حيث اشتهرت في الأصل بزراعة القمح وتربية الخرفان والأبقار وما شابه ذلك، أما اليوم فإن المدينة تتوجه نحو النشاط الاقتصادي والتجاري، مع المحافظة على عادة الزراعة، وذلك بفضل الاستقرار الذي شهدته في السنوات الأخيرة على كافة الأصعدة والذي انعكس ايجابيا على ازدهار التجارة وتقدم المشارع التنموية بها، حيث استفادت من تخصيص غلاف مالي قدر ب 4 ملايير سنتيم لترميم مسرح العلمة الذي أطلق عليه المسرح الجهوي لولاية سطيف، بعد أن تمت ترقيته مؤخرا إلى مصاف المسارح الجهوية، والذي من شأنه أن منح جرعة أوكسجين إضافية للفرق المسرحية الناشطة في هذا المجال. اما بالنسبة لمدينة حمام السخنة والتي تتربع على مساحة 160 كلم2 بحوالي 42 كلم جنوب شرق ولاية سطيف، فانها لازالت تصنف على اساس منطقة ريفية ذات طابع سياحي تعتمد على الموارد الفلاحية، ومداخيل زوار حماماتها المعدنية الاربعة، الذين يتردون على '' فنادق ومركب سياحي تحصيهم البلدية، واستفادت هذه الاخيرة من عدة مشاريع في اطار البرامج التنموي، وعلى رأسها خمسة احياء سكنية، موزعة على860 وحدة في اطار السكن الاجتماعي، و64 سكن تساهمي بالاضافة الى 450 سكن ريفي، كما استفادت مدينة حمام السخنة من عدة منشات قاعدية، على غرار مقر للحماية المدنية والحرس البلدي والامن الوطني وكذا ملعب رياضي مجهز بارضية عشبية اصطناعية من الجيل الرابع، ومركز رياضي الى جانب 9 ملاعب جوارية. وفي اطار التكفل بالشباب أوضح رئيس المجلس الشعبي البلدي لحمام السخنة السيد بودوخة صالح ان البلدية استفادت ايضا من بيت للشباب يتسع لأزيد من 50 سرير، زيادة الى غلاف مالي هام مخصص لانجاز مسبح نصف اولمبي من المنتظرتم تنطلق به الاشغال خلال الاسابيع القليلة القادمة، في حين تتوفر المنطقة على ثانوية تتسع ل 500 تلميذ واكماليتين فضلا عن مركز للتكوين المهني بطاقة بيداغوجية تقدر ب 300 مقعد تجري حاليا به الاشغال، اما بالنسبة للمحلات التجاري فقد استفادت البلدية من 150 محل تم تعيين وتوزيع 44 محل على شباب المنطقة، كما تم تشغيل ثمانية شبان في اطار مشروع الجزائرالبيضاء و180 منصب في الشبكة الاجتماعية وكذا 15 اخرين في النشاطات ذات المنفعة العامة، من جهة اخرى حظت المنطقة باهمية معتبرة من الناحية الصحية، حيث عرفت انجاز مؤسسة استشفائية جوارية تم خمسة بلديات مجاورة وثلاثة قاعات علاج، بالاضافة الى عيادة متعددة الخدمات.