نظام «أل.أم.دي» لن يلغى بل سيحسن للتكيف مع التطورات المعرفية انخراط الجامعة الجزائرية في المحيط الاقتصادي والاجتماعي حتمية ثمن وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الطاهر حجار، إنشاء مجلس أعلى للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي، وفقا لما جاء به مشروع مراجعة الدستور المصادق عليه من قبل مجلس الوزراء، وقال أن قضية البحث العلمي أصبحت حريتها مكفولة دستوريا، وليس لها أي حدود أو قيود، بالمقابل أكد، حتمية انخراط الجامعة الجزائرية في المحيط الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، وأوضح بأن خضوع نظام «أل.أم.دي» للتقييم لا يعني إلغاءه بل تحسينه وتكييفه مع التطورات المعرفية، مفيدا بأن المقاربة الجديدة للقطاع تضع الطالب في قلب الإصلاحات. أكد حجار، لدى إشرافه على افتتاح الندوة الوطنية لتقييم نظام «ليسانس، ماستر، دكتوراه» (أل.أم.دي)، أن الدستور المقبل يكرس ويضمن الحق في التعليم العمومي ومجانيته ويضمن تساوي كل المواطنين في الالتحاق بالتعليم والتكوين المهني. وأضاف حجار أن هذا الدستور «جاء ليؤكد مرة أخرى سهر الدولة وعملها على ترقية البحث العلمي وتثمينه خدمة للتنمية المستدامة للأمة». وأبرز في هذا الصدد، أن هذا المشروع تميز باقتراح استحداث مجلس وطني للبحث العلمي والتكنولوجيا وصفه ب»اللبنة الإضافية الهامة»، التي من شأنها تعزيز صرح البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في الجزائر لا سيما في الظرف الراهن الذي يستدعي «تحقيق وثبة في هذا المجال الحيوي». كما أشار حجار إلى المهام الموكلة لهذا المجلس على غرار ترقية البحث الوطني في مجال الابتكار التكنولوجي والعلمي واقتراح التدابير الكفيلة بتنمية القدرات الوطنية في هذا المجال، إلى جانب تقييم فعالية الأجهزة الوطنية المتخصصة في تثمين نتائج البحث العلمي لفائدة الاقتصاد الوطني في إطار التنمية المستدامة. من جهة أخرى، استغل حجار، المناسبة لتوضيح عدد من النقاط، أبرزها نفيه التام والمطلق لوجود أية نية في إلغاء نظام «أل.أم.دي»، وقال «الأمر لا يتعلق بإعادة النظر في هذا النظام أو الخروج منه، وما نقوم به هو الإضافة والتحسين والتكيف مع التطورات المعرفية الحاصلة على الصعيد العالمي والوطني». وتابع حجار «أل.أم.دي» نظام عالمي، وكل سياسة تعليمية تخضع للمراجعة المستمرة، ونحن نعمل على توفير كافة الوسائل البشرية والمادية للارتقاء به، مشيرا إلى أن تغيير تسمية النظام لا تعني شيئا، في حين يبقى مهما بلوغ الجودة في التعليم. وأفاد الوزير، بأن دخول الجامعة الجزائرية، ورشة الإصلاحات، كان بغرض تثمين التكوين والاستجابة لمتطلبات المجتمع، موضحا أن أول خطوة على هذا الطريق، «بدأت بالتطبيق الفعلي والتدريجي لنظام ليسانس، ماستر دكتوراه، سنة 2004 - 2005، ب10 جامعات وبمجموع طلابي قدر ب7000 طالب». وأضاف، بأن تعميم النظام على جميع مؤسسات التعليم العالي، تم في 2011، «وإلى غاية اليوم بلغ عدد خريجيه مليون و15 ألف و400 متخرج»، مشيرا إلى أن الندوة الدولية ل2007 والجلسات الوطنية ل2008، كانتا أولى محطات التقييم. وأكد الوزير الطاهر حجار، أن الغاية من الإصلاح تتمثل في الاستجابة الملحة لحاجيات القطاع الاقتصادي والاجتماعي بتزويده بكوادر مؤهلة، وتحسين نوعية التعليم والارتقاء به إلى مستوى المرجعيات الدولية. لذلك «تقوم المقاربة الجديدة للقطاع، على انسجام الجامعة مع المحيط المحلي، الجهوي، والوطني للمناخ الاقتصادي والاجتماعي»، يؤكد حجار، كاشفا في ذات الوقت عن «دعوة المتعاملين الاقتصاديين لاجتماع مع ممثلي قطاع التعليم العالي، ليقدموا اقتراحاتهم بشأن التكوين المطلوب، وإعداد برامج تكوينية تتماشى مع ذلك». وأفاد الوزير، أن هذه الصيغة تدخل ضمن عديد الآليات المطروحة، لتقليص الفجوة الموجودة بين الميدان الاقتصادي والاجتماعي والجامعة الجزائرية، مشيرا إلى وجود تجارب سابقة لم تحقق ما هو مأمول منها بالشكل الكافي. وبشأن المخرجات المأمولة من هذه الندوة الكبرى، وضع حجار، إيجاد حلول للاختلالات التي شابت تطبيق نظام «أل.أم.دي»، على رأس الأولويات، مسجلا «تنوع عناوين شهادات الليسانس بشكل مفرط وكثرة أنواعها، والتطبيق المتباين للنصوص التنظيمية بين مؤسسة جامعية وأخرى، كإحدى أهم الثغرات البارزة بقوة منذ دخول النظام حيز التنفيذ». ولمعالجة الخلل، تم إنشاء قواعد معرفية مشتركة لكل ميدان، وجعل برامج السنة الثالثة للتخصصات المتشابهة متقاربة، ما أدى إلى خفض مسالك الليسانس من حوالي 5000 إلى 176 مسلك، وشرع في عملية مماثلة بالنسبة للماستر البالغ عدده 5000 لتقلص قريبا. وأكد الوزير، سعي قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، إلى تعميق الإصلاحات، لضمان الجودة في التعليم وتلبية حاجيات البلاد الاقتصادية والاجتماعية من جهة والمنافسة على المستوى البيداغوجي من جهة أخرى، مضيفا أن النظرة الجديدة تضع الطالب في قلب العملية الإصلاحية من خلال تحسين ظروفه التعليمية وضمان قيمة أكبر لشهادته في الداخل والخارج. اكتفاء في التأطير البيداغوجي قال وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الطاهر حجار، أن الحديث عن نقص في التأطير البيداغوجي للطلبة، غير صحيح نسبيا، وقدم مجموعة من الأرقام لإثبات ما أسماه بالتطور الملحوظ في هذا المجال. وكشف عن ارتفاع عدد الأستاذة الدائمين المشتغلين، من 25 ألف و229 أستاذ سنة 2005 إلى 57 ألف سنة 2015، أي زيادة بنسبة 113٪، وبمعدل أستاذ واحد لكل 22 طالبا، مقارنة بأستاذ واحد مقابل 29 طالبا سابقا. وسجل حجار في المقابل، بعد التأطير في اللغات الأجنبية عن المعدل الوطني، حيث يقدر بأستاذ واحد مقابل 32 طالبا، لكن الحالة تختلف جذريا في أقطاب الامتياز لأن المعدل هو أستاذ لكل 13 طالبا، يقول المتحدث. وأضاف في السياق، أن توفر الجامعات الجزائرية، على نظام المحاضرات عن بعد، والمواقع الالكترونية للمكتبات، ساهم في إزالة الفجوة في التأطير، حتى بالنسبة لولايات الجنوب الكبير. في المقابل، أفاد حجار، أن الحصول على شهادات نوعية لا تعني آليا أن حملتها أساتذة جيدون، لذلك، أقرت الوزارة برامج تكوينية للمدرسين الموظفين حديثا طيلة السنة الأولى من توظيفهم، يتلقون فيها معارف عن أهداف النظام وفلسفته التعليمية. وقال الوزير أن العشرية الأخيرة شهدت تنفيذ برنامجين لتكوين المكونين، هما البرنامج الوطني الاستثنائي الذي جند 4 آلاف و200 منحة للأساتذة في طور إنهاء أطروحة الدكتوراه، و1500 منحة دكتوراه لأوائل دفعات الخريجين على مستوى ماستر، وبرنامج مخصص لتعزيز التمرس في الخارج، خصص له 308 آلاف و100 منحة لتربص مدته شهر لكل مستفيد. وبخصوص التعاون الثنائي، كشف الوزير عن ارتفاع عدد الاتفاقيات الدولية ما بين الجامعات التي وجهت للتكفل بالحاجيات الخاصة للجامعة الجزائرية، ومنها تنقل أساتذة والباحثين حيث وصل عددها 1500 اتفاقية. واعتبر حجار أن برنامج الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، لدعم السياسة القطاعية للتعليم العالي والبحث العلمي، إيجابي وساهم في تكوين أساتذة جزائريين أنظمة تسيير الجامعة (الحوكمة الجامعية) وإدماج القطاع في الفضاء العالمي.