حظيت التجربة الفلسطينية في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب بالعرض المستفيض، مع شرح خصوصيتها وخطوات نجاحها من طرف السلطة النقدية لفلسطين، التي راهن مسؤولوها على الدور الذي يمكن للجزائر أن تبلغه في هذا المجال، بالنظر إلى قدراتها وتفتحها على تجارب ثرية وكونها الدولة العربية السباقة في مكافحة الإرهاب، إلى جانب الوقوف على التعاون المشترك مع بنك الجزائر، وتبادل الخبرات الثنائية في المجال المالي، الذي من شأنه أن يفضي إلى تحقيق الاستقرار المالي ويسمح برفع وتيرة النمو الاقتصادي وإرساء نجاعته. اعتبر محمد لكصاسي، محافظ بنك الجزائر، أن اللقاءات مع الجانب الفلسطيني تندرج ضمن جهود تعزيز العلاقات الجيدة والشراكة المتبادلة، والتي ترتكز على التعاون وتبادل الخبرات في جميع مجالات اختصاص بنك الجزائر ونظيرته السلطة النقدية الفلسطينية، متوقعا في سياق متصل أن تشهد العلاقات تطورا أكبر وتعاونا مكثفا. لم يخف المسؤول الأول في بنك الجزائر أن الاستقرار المالي صار في صدارة الانشغالات للدول منذ الأزمة المالية العالمية لعام 2008، حيث أصبحت عملية تحقيق الاستقرار المالي من صلاحية البنوك المركزية، مذكرا أن الأمر تجسد في الجزائر منذ عام 2010، وصار ذلك من مهام بنك الجزائر بعد تعديل القانون. اليوم البنك المركزي يعمل في إطار القانون الجديد، ويأخذ بعين الاعتبار كل ما استجد من تطور، ويتفتح على خبرات الدول الشقيقة، ومهتم بخبرة السلطة النقدية الفلسطنية، والتي قال عنها لكصاسي أنها بالفعل جديرة بالاهتمام. ومن جهته عزام الشوة، محافظ السلطة النقدية الفلسطينية، تحدث في البداية عن الدعم التاريخي الجزائريلفلسطين، الذي قدمته ومازالت حريصة على تقديمه، قائلا أن العلاقات الثنائية المتوجة بمذكرة تفاهم، تعززت أكثر من خلال تبادل الخبرات، ووصل الجانبان إلى قناعة ضرورة تطوير العمل المشترك، وإثراء التجربتين. وأوضح عزام بالموازاة مع ذلك، أن الفرصة سمحت بإطلاع كل طرف على تجربة الآخر خاصة ما تعلق بمكافحة غسيل الأموال والرقابة المصرفية، علما أن الاهتمام المشترك ينبع من السعي القائم من أجل تحقيق الاستقرار المالي، الذي ينعكس على كافة المجالات، وعلى اعتبار أن استقرار النظام المالي وعدم تعرضه للهزات من الأهداف الجوهرية التي يسهر عليها، كون الاضطرابات المالية تصنف ضمن صدارة المخاطر وتعتبر التهديد الأكبر لعملية النمو الاقتصادي. ويرى المحافظ عزام الشوة، أن الاهتمام بالاستقرار المالي يعد من أحدث الممارسات المالية العصرية خاصة عقب اضطراب هذا الاستقرار بعد الأزمة المالية العالمية التي صاحبها ركودا اقتصاديا، حيث تدخلت الدول المتطورة لتنعش اقتصادياتها، فعملت الدول على توسيع صلاحيات البنوك المركزية واستدامة حالة الاستقرار المالي، واعتمدت على الرقابة في الحفاظ على القطاع المالي. ومن أبرز ما يتسم به النظام المالي الفلسطيني توفره على نظام مدفوعات وتسويات فورية، الذي يوفر الجهد والوقت لتسوية عملية الحوالات والمخاصة. وأبدى «الشوة» استعدادهم للتعاون مع الجزائر من أجل تعزيز سلامة الجهاز المصرفي من خلال تبادل الخبرات، لأنه تتخذ عدة إجراءات في فلسطين لمعالجة المصارف الضعيفة إما بالتصفية أو التعزيز، ووقف كذلك على دور لجنة مكافحة تبييض الأموال والاستراتجية التي تفعل الرقابة. بينما «وائل لافي» مدير وحدة المتابعة المالية، التي تعكف على مكافحة تبييض الأموال، أشار إلى أن هذه الهيئة استحدثت في عام 2007 ووقف على نجاحها بشهادة خبراء أوروبيين، مبديا استعداده للتعاون مع الجزائر، ومن الأسرار التي جعلت هذه الوحدة تحقق النجاعة في عملها بشكل جماعي وقربها من سلطة النقد ولديها منهجية للتقييم الوطني، فلم يعد اهتمامها يقتصر على القوانين والإجراءات فقط كون الفاعلية تتجسد حسب تقدير لافي في مدى التواصل بين الجهات الرقابية والتنفيذية والقضائية والتنسيق الشامل حول جرائم تبييض الأموال، على اعتبار أن الرقابة تعد خط الدفاع الأول، واغتنم الفرصة ليدعو المؤسسات المالية لإرساء نظام المخاطر والوقوف على نقاط ضعف غاسلي الأموال والإلمام التام بالمستجدات المالية، ولم يخف أنهم يتمنون كي تصبح الجزائر رائدة في مكافحة تبييض الأموال بالنظر إلى قدراتها كونها الأولى عربيا الرائدة في مكافحة الإرهاب، وتحدث عن تجربتهم الأولى الناجحة على الصعيد الدولي في تجميد أموال مقاتلين إرهابيين أجانب. تكوين مفتشين جزائريين عزز من الرقابة المصرفية كشف محمد لكصاسي، محافظ بنك الجزائر، أن المديرية العامة للبنوك استفادت من تكوين مفتشين جزائريين، أشرف عليهم خبراء فلسطينيون مختصون في مجال محاربة تبييض الأموال ومحاربة الإرهاب، وتوجوا بشهادات معترف بها دوليا، مثمنا نجاعة هذا التكوين الذي قال أنه رفع من إمكانيات التفتيش والرقابة لأعوان بنك الجزائر ويعزز من تقييم المنظومات المالية للبنوك وبريد الجزائر. يذكر أن هذا التكوين يراهن عليه في رفع كفاءة المفتشين الجزائريين، كما أكده فضيل أحد إطارات بنك الجزائر، حيث يسمح بتطوير المنظومة الداخلية من خلال التقارير والملاحظات التي أبداها المفتشون منذ بدأ التعاون في الفترة الممتدة ما بين 2013 و2014، وسمح كل ذلك بتطوير هذه الوظيفة على صعيد الرقابة المصرفية، إلى جانب التجربة المهمة التي تم خوضها في مجال الاستشراف المصرفي، حيث كانت هناك بعثة أخرى في 2013 استفادت من تبادل التجارب وكذا من رصيد سلطة النقد الفلسطينية في الاستشراف المكتبي أو الرقابة الميدانية مع تفعيل تقنية الرقابة المصرفية.