تلقت المخابر الغربية المروجة لتنقل ما يسمى «داعش» إلى منطقة الساحل الإفريقي وشمال إفريقيا ضربة موجعة، بعد تمكن تونسوالجزائر من تلقين المرتزقة درسا شديد اللهجة من خلال إفشال هجوم بن قردان الذي كان استعراضيا وكذا عملية قمار بالوادي التي تم خلالها حجز أسلحة متطورة جدا أهمها صواريخ «ستينقر» الروسية القادرة على اختراق الدبابات. ولم تأت هذه التطورات في الساحة الأمنية بين محور ليبيا- تونس- الجزائر اعتباطيا أو عبثيا فمن قصف صبراتة الليبية إلى عملية بن قردان وانتهاء بعملية قمار الناجحة للجيش الجزائري هي كلها مؤشرات على عمليات استخباراتية دقيقة كانت تهدف لنقل آفة «داعش» من الشرق الأوسط إلى شمال إفريقيا من خلال تكليفه للقيام بعمليات استعراضية والتركيز عليها إعلاميا لإحداث ذلك «البوم الإعلامي» لصناعة مشهد يجعل العالم كله يقتنع بضرورة التدخل عسكريا في المنطقة وتبرير الدعوة لإقامة قواعد عسكرية أو إجبار الدول المستهدفة على عقد صفقات تسلح جديدة تنقذ أثرياء الحروب من الإفلاس. وما يعزز هذا الطرح هو خطوات التهدئة الكبيرة التي اتخذت في سوريا ومنه التفرغ لتجسيد الخطة الموالية لتدمير سوريا واليمن وليبيا، فعرابو الربيع العربي لم يهدأ بالهم من تجنب الجزائر المنعرج بسلام، حيث ركزوا على محاولات التوغل على الحدود الجنوبية لإثارة البلبلة وإيصال السلاح لبعض الخونة والمرتزقة القانطين من رحمة الله من أجل إرجاع الجزائر إلى حمام الدماء الذي ودعته منذ زمن طويل. وتكشف الجزائر من خلال عملية قمار وحجز ترسانة أسلحة نوعية عن يقظتها وتفطنها لكل محاولات أفشلها الجيش الوطني الشعبي من خلال صدّه لعمليات إرهابية قريبة من الحدود الجزائرية وغلق ثغرات تمكن الجماعات الدموية من فتح طريق الدخول إلى الجزائر، وهو ما يبرر العمليات الإرهابية الأخيرة في مختلف مناطق الوطن وتكثيف نشاط المهربين لاستنزاف قدرات المؤسسة العسكرية الجزائرية التي أحكمت سيطرتها على أكثر من 6000 كلم كحدود برية . وجاءت توجيهات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وزير الدفاع الوطني بثمارها من خلال الحرص الدائم واليومي على تقديم النصائح والأوامر لمختلف القيادات التي يشرف عليها الفريق قايد صالح الأمر الذي رفع من المعنويات وأكد على تكامل المؤسسة العسكرية وعدم تأثر أدائها ومردوديتها سلبيا بعد أن حاول البعض التأكيد على أن بعض التغييرات التي مست بعض المناصب والتي أحدثها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة مؤخرا ستنعكس سلبا على مردودية الميدان لكن الممارسة الميدانية والنجاحات التي حققها الجيش الوطني الشعبي تعكس مدى الاحترافية والوصول إلى مؤسسات قوية قادرة على الحفاظ على السيادة والحدود والجمهورية في وقت فشلت الكثير من الدول الكبرى في صد هجمات على أراضيها. الجزائر نجحت في معركة الاستخبارات استثمرت المؤسسة العسكرية كثيرا في مجال المعلومة من خلال إعادة هيكلة مصلحة الاستعلامات والأمن وتكييفها معه التحولات الأمنية والجيوسياسية الحالية، حيث واصلت الجزائر تشكيل بنك معلومات يسمح لها بالتحرك بدقة واستهداف كل محاولات ضرب الجزائر واستقرارها، وبقدر ما كانت ضربة الجيش الوطني الشعبي دقيقة في قمار فإنها كانت وفقا لمعلومات واضحة ومؤكدة وعليه فتكامل المؤسسة العسكرية واحترافيتها من أهم عوامل تماسك الجيش الوطني الشعبي الذي انحنت له كل جيوش العالم احتراما لقدرته على رد الفعل وتوجيه الضربات الاستباقية وحفاظه على إنسانية مهامه حيث تعتبر الجزائر من أكثر الدول التزاما بمكافحة الإرهاب دون إلحاق الضرر بالمدنيين أو استهدافهم بالخطأ عكس الكثير من الجيوش التي ارتكبت مجازر كبيرة تحت وطأة الخطأ أو بجملة « من غير قصد». ويبقى دور نجاح الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني في مكافحته للإرهاب تفطنه لتلك العلاقة المباشرة وغير المباشرة بين الجماعات الإرهابية والمهربين وبارونات المخدرات التي أصبحت ممولا وممونا صريحا للجماعات الدموية، حيث كان لترصد جماعات الدعم اللوجيستي في الساحل والحدود الغربية دور كبير في تضييق الخناق على الجماعات الدموية والقضاء عليها . وكان لتكثيف تبادل المعلومات الاستخباراتية بين مختلف دول الساحل وشمال إفريقيا دفع لتقوية العمل المشترك، حيث استفادت تونس من تجربة الجزائر في مكافحة الإرهاب وكان للتنسيق الأمني خطوة إيجابية في تجنيب الجارة تونس الكثير من الهجمات الإرهابية.