رفض وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى، أمس، إقحام الزوايا في الشأن السياسي والتشكيك في دورها الإصلاحي، مؤكدا أن الجزائر تواجه هجوما فكريا أجنبيا متطرّفا لزرع الطائفية الدينية، مشددا على ضرورة تحصين المؤسسات الدينية من خطر فكر تنظيم داعش الإرهابي، معلنا في سياق آخر رفع مقترح أكاديمية الإفتاء إلى الحكومة لدراسته واختيار أعضاء هيئته. أكد عيسى دور الزوايا الإصلاحي الذي تضطلع به منذ قرون، رافضا إقحامها في الشأن السياسي، قائلا: «نرفض إقحام الزوايا في الشأن السياسي»، منوّها بدورها في تحصينها وقدرتها على إنقاذ البلاد من المخاطر التي تحدق بها واعتبر اتّهامها بالاستغلال السياسي «تجنّياً» غير أخلاقي على شيوخها الذين يؤدون مهامهم باستقلالية تامة. كما أوضح عيسى، خلال استضافته بفوروم الإذاعة الوطنية بالقناة الأولى، أمس، أن الزوايا مجتمع مدني ولا تخضع لوصاية أيّ من مؤسسات الدولة أو الوزارات، مضيفا أنها جمعية كغيرها من الجمعيات التي تشكل المجتمع المدني، بل هي أنشطهم وتثبت يوما بعد آخر أنها الوعاء الذي يجمع الجزائريين وبأنها صمام الأمان الذي يلجأ إليه الجزائريون ليجدوا الراحة والطمأنينة. وقال وزير الشؤون الدينية، إن الزوايا التي لها امتداد لقرون، قادرة أن تنقذ الجزائر وجيرانها، معتبرا اتّهامها بالاستغلال السياسي تجنّيا، فهي، بحسب الوزير، لا تخضع لأوامر، فمن غير الأخلاقي أن نرى في الجزائر من يأمر شيخ زاوية، يستمد قوته من ميراث يمتد لقرون من العطاء، مؤكدا أن للزوايا قدرة على جمع الجزائريين وهي الوعاء الذي يحمي تراثنا وسندنا العلمي. وأضاف عيسى، أن الجزائر تواجه فعليا مخططا خارجيا يستهدف أمنها الفكري بالدرجة الأولى، من خلال ضرب المرجعية الدينية الوطنية، مشيرا إلى وجود أطراف داخل الوطن هي تحت متابعة وأعين مصالح الأمن وتعمل مع جهات أجنبية لنشر الفكر التطرفي، دون ذكرها، مكتفيا بالقول إن هناك ولايتين تقعان على الحدود تعمل بهما الجماعات لاستهداف أمن الجزائر. عن استعداد المؤسسة الدينية للتصدي لهذا المخطط، شدد عيسى على وجود متابعة ميدانية، بالتنسيق مع المصالح الأمنية، لتتبع الأشخاص الذين يقفون وراء العملية. مؤكدا أن المؤسسة الدينية المتمثلة في المسجد، لا يمكنها، بأيّ حال من الأحوال، أن تحل محل المؤسسة العسكرية التي تضطلع بحماية الحدود، مشيرا إلى استقبال رئيسي المجلسين الإسلاميين لدولتي تشاد ومالي، فضلا عن استقبال، قريبا، مفتي نيجيريا ورؤساء مجالس إسلامية لعدة بلدان إفريقية بالجزائر وهذا بغرض إبراز دور الزاوية في نشر الإسلام. في السياق، أكد عيسى رفع مقترح أكاديمية الإفتاء إلى الحكومة، مساء أمس، لوضع حدّ للفتاوى الغريبة، مؤكدا أن هناك محاولات حقيقية لأفكار دخيلة تحاول أن يكون لها موطئ قدم في الجزائر، وأشار إلى توصل مفتشي الوزارة إلى محاولات نشر جميع المذاهب وكل النحل بولايتين على الحدود الغربية والشرقية من قبل أيادٍ خارجية. ولصدّ هذه المحاولات، سيما القادمة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، أكد عيسى أن الوزارة تتابع عن كثب الوضع من خلال عقد جلسات تشاورية على المستويين الوطني والمحلي للحيلولة دون انتشار أفكار التطرف والتشدد التي تستهدف الشباب، داعيا وسائل الإعلام إلى التعاون في صدّ هذه الأفكار الهدامة.