تخوض الجزائر إصلاحات اقتصادية عميقة، متبنية خيار الانعتاق من موارد المحروقات، من خلال تنويع اقتصادها على صعيد مختلف القطاعات المنتجة وتفعيل مناخ الاستثمار وتشجيع الشراكة الاقتصادية الواعدة والجادة. ولعل التأهب الجاري نحو إرساء نموذج اقتصادي جديد، المرتقب خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مؤشر قوي على السير نحو اقتصاد بديل عن النفط وفي غنى عن الثروة الباطنية والطبيعية بشكل عام، فلا رجعة عن إصلاحات تتصدرها في البداية المزيد من ترقية أداء المنظومة المصرفية وانفتاح أكبر للبنوك على الحياة الاقتصادية من خلال التمويل والمرافقة والدعم الذي ينبغي أن يؤدي فيه البنك ليس دورا ماليا فقط، بل يعول عليه كي يحقق تأثيره ومساهمته الاقتصادية وتسريع وتيرة النمو. وتبقى المؤسسة المصرفية أحد مقومات النمو، فمواكبتها للتطورات الاقتصادية من شأنه أن يضمن انفتاحها على محيط المتعاملين والمستثمرين ومن ثم بناء جسر قوي للتكامل. فلا يمكن للمؤسسة الإنتاجية أن تتوسع أو تتطور من دون دعم وتمويل ومواكبة البنك لتحولها الاقتصادي لرفع تنافسيتها وترقية جودة منتوجها في أسواق تتسم بالمنافسة الشرسة. وبات التعجيل بالتحول العميق والمحسوس للبنوك أمرا حتميا، كون جميع الجهود تبذل حتى يتحقق الإقلاع الاقتصادي المرتكز على النسيج الصناعي والمبني على آلة إنتاجية تراهن على الابتكار وتستلهم كثيرا من مخابر البحث العلمي. يمكن القول إن المنظومة المصرفية صارت في قلب التحول الاقتصادي وإحدى أدوات المعركة التنموية، وحتى بالنسبة للتصدير، البنوك من المفروض أن تلعب دورها المسهل والمشجع للقدرات التصديرية حتى لا تضيع الفرص ويتم جلب العملة الصعبة بعيدا عن إيرادات الذهب الأسود. وبدا واضحا أنه في النموذج الاقتصادي الجديد سينتظر الكثير من البنوك من أجل إنعاش الأداء الانتاجي وتوسيع الاستثمار في وقت صارت الحظائر الاقتصادية شبه جاهزة لاستقطاب المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين.