هل يستوي التسيير أثناء الأزمات مع التسيير العادي في مختلف المجالات؟ طرح هذا السؤال ليس اعتباطيا، بل يتساوق والتعديل الوزاري الجزئي الذي أجراه مؤخرا رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة. القطاعات التي مسّها التعديل ذات صلة مباشرة بالتنمية الاقتصادية. رغم تحذيرات الرئيس بوتفليقة في العديد من رسائله من صعوبة المرحلة ورغم تصريحات ومذكّرات الوزير الأول السيد سلال، بقيت قطاعات جمّة تسير على المنوال العادي وكأننا في وضع طبيعي، في مقدّمتها وزارة المالية والمؤسسات التابعة لها. لا يخفى على أحد أنّ بنوكنا عوض أن تلعب دور المحرّك الدائم لدواليب الاقتصاد، أصبحت تشكل أكبر كابح للتطور والنشاط الاستثماري والتسيير العام، سواء مع مؤسساتنا أو مع الشركاء والمتعاملين الأجانب. باختصار، نظامنا المالي ينفّر ولا يستقطب بتاتا ويلعب في غالب الأحيان الدور العكسي غير المنوط بالدوائر المالية. لذا، لم يقتصر التبديل على شخص الوزير الذي غُيِّر مرّتين في ظرف وجيز، بل شمل أيضا محافظ بنك الجزائر في الأيام القليلة الماضية واستحداث منصب وزير منتدب مكلّف بالاقتصاد الرقمي؛ ذلك أن بنوكنا في حاجة إلى مسايرة العصرنة في التسيير والخروج من جمود طرقها التقليدية. كلنا نعلم أن الرقمنة تعني سرعة الوتيرة والدّقة في المعلومات والآنية وهذا ما تفتقده، للأسف، بنوكنا والعديد من مؤسساتنا. كيف لنا أن نضمن إقلاعا إقتصاديا حقيقيا وجلب الاستثمارات الضرورية لتنميتنا الشاملة إذا بقينا في هذا الوضع الذي يتميّز بتدهور الدينار وتشجيع بيع العملة الصعبة في الأسواق الموازية أمام الملأ وبأسعار خيالية؟ وكيف يمكن إعطاء دفع قوي لبورصة الجزائر تجمع كل الشروط المناسبة؟ إنّ الظرف يتطلّب حقّا إدخال تعديلات في طرق تسيير مؤسساتنا تتماشى والصعوبات التي ستميّز سنتي 2016 و2017 ومرافقتها بقوانين وإجراءات تسدّ الفراغ الذي يتحوّل إلى عائق يحطم كل المبادارات الطيّبة، ويُفشل الإرادات الإيجابية. في سياق هذه التغييرات، بقي الاعتناء بقطاعين مهمّين يمكن لهما جلب عائدات تكمّل مداخيل المحروقات، ألا وهما الفلاحة والسياحة، التي نأمل ألاّ يقتصر التغيير على مسؤوليها فقط، خاصة وأن بلادنا تتوفّر على قدرات نحسد عليها، فلا نترك رقعة اللامبالاة تتسع، بمرافقة ومراقبة وتشجيع القطاعين العام والخاص.