تجريد عمل المجالس الشعبية البلدية من طابعه التقني بإضفاء عليه الانفتاح على المحيط والتواصل المباشر مع المواطنين، لإبقاء المرفق العمومي في خدمة قاصديه، وتجسيد مبدأ الديمقراطية التشاركية، وترقية أداء مصالح الحالة المدنية، وما تبع ذلك من حرص على هذه الوثبة. تللك هي أبعاد المرسوم التنفيذي رقم 16 - 190 المؤرخ في 25 رمضان عام 1437 الموافق ل 20 يونيو سنة 2016، المحدّد لكيفيات الاطلاع على مستخرجات مداولات المجلس الشعبي البلدي والقرارات البلدية. هذه الأحكام المقدّرة ب 13 مادة الواردة في العدد 41 للجريدة الرسمية، ضبطت بدقة تسلسل الإستفادة من هذه الوثائق وفق نظرة جديدة ورؤية واقعية بعيدة كل البعد على ما يعرف بالبيروقراطية، أو باسم سلوك يتنافى مع نشاط إدارة متطورة وحديثة في آن واحد. وجاءت المادة 2 لتعمّق هذا التوجه، وترسّخ هذه القناعة عندما أشارت صراحة “يتّخذ المجلس الشعبي البلدي كل التّدابير الرامية إلى تسهيل إعلام المواطنين حول تسيير شؤون البلدية”. وفي هذا الإطار يجب على المجلس الشعبي البلدي استعمال وتطوير كل الدعائم الرقمية الملائمة قصد ضمان نشر وتبليغ القرارت البلدية. هذه التّوضيحات القانونية الحاملة للصّفة الإلزامية في التطبيق، رفعت عن رؤساء البلديات ونوابهم ورؤساء اللجان الحرج في مسألة ما هو مطلوب أو مسموح بالنشر أم لا، والمغزى هنا هو كل ما له علاقة بالمنفعة العامة التي تهم المواطن بالدرجة الأولى كالتنمية بالمفهوم الشامل. وإن كانت البلديات لا تنشر حاليا هذه القرارات إلا في حالات استثنائية، فهذا يعود إلى أمزجة خاصة، وتصرفات لاشعورية أحيانا، لا تولي أدنى اهتمام لمثل هذه المعاملات الراقية المبنية على ثنائية البلدية - المواطن. وعليه فإنّ لوائح النّشر لا توضع عند أروقة الديوان أو الأمين العام، لأنّ تلك الأماكن ممنوعة على المواطن، وإنما الفضاء اللائق بها هو مدخل البلدية أو زاوية تخصص لهذا الغرض، تكون متبوعة بتوجيهات من قبل المعنيّين. ولم تمنع المادة 2 من الغوص في وسائط إعلامية أخرى لبلوغ هذا الهدف، كالمواقع الإلكترونية والأنترنت التي هي بحوزة البلدية، غير أنها لم تفعّل أو قل متوقّفة، وفي كثير من الأحيان تحمل معلومات تجاوزها الزمن لا تفيد أي شيء، تركز على رئيس المجلس الشعبي بدلا من البلدية ككل، لذلك فالمطلوب مراجعة محتوى هذه المواقع، لذلك فلا يجوز الكشف عن الإجراءات الداخلية ذات الطابع الشخصي والتأديبي. في المواد 3، 4، 5، و6 تنقل المبادرة إلى المواطن من أجل أن يكون حريصا على طلب الاطلاع على هذه القرارات في حالة تعذّره على الوصول إلى هذا المبتغى، وبامكانية نسخ الوثائق التي يراها مناسبة له، إلا في حالات أظهرها هذا المرسوم. وإن كانت مواد هذا المرسوم، جاءت لتأطير هذه العملية الحساسة والشائكة في آن واحد، فإن مراميها الأخرى ستبرز في نصوص أخرى أكثر دقة وتفصيل، ونعني بذلك النص المتعلق بالديمقراطية التساهمية التي وردت في الدستور الجديد، والهدف منه هو فتح المجال أمام المواطنين في البلدية لحضور أشغال المداولات، وما يتوّج عن ذلك من قرارت بإمكان سكان تلك المنطقة إبداء الرأي السديد تجاه أي مشروع بالدعم أو بالتحفظ توسيعا للاستشارة وتعميقا للفائدة. ويتوقّع أن يكون المجال مفتوحا أمام لجان الأحياء وشخصيات البلدية من ذوي الكفاءات لأنّ الجمعيات معنية بقانون جديد جاهز يشترط “صفة المنفعة” عليها، وفي حالة غياب هذا العنصر فإنّها ستحرم من الدعم، وهذا بعد دراسة ملفاتها دراسة دقيقة ومتأنية