تسبب في مقتل أكثر من ربع مليون شخص وتشريد نحو سبعة ملايين آخرين إضافة إلى اختفاء خمسة وأربعين ألف آخرين.. إنه النزاع المسلح بين الحكومة الكولومبية وأقدم تنظيم ماركسي يمارس حرب العصابات في النصف الغربي من الكرة الأرضية(فارك)، الذي يطوي فصوله الدموية اليوم بإعلان تطبيق وقف اطلاق النار ودخول البلاد مرحلة جديدة تتطلّع فيها إلى الأمن والاسلام. دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ منتصف ليل الأحد إلى الاثنين في كولومبيا بعد نزاع مسلح استمر أكثر من خمسين عاما بين جماعة «القوات المسلحة الثورية الكولومبية» (فارك) والحكومة. وكان الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس قد قال أمس الأول «إنه أمر بوقف إطلاق النار اعتبارا من فجر الاثنين غداة التوصل لاتفاقات سلام يوم 24 أوت مع حركة التمرد الرئيسية والماركسية في البلاد». وأضاف سانتوس «نريد أن نصبح دولة بلا آثار حرب» داعيا الكولومبيين لأن يصوتوا للسلام في الاستفتاء المقرر يوم الثاني من أكتوبر المقبل. من جهتها، أعلنت فارك وقفا نهائيا لإطلاق النار اعتبارا من منتصف ليل الأحد إلى الاثنين، وقال القائد الأعلى للحركة تيموليون خيمينيز الملقب ب»تيموشنكو» أمام الصحفيين بالعاصمة الكوبية هافانا «آمر جميع قادتنا ووحداتنا وكل شخص من مقاتلينا إلى وقف إطلاق النار والأعمال القتالية بصورة نهائية ضد الدولة الكولومبية اعتبارا من منتصف هذه الليلة». وأضاف تيموشينكو «لقد سمعنا بصدور الأمر الرئاسي للجيش، ونحن نعطي الأمر نفسه لقواتنا». وكان الرجل قد كتب في وقت سابق أن «السلام بدأ يتحقق». وتم الإعلان عن اتفاق سلام بين الجانبين الأربعاء الماضي بعد ما يقرب من أربع سنوات من المفاوضات في هافانا، بما في ذلك جلسة ماراطونية استمرت أسبوعا وتمخض عنها الاتفاق النهائي. وتفاهمت كل من الحكومة الكولومبية وفارك خلال المفاوضات على إجراء إصلاح زراعي ومشاركة المتمردين بالحياة السياسية، وانتهاج خطط جديدة في الكفاح ضد تجارة المخدرات، وتعويض ضحايا العنف. ويطبق الطرفان منذ نهاية جوان الماضي هدنة مؤقتة بينهما حيث خلف الصراع أكثر من 260 ألف قتيل إضافة إلى 45 ألف مفقود وأجبر الملايين على الفرار من مناطق في البلاد، وتحصي الحكومة أكثر من 7.6 ملايين كولومبي ضحايا بشكل مباشر أو غير مباشر للصراع، و6، 8 ملايين نازح. وعلى الصعيد القانوني، فإن وقف إطلاق النار -كما اتفق عليه أثناء المحادثات- لن يبدأ تطبيقه إلا يوم التوقيع الرسمي على الاتفاقات المرتقب بين 20 و26 سبتمبر، إلا أنها المرة الأولى التي يتفق فيها على وقف القتال بين الحكومة وبين فارك التي تعد حوالى 7500 عنصر. مسار المفاوضات في عام 1964 أنشأ فلاح اسمه مانويل مارولاندا منظمة «القوات المسلحة الثورية الكولومبية» التي تعرف اختصارا ب»فارك»، في حين أسس كاهن كاثوليكي اسمه كاميلو تورّيس منظمة «جيش التحرير الوطني». وتموقع المتمردون في أفقر أصقاع كولومبيا ولكنهم فشلوا في إشعال ثورة شعبية مثلما كانوا يطمحون، وفي نهاية المطاف بدأت عصابات المخدرات تمول الحركة. في عام 2010 شرع الرئيس خوان مانويل سانتوس في جر منظمة «القوات المسلحة الثورية الكولومبية» إلى طاولة المفاوضات. وعندما بدأت المحادثات الرسمية في تلك السنة كان الرجل يترشح لفترة رئاسية ثانية تحت شعار «تحقيق السلام». وفي أفريل عام 2014، عقدت مفاوضات سلام بين الحكومة ومنظمة «فارك» في كوبا، حيث استقدم الصليب الأحمر قادة هذه المنظمة من معسكراتهم في الغابات إلى مساكن آمنة في ضواحي العاصمة الكوبية. في الخامس من أوت 2014، فاز سانتوس بالرئاسة يدعمه في ذلك قسم كبير من اليسار الكولومبي منهم ضحايا الحرب الذين وثقوا في خطته لإنهاء النزاع، ومنح فوزه دفعة قوية لمسار السلام في لحظة حاسمة هي دخول المباحثات أكثر فتراتها حرجا بتطرقها إلى مصير ضحايا الحرب الأهلية الكولومبية التي دامت خمسين عاما. وطالب متمردو «فارك» الحكومة خلال مفاوضاتهم معها بالاعتراف بضحاياهم كذلك، ولكن الحكومة ضغطت لكي يعترفوا هم أولا بما اقترفوه ويطلبوا العفو قبل أن تبدأ جولة التفاوض. وأتاحت إعادة انتخاب الرئيس الفرصة لمنظمة «جيش التحرير الوطني» للتفكير في وقف القتال في الذكرى الخمسين لإنشائها. ويقول قائد في التمرد يدعى «اللبناني» إنهم في جيش التحرير الوطني يقدرون ويحترمون مسار السلام الذي رسمته منظمة «فارك»، وإن قائدهم أمر الجبهات ومنها الجبهة الغربية بوقف القتال. ترحيب دولي رحبت الأممالمتحدة بالاتفاق، وقالت إنها تنوي نشر بعثة مؤلفة من 450 مراقب عسكري في كولومبيا أغلبيتهم من دول أميركا اللاتينية. وسيكلف هؤلاء التحقق من عملية تسليم 7500 متمرد أسلحتهم ومراقبة وقف إطلاق النار، لكن ما زال يتوجب المصادقة على اتفاق السلام النهائي في استفتاء وأن يصدر مجلس الأمن الدولي قرارا بعد ذلك، وستتولى بريطانيا صياغة وتقديم مشروع القرار وتحديد الدور الدقيق للأمم المتحدة في عملية السلام. إلى ذلك، هنأت واشنطن الحكومة الكولومبية بالتوصل إلى الاتفاق، وقالت سوزان رايس، مستشارة الرئيس الأمريكي لشوؤن الأمن القومي «على الرغم من استمرار التحديات فيما يتفاوض الجانبان حول اتفاق سلام نهائي، يمثل إعلان اليوم تقدما مهما لإنهاء النزاع». وبذلك تكون كولومبيا قد خطت خطوة كبيرة نحو السلام، وتتيح هذه المرحلة الحاسمة أخيرا، الإنصراف في المدى القريب، إلى إنهاء أقدم نزاع في أمريكا اللاتينية يستمر منذ 52 عاما. في سطور الاسم الرسمي: جمهورية كولومبيا العاصمة: بوغوتا اللغة: الإسبانية النظام السياسي: جمهوري الرئيس: خوان مانويل سانتوس كالديرون تاريخ الاستقلال: 20 جويلية 1810 العملة: بيزو. الجغرافيا الموقع : تقع كولومبيا في الجهة الشمالية الغربية من قارة أميركا الجنوبية، يحدها شمالا البحر الكاريبي، وشرقا فنزويلا والبرازيل، وجنوبا بيرو وإكوادور وغربا بنما والمحيط الهادي. المساحة : 1.138.910 كلم2. الموارد الطبيعية: النفط والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى مجموعة من المعادن أهمها النحاس والحديد الخام والزمرد. المناخ: يتنوع ما بين الاستوائي والمداري. السكان التعداد: 46.245.297 نسمة (تقديرات جويلية 2014) التوزيع العرقي: 58% هجناء، 20% مولاتو (المنحدرون من أبوين أسود وأبيض)، 4% سود، 3% خليط من السود والأميركيين الهنود، و1% الأميركيين الهنود. الديانة : 90% رومان كاثوليك، 10% ديانات أخرى. أهم المنتجات: المنتوجات الفلاحية وعلى رأسها الموز، والبن والزهور والأرز، الملابس، النفط، والفحم.