اعتبر الخبير عبد الرحمان مبتول، أن الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبيك” توجد اليوم أمام حتمية القيام بالتحضير لانجاز التحول الاقتصادي المرتبط بضرورة التحول الطاقوي من اجل تفادي الضغوطات المالية في المدى المنظور، موضحا أن الحل الوحيد يكمن في التفكير حول نموذج جديد للاستهلاك الطاقوي والعمل في نفس الوقت على صعيد إصلاح سياسة الدعم الذي ينبغي أن يكون مركزا ودقيقا من جانب وعلى صعيد التحكم في الكلفة لمواجهة التنافسية من جانب آخر، عير أن كل هذا يقود في الأساس إلى ضبط رؤية إستراتيجية ملائمة تراعي التحولات العالمية السريعة. بخصوص ثقل منظمة أوبيك أوضح مبتول أن هذه المنظمة بالرغم من احتياطاتها الهائلة إلا أنها لا تمثل سوى ثلث الإنتاج العالمي المسوق من النفط، مشيرا إلى أن اكبر البلدان المنتجة وفقا لترتيب سنة 2015 يتمثل كما يلي: السعودية، أمريكا، روسيا، الصين (التي لا تذكر كمنتج)، كندا، ايران،الإمارات، العراق (بلد لديه قدرات السعودية)، الكويت، نيجيريا، فنزويلا، البرازيل، انغولا، كازاخستان، قطر، النرويج والجزائر التي لديها حصة تقدر ب 1.2 مليون برميل/يوم من إجمالي 33 مليون برميل/يوم لأعضاء اوبيك. ويعتقد مبتول انه بالإمكان بناء توافق حول خيار تجميد الإنتاج شريطة أن يحصل اتفاق بين السعودية وروسيا من خارج اوبيب وكذا اتفاق بين السعودية وايران، غير ان يوضح أن الأمر مرهون مستقبلا بوتيرة نمو الاقتصاد العالمي الذي يعود ضعفه إلى تباطؤ النمو في بلدان ناشئة مثل الأرجنتين والبرازيل وكذا الهند و بالأخص في الصين(7 بالمائة) مما يفسر في نفس الوقت ضعف الطلب على الطاقة. ويضيف انه ينبغي الأخذ في الاعتبار بالنسبة للمعروض من البترول دخول عدد من البلدان إلى سوق النفط مثل نيجيريا، ليبيا (لها قدرة 2 مليون ب/ي) وقد أعلنت في 15 سبتمبر الجاري عشية اجتماع الجزائر غير الرسمي لاوبيب التوجه إلى تصدير أكثر من 1 مليون ب/ي علما انها بترولها من نوعية الخفيف كبترول الجزائر. وأمام وضعية مؤشرات السوق يرى مبتول أن السعودية هي البلد الوحيد الذي يؤثر على العرض العالمي وبالتالي على الأسعار كونها تملك 35 بالمائة من إجمالي إنتاج بلدان اوبيب و12 بالمائة من حجم الإنتاج العالمي، موضحا أن خلافاتها مع الولايات المتحدةالأمريكية ذات طابع تكتيكي لا أكثر، ومن ثمة اتفاق البلدين يقود إلى التأثير على معادلة الأسعار بحيث يمكن أن تتراوح حينها بين 50 إلى 60 دولارا للبرميل. وحسب الوكالة الدولية للطاقة فقد أورد تقريها لشهر سبتمبر أن الاستهلاك العالمي سوف يعرف نموا ب 1.3 مليون ب/ي ليصل 96.1 مليون ب/ي خلال السنة الجارية، فيما أورد تقرير اوبيب أن الإنتاج الإجمالي لبلدان خارج المنظمة يرتفع في غضون سنة 2017 مما يشير إلى توقع فائض في العرض اكبر من المتوقع سابقا. لذلك يجب- يقول مبتول- توقع زيادة في الإنتاج من جانب البلدان خارج اوبيب تقدر ب 200 ألف ب/ي، خاصة من روسيا التي تواجه أزمة مالية حادة ويتوقع أن ترفع إنتاجها ب 2.2 بالمائة أي بين 446 إلى 547 مليون طن. وحذر مبتول من افراط في التفاؤل بعودة ارتفاع كبير للأسعار معتبرا أن اكبر نجاح يتمثل في توقع التوصل إلى اتفاق لتجميد الإنتاج مع ترك هامش المناورة لكل بلد من اجل تفادي أسباب فشل اجتماع الدوحة. غير أن المشكل في هذه الحالة كما يشير إليه يتعلق بحجم مستوى الإنتاج المطلوب للتجميد علما أن روسيا والسعودية بلغتا سقف إنتاج قياسيا بين شهري جوان و أوت 2016. ومع ذلك فان هذا الأمر (أي تجميد الإنتاج) مرهون أيضا بمدى انضباط أعضاء اوبيك وسلوك البلدان المنتجة من خارجها. وفي رؤية استشرافية تقوم على تشخيصه للواقع الراهن أفاد الخبير الجزائري بان العالم يقبل في سنوات 2020/2030 إلى 2040 على نموذج جديد لاستهلاك الطاقة وبروز تشكل سلطة طاقوية عالمية، مما يتطلب تفادي طرح توقعات غير دقيقة أو يطغى عليها تفاؤل مفرط. وأشار هنا إلى أن منتدى الاقتصاد العالمي يتوقع في دراساته المستقبلية حدوث ثورة صناعية رابعة قي حدود سنة 2025 إلى 2040، بحيث تحل في اغلب البلدان الغربية الصناعية تكنولوجيات جديدة تسمح بالفعالية الطاقوية مع توقع تقليص استهلاك الطاقة بحوالي 30 بالمائة. لذلك دعا الخبير مبتول البلدان أعضاء اوبيب مطالبة إلى الخروج من دائرة الريع وان تتخلص من أوهامه والمبادرة بالتحضير لمرحلة التحول الطاقوي مؤكدا- بلغة هادئة ومتبصرة- انه من الخطأ اعتقاد البعض أن سعر البرميل سوف يرتفع في أفق 2020 واصفا هذا التوقع بالخطأ الاستراتيجي “ذلك أن عهد البرميل بسعر 80 و90 دولارا قد ولى بدليل أن أكبر الشركات والمجمعات العملاقة شرعت في الاستثمار في مجالات البحث والتنمية حول الطاقات المستقبلية” البديلة للطاقة التقليدية.