أعطت مديرية الشؤون الدينية و الأوقاف لولاية الجزائر أهمية خاصة لرمضان الكريم يليق بمقام الشهر الفضيل، جاعلة منه شهر التوبة والغفران. ويترجم هذا الاهتمام البرنامج الذي حُضّر بدقة متناهية لاستغلال التظاهرات الدينية خلال الموسم الفضيل، واتخاذها محطة حاسمة لإبراز معاني الرحمة والأخوة والتعاون بين الجزائريين، بعيدا عن ذهنية''تخطي راسي''. وذكر لزهاري مساعدي رئيس المديرية لنا بهذه الحقيقة، مؤكدا في تصريح ل ڤالشعبڤ، أن مراسلات عدة وجهت للمفتشين والمعتمدين للمقاطعات ال 13 بولاية الجزائر، لجعل أئمة المساجد منارة دينية علمية في رمضان للاهتمام بالأمور الدينية والدنيوية، وعلاج مشاكل المواطنين وما أكثرها ! وعن فحوى البرنامج الذي أحدث ارتياحا في النفوس، و تجاوب معه المواطنون المتوافدون على المساجد بكثرة هذه الأيام، أوضح لزهاري انه يشمل جملة من المحاور المتداخلة المتكاملة التي لا تقبل الانفصال، منها الاهتمام بنظافة المسجد ومحيطه وتزيينه و إضاءته، وإحياء ليالي رمضان الكريم بالدروس والمواعظ وقراءة القرآن، و ندوات الفكرية ومحاضرات، و مسابقات لصغار حفظة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، وتكريم المتفوقين بجوائز تليق بهذا المقام. ومنها أيضا الاحتفال بالمناسبات الدينية والوطنية، لإظهار مدى تفتح المسجد على المحيط، وعدم الانعزال عن الأمور الدنيوية وقضايا المواطنين، في صدارتها الحث على التكافل الاجتماعي والتضامن الإنساني، لمؤازرة من هم في حاجة إلى العون والمساعدة من فقراء ومعوزين وذوي المداخيل الهشة، والالتفات حول الجمعيات المعتمدة والمؤسسات المخولة بجمع المعونة وتقديمها لأهلها ومستحقيها بلا كلل وملل. ويعزز هذا النشاط عملية التحسيس بمنح أموال الزكاة العامة وزكاة الفطر للصندوق الخاص بها، وهي زكاة قدرت هذا العام ب 100 دينار جزائري، تُجمع بالمسجد بدءا من النصف الثاني من شهر الفضيل، وتوزع على من يستحقها شرعا يومين قبل عيد الفطر المبارك. وحول ما يروج عن قفة رمضان، أكد لزهاري أن مديرية الشؤون الدينية والأوقاف بولاية الجزائر، أعطت تعليمات صارمة للأئمة لمنع جمع المواد الغذائية واللحوم بالمساجد وتقديمها للمحتاجين، والسبب واضح: أن المسجد ليس له صلاحية جمع هذه المواد أولا، و أنه لا يتوفر على مخازن مبردة تحفظ المواد الغذائية ثانيا، وانه إذا أعطيت للمواطن في هذه الوضعية التي تنعدم فيها شروط الحفظ والتخزين، تكون فاسدة وتحمل كل المضرة على صحة المستهلك وأمنه الغذائي. وتفاديا لحدوث ما لا يحمد عقباه، تقرر منع جمع المواد الغذائية في رمضان، للحيلولة دون حدوث تسمم غذائي لكل مستلم لها من جهة وحفاظا على دور المسجد التوعوي، وتحسيس الناس بجدوى التكافل الاجتماعي التضامني وترك الأمور الأخرى، مخولا للهيئات المعتمدة التي هي أحق بهذا النشاط وتتحمل واجب المسؤولية في تأدية الوظيفة على أحسن حال. وعن الارتقاء الملاحظ في الخطاب الديني، حسم لزهاري الأمر بالتأكيد الصريح أن هذه المسالة جاءت نتيجة التكفل بالقطاع، و إعطائه الأولوية التي يستحقها وإسناد له مهمة الدفاع عن المرجعية الدينية للجزائر، التي تطالها تيارات غريبة تحاول نشر البلبلة والفتنة، وتستهدف الوحدة الوطنية الواجب إعلاؤها فوق الحسابات. ويرجع ارتقاء الخطاب الديني وتنوعه كذلك إلى الثقة المعطاة للإمام، لاختيار من يساعده في المهمة المقدسة، والمجتمع الذي يعيش فيه مرفوع الهامة والشأن دون نسيان تكوينه النوعي باستمرار، وهو التكوين الذي يتم عبر طرق مختلفة من ندوات شهرية ومحاضرات، تصقل فكر الإمام وتزوده بكل المعارف الدينية والعلمية، التي تجعله يخوض بلا تردد في مواضيع متعددة، مهما تعقدت وتشعبت بروح الجدل بالتي هي أحسن والبرهان والمنطق الذي يقوي مكانته ومصداقيته بين الناس، الذين يعتبرونه المرجع في كل نقاش واستفسار مجدي للتلاحم والتآخي، بعيدا عن الانشقاق والاختلاف المولّد للعنف والتطرف والفتنة التي لم تعد لها مكانة في جزائر المصالحة والتسامح. فنيدس بن بلة