تواصل الجزائر جهودها الرامية إلى تقريب المواقف بين الفرقاء الليبيين وتفكيك العراقيل والخلافات التي وقفت حائلا أمام إيجاد مخرج سياسي شامل للصراع، وتلعب دور مسهلا يكمل الوساطة الدولية التي تقودها الأممالمتحدة. منذ النصف الثاني من السنة الماضية لم تتوقف مساعي الدبلوماسية الجزائرية، لمساعدة الفاعلين في المشهد الليبي على وضع الخلافات جانبا والجلوس إلى حوار موسع يفضي إلى حل سياسي للأزمة ويؤدي إلى بناء المؤسسات حول حكومة الوفاق الوطني والشروع في محاربة الإرهاب وتنفيذ مصالحة وطنية. وجاء تدخل الجزائر، التي تلعب دورا مسهلا (ليس وسطيا)، عقب استمرار الصراع بين حكومة فايز السراج بطرابلس ومجلس النواب المعروف ببرلمان طبرق المتحالف مع المارشال خليفة، والتي حالت دون تنفيذ الاتفاق السياسي المبرم أواخر 2015 تحت رعاية الأممالمتحدة. وبلغ الاحتقان في الأشهر القليلة الماضية، إلى التلويح باستخدام القوة من قبل خليفة حفتر ضد حكومة السراج، غير أن تدخل الجزائر ساهم في تلطيف الأجواء وتهيئتها إلى الدخول في حوار سياسي جديد، من شأنه أن يسرع عملية التسوية. وسجلت الجزائر حضورا ملفتا في الملف الليبي، عقب استقبالها تواليا كبار المسؤولين الليبيين على غرار رئيس حكومة الوفاق فايز السراج ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح والمارشال خليفة حفتر. وكان الموعد مطلع الأسبوع الجاري مع مارتن كوبلر المبعوث الأممي إلي ليبيا الذي دعا إلى جعل 2017 سنة للسلام، وأعقب ذلك زيارة أعضاء لجنة الدفاع بمجلس النواب أول أمس، أين التقوا بوزير الشؤون المغاربية الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية عبد القادر مساهل ورئيسا لجنة الدفاع الوطني بغرفتي البرلمان. تحركات الجزائر، تشدد في كل مرة على حصرية الحل وجعله بين أبناء ليبيا دون تدخل الأطراف الأجنبية، وتهدف من الدعوة إلى التسريع بالحوار للتعامل مع الوضع الأمني المتأزم والمرشح إلى تفاقم أكبر في ظل الحديث عن عودة عناصر الجماعات الإرهابية من الشرق الأوسط. وتؤكد الدبلوماسية الجزائرية في كل مناسبة على أن أهمية الجلوس إلى طاولة الحوار الذي لا يقصي أحدا ووضع المصلحة العليا لليبيا ووحدتها الترابية والوطنية فوق كل اعتبار، وترى بمساندة حكومة موحدة تقود مرحلة انتقالية لسنتين منهجية مناسبة لتجاوز المرحلة الصعبة ومحاربة الإرهاب بمساعدة المجموعة الدولية. واستطاعت الجزائر لحد الآن ترسيخ هذه القناعة لدى جزأ معتبر وحققت تقدما معتبر في توفير مناخ ملائم لاستئناف الحوار مجددا بين حكومة السراج ومجلس النواب وخليفة حفتر.