لم يعُد ممكنا ترك الأزمة بليبيا تستفحل أكثر وهي التي تدخل عامها السادس، لهذا نشهد تحرّكات حثيثة ولقاءات واجتماعات مراطونية تعقدها بالأساس دول الجوار مع الفرقاء هناك في محاولة لتقريب وجهات نظرهم حول تسوية سياسية تخرجهم من النفق المسدود وتبعدهم عن شبح الانفجار المحتمل. الأزمة الليبية لم تعد وجع اللّبيين وحدهم بل وجع المنطقة، الإقليم وإفريقيا بأسرها، ويبدو جليّا أن الصّراع على السّلطة والمناصب يجعل الأشقاء هناك غافلين عن إدراك حقيقة أنّهم يقودون بلادهم إلى الهاوية، فكلّما استمرّ التعنّت والخلاف توسّع الشرخ الذي يهدّد بنسف الوحدة الوطنية، وكبرت الأحقاد، وتأجّج العنف وعمّت الفوضى، ومثل هذه الأجواء هي بكل تأكيد ستكون ميدانا خصبا لنموّ وتكاثر التنظيمات الإرهابية والإجرامية، كما أن لصوص الثروة سيستغلّونها لنهب الثروات النفطية وغيرها من الخيرات. ليبيا اليوم أمام مسلكين، أحدهما يقود إلى الجحيم، والثاني إلى الخلاص، وما تحرص عليه دول الجوار وفي مقّدمتها الجزائر، هو مساعدة الليبيين على تقفّي طريق الخلاص اليوم قبل الغد، لأن الوضع قد ينزلق أكثر ممّا يجعل الحظ في النجاة محدودا، حتى لا نقول مستحيلا، ولليبيين فيما يعانيه الأشقاء في سوريا من ويلات، درس يجب أن يستوعبوه لينقذوا أنفسهم ويجنّبوا المنطقة إرهاصات أزمتهم. تحرّكات حثيثة واجتماعات كثيرة تعقدها دول جوار ليبيا في محاولات لتقريب وجهات نظر الفرقاء هناك حول حلّ سلمي وتسوية تحفظ في الأساس أمن ووحدة البلاد، وتقنع المتصارعين على السلطة بتقديم المصلحة الوطنية والانخراط في العملية السياسية، وتوحيد المؤسسة العسكرية والالتفاف حولها لمحاربة الخطر الإرهابي وإعادة الأمن المفقود منذ سنوات. ورغم الوضع الصّعب الذي تعيشه ليبيا وتشابك خيوط أزمتها بفعل تآمر الخارج وبعض الداخل، فالأمل كبير بقرب حلحلتها وإنهاء الكابوس، خاصة وأن المجموعة الافريقية مصرّة على تطويقها سلميّا، وسدّ منافذ التدخل أمام أي جهات خارجية قد تسعى إلى صبّ الزيت عليها وإشعالها حربا تأكل الأخضر واليابس، فقط يبقى على الليبيين التعاون والتجاوب للخروج إلى برّ الأمان في أقرب وقت.