مستقبل المهاجرين يواجه تهديدات في حال فوز اليمين المتطرف يخيم شبح فوز اليمين المتطرف في سباق الإليزيه، المقرر إجراء دوره الأول في 23 أفريل من العام الجاري، على الساحة السياسية الفرنسية. ويمثل هذا المعسكر السياسي في السباق الرئاسي مارين لوبان رئيسة حزب «الجبهة الوطنية». وتتخوف الطبقة السياسية التقليدية من حدوث سيناريو مشابه ل2002 عندما بلغ والدها جان ماري لوبان الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، واضطرت باقي القوى السياسية يمينا ويسارا للاصطفاف خلف المرشح اليميني وقتها جاك شيراك، في إطار ما يعرف ب»الميثاق الجمهوري». وبالإضافة إلى الأفكار الاقتصادية، الداعية لانغلاق فرنسا على ذاتها، وفق توصيف الفاعلين السياسيين، أو ما يسمى ب»الحمائية الاقتصادية»، يتضمن برنامج مرشحة حزب «الجبهة الوطنية»، مارين لوبان، الكثير من الوعود الانتخابية التي تستهدف المهاجرين تحديدا. الأولوية الوطنية في العمل وتركز «الجبهة الوطنية» كثيرا على إشكالية الهجرة، وتفرضها بقوة على طاولة النقاش في جميع المحطات السياسية، بسبب الأفكار المعادية للمهاجرين التي تطرحها، ما يجبر بقية الفرقاء السياسيين الرد عليها باقتراح برامج قابلة للتطبيق. ففي مقابلة مع صحيفة «لوموند» الفرنسية، كشفت مارين لوبان عن وعد انتخابي، تعهدت بموجبه بفرض ضريبة جديدة على المقاولات التي تشغل المهاجرين، إلا أنها لم تحدد قيمتها، وإن كانت تشمل جميع المهاجرين أم المهاجرين غير الأوروبيين فقط. وعبرت لوبان عن عزمها على تطبيق «الأولوية الوطنية في العمل»، الذي كثيرا ما نادى به اليمين المتطرف في كل المحطات السياسية، في حال وصولها إلى قصر الإليزيه. ويهدف إلى إعطاء الأسبقية للفرنسيين في التوظيف، ووضع المهاجرين المقيمين في البلاد بصفة قانونية في المقام الثاني. ومن المعروف أن قانون العمل الفرنسي يؤطر بشكل مضبوط عملية توظيف المهاجرين، ولا يمكن لأي مقاولة توظيف مهاجر إن لم يكن يملك رخصة تسمح له بالعمل. وتوضح المحامية ستيفان بيال في تصريح لمجلة «الإكسبريس» أن قانون العمل يفرض على المقاولات ضريبة معينة عند توظيفها مهاجر يحصل على عمل لأول مرة، ويفرض عليها تأديتها في مدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر. لا تعليم بالمجان لأبناء الأجانب ويتضمن برنامجها الانتخابي، انتهاء التعليم المجاني الذي يستفيد منه أبناء الأجانب، وستطالب الآباء بالمساهمة المادية في تعليم أبنائهم. وفي حديثها لصحيفة «لوموند»، قالت مارين لوبان «إن المهاجرين المقيمين بصفة غير قانونية عليهم العودة إلى بلدانهم»، وعلى الذين سيبقون على التراب الفرنسي من المهاجرين المقيمين بصفة قانونية، «الاستجابة لشروط معينة حتى لا يشكلوا أي عبء على مالية الدولة». فرص الفوز كبيرة وفي ظرف سنوات معدودة، انفردت مارين لوبان بزعامة «الجبهة الوطنية»، ساعدها في بداية ذلك والدها قبل أن تبعده نهائيا عن الحزب في إستراتيجية منها لإعطاء صورة جديدة عن هذه الهيئة السياسية. ونجحت مرشحة اليمين المتطرف للانتخابات الرئاسية في توسيع شعبية حزبها، وتقديم صورة مغايرة عن تلك التي كانت سائدة عنه أيام رئاسة والدها له، وتفوقت إلى حد كبير في ترسيخ اسم الحزب، الذي يوصف من قبل بعض المحللين ب»المقاولة العائلية»، في المشهد السياسي الفرنسي كهيئة سياسية عادية كباقي الهيئات الأخرى. ولم يرق مارين لوبان في مقابلة مع قناة «سي إن إن» الأمريكية أن تعيدها لتصريحات سابقة لها حول الهجرة في 2012. وحاولت في البدء أن تنفي ما قالته، إلا أن مواجهة صحافية القناة لها بالفيديو المتضمن لتصريحاتها، فسرته بأن الترجمة كانت مغايرة للمضمون. وشبهت مارين لوبان في هذا الفيديو فرنسا بمنزل، وقالت «نحن مالكوها، لنا الحرية في أن نقرر من نريد أن يدخل إليها، ومن نريد استضافته»، إلا أنها تسلك في السنوات الأخيرة سياسة جديدة في التسويق لصورة حزبها، وتتجنب التصريحات الصادمة والعنصرية، كما كان معتادا مع والدها، الذي دخلت معه في مواجهات قضائية نتيجة ذلك. وتزداد حظوظ مارين لوبان في المرور إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، الذي سيجرى في السابع ماي من العام الجاري، مع فضيحة الوظائف الوهمية التي يتخبط فيها فرانسوا فيون، مرشح اليمين التقليدي، الذي كان يعتبر الأوفر حظا للفوز في هذه الانتخابات.