كان يكفي أن يصدر تقرير غولدستون حول الجرائم الاسرائيلية في غزة ليكشف عن انهيار التنسيق السياسي بين القيادة الفلسطينية التي طلبت بتأجيل ادانة الكيان الصهيوني والاطراف المشرفة على عملية السلام في المنطقة. الفعل السياسي اليوم بمنطقة الشرق الأوسط انفلت من أيدي الجميع الذين كانوا يعتقدون بأن القرار يصدر عن عاصمة عربية واحدة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية . وليس له امتداد في واشنطن أو في جهات أخرى لها تأثير قوي ومباشر على ما يحدث للفلسطينيين . وهكذا فإن القرار الفلسطيني المستقل الذي دافع عنه عرفات الى غاية وفاته. صادرته جهات بكل هذه السهولة لتنقذ اسرائيل من ادانة دولية واسعة نظرا لما اقترفته من جرائم في غزة. الكل اليوم تحت الصدمة لما صدر عن القيادة الفلسطينية الراهنة.. وهذا عندما سارعت الى مطالبة اجتماع حقوق الانسان بتأجيل المصادقة على تقرير غولدستون، مما أثار سخطا واستنكار العديد من الاطراف العربية التي تنفست الصعداء بحضور فرصة لادانة اسرائيل في محفل حيوي.. لكن كل شيء ذهب ادراج الرياح.. واصيب العرب مرة أخرى بخيبة أمل، كما اعتادوا على ذلك منذ 1948 . ما يحدث اليوم في منطقة الشرق الأوسط من مناورات سياسية يؤكد حقيقة مفادها أن حل القضية الفلسطينية ليس غدا.. ولن يكون أبدا بالطرق التي تتم اليوم .. والتي لا تخرج عن نطاق التراجع عن المواقف التي تفضح اسرائيل أمام الرأي العام العالمي وتظهر غطرستها وهذا يعني أن خيار مقاومة هذا الكيان اسقط تماما ودخلنا عهد الخضوع والخنوع. لذلك فإن نقل تقرير غولدستون من مجلس حقوق الانسان الى مجلس الأمن ماهو إلا تمييع.. كون هذا التقرير قتله الموقف الصادر عن القيادة الفلسطينية وليس له أي تأثير عندما يطرح على جهة غير مختصة، والأدهى والأمر لم يصادق عليه على مستويات أخرى الأقل مؤسساتيا فكيف يوجه الى درجة اكبر من الأولى. إننا فعلا أمام مناورات تحمل ذلك الطابع العبثي التي تريد ربح المزيد من الوقت يكون لها تأثير على مستويات أخرى منها : إن اسرائيل اصبحت لا يهمها السلام ولا المفاوضات في عهد نتنياهو همها هو اعتبار السلطة ملحقة الى حكومة لبرمان وباراك وغيره.. من خلال حرمانها من كل قرار مستقل. على القيادة الفلسطينية أن تدرك ادراكا جيدا بأن اسرائيل لن تعطيها أي شيء عدا ما تحصلت عليه في اوسلو . الموثف صعب جدا... على جميع العرب في المنطقة لأن حساباتهم مبنية على وعود اسرائيلية كاذبة لاتتعدى جدران لقاءاتهم مع المسؤولين الاسرائيليين هنا وهناك.. لبناء السلام المزعوم الذي يرفع شعاره زورا وبهتانا وهو غير موجود في الواقع بتاتا.. انظروا ما يحدث في القدس.. على أي مفاوضات نتحدث !؟ إن السلام الذي يقصى من صناعته البعض من العرب وحصره في جهة واحدة لن يكتب له النجاح ابدا.. لأنه لا يبنى على مسائل جادة وحقائق ثابتة ومواقف صلبة، بل يخضع لمنطق المسكنات والمهدئات.. وحتى المجاملات وهذا ما نقف عليه اليوم في منطقة الشرق الأوسط. وما حدث في جنيف للعرب هو من تداعيات كل هذه المناورات التي تنسج في الخفاء.. حتى أوباما لن يعطي للفلسطينيين أي شيء ماعدا الكلام المعسول.. فهل استطاع توقيف المستوطنات مبعوثه ميتشل قال صراحة »لقد فشلت« .