لقد استطاعت دولة ''الأئمّة الزيدية'' الحكم في اليمن لقرابة 11 قرنا، وسقطت عام 1962 عقب الاعلان عن قيام النظام الجمهوري وظل المذهب الزّيدي، مذهبا فكريا وفقهيا لقطاع عريض من الناس واقتصر دور أتباعه على التعليم والدعوة في إطار ضيّق نتيجة الانتكاسة التي وقعت للمذهب. لكن مع انتصار الثورة الإيرانية في فترة الثمانينيات والتواصل الذي تم بين مرجعيات دينية في إيران وزيدية في اليمن بدأت ملامح التيار الحوثي تظهر الى العلن من خلال بعض الأحزاب السياسية، كان منها ''حزب الثورة الاسلامية'' و''حزب الحق'' و ''حزب الله'' و ''إتحاد القوى الشعبية اليمنية''، وهي جميعا أحزاب شيعية توارت عن السّاحة ولم يبق منها غير اثنين هما ''حزب الحق'' و ''إتحاد القوى الشعبية اليمنية''. من عام ,1990 مع قيام الوحدة اليمنية واقرار التعددية الحزبية أسّس ''بدر الدين الحوثي'' الذي يعتبر الزعيم المؤسس للحركة الحوتية والأب الروحي لها. ''حزب الحق'' عام ,1997 تمّ تأسيس ''منتدى الشباب المؤمن'' وتحّول اسم هذا الحزب الى ''تنظيم الشباب المؤمن'' بقيادة ''حسين الحوثي'' ابن ''بدر الدين الحوثي''. وتمكن ''الشباب المؤمن'' من استقطاب الشباب والقبائل والواجهات الاجتماعية في صعدة وأخذ ''حسين الحوثي'' بتوسيع نشاطه خارج منطقة صعدة ليؤسس مراكز مماثلة لمركزه في عدة محافظات، كما أقام المراكز العلمية المسماة ب ''الحَوْزَات'' ونشر العديد من الكتب التي تروّج لأفكاره، بل تعداها الى تحريض أتباعه على اقتناء الأسلحة والذخيرة، تحسبا لمواجهة الأعداء من أمريكان ويهود. وقد أظهر الحوثيّون نقمتهم على النظام الجمهوري وعلى سيطرة ما يصفونه بالوهابية على التعليم واكتساح الساحة، كما أعلنوا نقمتهم على أوضاعهم المعيشية ولم يخفوا رغبتهم في إعادة مجد الإمامة. وقد حاول النظام ياليمني في البداية استقطاب الحوثيين ولم ينتبه الى خطورتهم، إلا بعد أول اصطدام معهم والذي كان عام ,2003 بعد احتلال العراق، حيث دفع الحوثي بأنصاره الى التظاهر وترديد شعارات ضد إسرائيل وأمريكا، فتحولت المظاهرة الى مواجهات وصدامات دموية خلفت عددا من القتلى والجرحى. وبدأ الصّراع بين الدولة وأتباع الحوثي يأخذ طابع الاعتقال وإغلاق المحلات من طرف النظام ولجأ الحوثي الى التحصن بالجبال وتزويد أتباعه بالسلاح، وبات التنظيم يشكل قوة سياسية كبرى واحتكر ''الشباب المؤمن'' ساحة الحوثيين وزحزح ''حزب الحق'' و ''حزب إتحاد القوى الشعبية''. وخاض ''حسين الحوثي'' في 18 جوان 2004 حربا ضد الدولة استمرت ثلاثة أشهر، ولم تنته إلا بعد القضاء عليه في 10 سبتمبر .2004 وبعد هذه الحرب، انفرط العقد وبات النظام اليمني يعتبر المتمردين الحوثيين لا يقلّون خطورة عن دعاة الانفصال في الجنوب، كما جزم بوجود أطراف خارجية تعبث بأمن اليمن وتعمل على نسف وحدته. ويأتي الاصطدام الحالي بين النظام اليمني والحوثيين بقيادة عبد الملك الحوثي، بعد فشل عدة محاولات لإقرار وقف اطلاق النار بين الجانبين واتفاقيات رعتها قطر آخرها تم توقيعها في فيفري الماضي، لكن لم يتم الالتزام بها.