تعتبر التشريعيات خارج طابعها الانتخابي من اجل كراسي البرلمان نافذة يتعرف من خلالها المترشحون ومن وراء نشاطهم الرأي العام الواسع عن الطاقات والقدرات التي تتوفر عليها الجزائر العميقة خاصة على مستوى الهضاب العليا والصحراء حيث تتطلع الطبيعة والإنسان لمشاريع من مختلف الأحجام تسمح بتغيير الواقع الاقتصادي والاجتماعي انسجاما مع التوجهات الإستراتيجية التي يرمي إليها النموذج الاقتصادي الجديد للنمو. ولان المترشحين يرافقهم في الصف الأول رجال أعمال ومتعاملون «تستهويهم» السياسة، يمكن لهؤلاء، حتى في حالة احتمال خسارة السباق، اغتنام الفرصة للانتقال مباشرة إلى الساحة الاقتصادية بكافة فروعها وفي كل القطاعات من استثمار وإنتاج وتسويق وتصدير للمساهمة في المجهود الوطني لمواجهة التداعيات المترتبة عن الصدمة المالية الخارجية، في شكل يعكس درجة من الالتزام بخدمة المصلحة العليا للبلاد. إن هذا الشغف بالمواقع البرلمانية ينبغي أن يتبعه شغف بالتواجد في السوق الاستثمارية وبنفس العزيمة والإصرار بدل الانكفاء على الذات والعودة إلى خندق المواقف السلبية التي تغذي الإحباط، وحتى قادة الأحزاب مطالبون بتنمية ثقافة الرؤية الايجابية للأفق وتجاوز النظرة الضيقة بما يعكس انسجامهم مع الخطاب الانتخابي وتحويله إلى ممارسة طبيعية، على اعتبار أن خدمة الصالح العام يمكن انجازها في أكثر من موقع. لذلك يمكن تحويل الاختلاف بمفهومه الايجابي إلى طاقة خلاقة للابتكار والتنافس البناء للدفع بالمجتمع إلى مرحلة أفضل تسمح له بالخروج من دائرة الأزمة وضغوطاتها إلى مساحة تستوعب انشغالاته وتطلعاته المشروعة في بلوغ درجة متقدمة من الرفاهية المرتكزة على عناصر اقتصادية محلية منتجة للثروة، وهي متوفرة في مختلف ربوع الجزائر خاصة في الفلاحة والسياحة والمناجم وغيرها. ولعل من ابرز مؤشرات مصداقية الخطاب الانتخابي أن لا ينزلق البعض إلى ممارسة تجاوزها الزمن بمحاولة الاستثمار في جوانب الأزمة بقدر ما ينبغي الانخراط في تنافس الأفكار والحلول، طالما أن الهدف المطلوب هو خدمة البلاد وشعبها. ولا يمكن رهن حب الجزائر بالفوز والعكس صحيح، إنما المناسبة مواتية للجميع لإظهار مدى التطور النوعي للخطاب الحزبي ورقي الأسلوب الديمقراطي، في وقت تتواصل فيه الحملة الانتخابية في جو هادئ.