جولة أخيرة قام بها الوفد الصحفي مرفوقا بمناصري "الخضر" بالخرطوم إلى مكان تدريب لاعبي الفريق الوطني عشية المقابلة الحاسمة في معركة التأهيلات إلى مونديال جنوب أفريقيا ،بملعب الهلال تحديدا غير بعيد عن ملعب المريخ بأم درمان الذي يحتضن المقابلة المصيرية بين الجزائر ومصر. كانت الرحلة إلى ملعب الهلال بطيئة للغاية وسط اكتظاظ كبير في حركة المرور بدءا من السادسة مساء، حيث يخرج جميع العاملين السودانيين من وظائفهم عائدين إلى المنازل في وقت واحد . بدت الصورة واضحة في شارع الحرية الطويل بقلب العاصمة السودانية ،الممر الحتمي إلى ام درمان على بعد 20 كلم من الخرطوم. ويقع على هذا الطريق الرئيسي الذي شيدت به أفخم الفنادق والمرافق ، ملعبا المريخ والهلال، حيث كانت آخر تدريبات الخضر في حدود الساعة الثامنة والنصف بالتوقيت المحلي السادسة والنصف بتوقيت الجزائر، وهي الفترة الزمنية للمقابلة المصيرية للخضر. وأكد لنا المعز إبراهيم وهو طالب جامعي في السنة الثانية بكلية النيلين تجارة ،كيف تحول هذا الشارع الطويل إلى فضاء لمسيرات حاشدة لأغلبية السودانيين مناصرة للفريق الجزائري الذي تراه أهلا بالفوز والمرور إلى جنوب أفريقيا. ووقفنا على هذه الحقيقة بعين المكان طوال تواجدنا بالخرطوم وتبين لنا بالملموس لماذا يؤازر السودانيون "الخضراء" التي أعادت الكرة الجزائرية إلى الواجهة بعد غياب طويل تجاوز عشريتين من الزمن، ولماذا انخرطوا مع أنصار "الخضر" في هذه المساندة والهتاف بأعلى الأصوات "وان تو تري فيفا لالجيري" . وكيف لم يتردد الطالب المعز إبراهيم في الالتحاق بالفريق الجزائري في فندق " تاكا هوتال" بمجرد السماع عن وجودهم فيه والاندماج على الفورفي مناصرة "الخضر" الذين يحملون مقومات ومؤهلات فنية يحسب لها الحساب. مكانة متميزة في الصحافة وترجمت هذا الموقف الصحافة السودانية التي أعطت حيزا كبيرا للفريق الوطني وخصصت له أولى صفحاتها منذ الإعلان عن تنظيم المقابلة الحاسمة بين الجزائر ومصر بالخرطوم، وتكشف النقاب عنه جريدة "الصدى"؛ و"المريخ"؛ و" قول" الرياضية و " الهلال" و " حديث البلد". وظل أفواج السودانيين يتهافتون على مقر إقامة الفريق الوطني بفندق برج الفاتح الذي يحمل اسم العقيد معمر القذافي الذي دشنه عام 2007 . يقع الفندق شمال جامع النيلين ؛ وهو احد المرافق السياحية الهامة واجمل فنادق الخرطوم على الاطلاق. وعلى بعد 100ميل غرب فندق " طاكا هوتل" الذي نقيم فيه ؛كانت العائلات السودانية جالسة في استرخاء بغابة السنط على مشارف النيل الابيض الذي يعطي الخرطوم الاخضرار الدائم ويزيدها انتعاشا وبهجة، عائلات ترتشف المشروبات في هدوء وتناغم هروبا من يوميات المدينة وضوضائها، سرعان ما تحركت بمجرد رؤية الوفد الجزائري حاملا الراية الوطنية هافتا بحياة الخصر والجزائر وبعلاقة الصداقة والأخوة مع السودان على ممر الأزمنة والحقب. وشق الوفد الجزائري طريقه في هذه الأجواء الحماسية الفياضة والهتافات التي تعلو سماء الخرطوم معطية لها ديكورا لم تألفه ولم يتعود عليه. وزادت الهتافات التي تقاسمها بعفوية السودانيون مع الاصوات المندفعة من حافلات النقل التي امتلأت على آخرها وهي تقل السكان الى ديارهم بعد عناء العمل ومشقته. وكادت المشادات تحدث اكثر من مرة بين المناصرين الجزائرين والمصريين الذين يلاحظ قلة عددهم ؛ لكن السودانيين في كل ملامسة وشحنة يتدخلون الى جانب الجزائريين مرددين بلكنة محلية العبارة المالوفة التي ترافق الفريق الوطني في كل مكان وتلازمه في كل محطة وموعد رياضي يصنع: " معاك يا الخصرة.. معاك يا جزائر". وهي عبارة بمجرد تسمع ، تشعل الحرارة في النفوس ، وتوقد توهج مؤازة الخضر ومناصرتهم على الدوام بلا حسابات ولامقدمات.