تكتسي مسالة التعاضديات العمالية أهمية كبيرة في عالم الشغل ويزداد الحرص على تنميتها بما يعزز المكاسب ويعمق من الخدمات، في وقت تقف فيه القدرة الشرائية على خط احمر لأسباب يعرفها العام والخاص. ويثير إدراج ملف منظومة التعاضديات في جدول أعمال الثلاثية المقررة اليوم تساؤلات تتطلب إجابات لا يمكن التوصل إليها، إلا من خلال إرساء حوار مباشر بين ممثلي التعاضديات والجهات المعنية إن كانت لها الرغبة في تنميتها والنهوض بها كما تبين في الاجتماع الذي عقد قبل أيام بالعاصمة على خلفية تخوفات الدفع بالمنظومة إلى متاهات بما يعرض أملاكها لمخاطر تدخل الجانب الإداري من خلال احتمال تكريس مفهوم خاطئ لممارسات بيروقراطية مكلفة. ويستشف من الجدل القائم أن الحكمة تتطلب التريث في معالجة الملف والبحث فيه من خلال تفعيل المجلس الاستشاري بتجديد أعضائه بعد مرور سنتين تقريبا من انتهاء العهدة. وقد وجهت جملة من المراسلات للجهات المعنية منها وزارات الصحة والمالية والتضامن الوطني والداخلية، وكذا المركزية النقابية للمطالبة بسحب الموضوع من جدول أعمال الثلاثية لكن الظاهر أن لا حياة لمن تنادي، علما أن الخيار المفضل يدفع إلى إنشاء فيدرالية للتعاضديات تكون تحت إشراف الاتحاد العام للعمال الجزائريين بما يحد من اتساع مجال تدخل إدارة القطاع، خاصة إذا ما صدق ما يدور في الساحة من وجود نية لفرض وصاية إدارية تكون بمثابة جسر لعبور بيروقراطيين إلى مراكز القرار في تسيير التعاضديات بينما يتمثل مواردها من اشتراكات العمال الإرادية. للإشارة، تتوفر التعاضديات على جمعيات عامة ويتولى تسييرها مجالس إدارية تعين مسيرين وتخضع لمراقبة من محافظي الحسابات وللتعاضديات أملاك عقارية لا يستهان بها وربما تسيل لعاب الكثيرين، ما يضاعف من درجة اليقظة والدقة في معالجة المسالة باستشارة المعنيين بالدرجة الأولى كما طالبت به لجنة التنسيق التي تمثل 21 تعاضدية حاليا. وأعلنت بشكل مباشر رفضها تعيين الوزارة لمتصرفين إداريين على اعتبار انها ليست بحكم القانون وصاية مباشرة، وإنما للتعاضديات طابعا مستقلا لاستقلالية المنخرطين فيها وإلا لم تتم عرقلة تأسيس فيدرالية تجمع القدرات، علما أن التعاضديات تضم حوالي 2,1 مليون منخرط من كافة القطاعات وتوفر خدمات لحوالي 7 ملايين مستفيد من ذوي الحقوق. وكان وزير العمل قد صرّح بأنه يسهر على دعم التعاضديات العمالية لكن كيف يكون ذلك ياترى.. علما أن بإمكان الوزارة المعنية أن تدعمها من خلال مثلا المساعدة في تأسيس بنك للتعاضديات وإلغاء الرسم على القيمة المضافة وتخفيضات في الضرائب وتسهيلات مالية للحصول على تجهيزات وعتاد والعمل لتوسيع دائرة الانخراطات والحد من تدخل البنوك والتأمينات، وهي محاور يمكن أن تكون آليات دعم باستطاعة الوزارة أن توفرها وعدم إقحامها في التسيير لما فيه من بيروقراطية ومخالفة للطابع ألتعاضدي.