تعوّل التعاضديات العمالية التي توصلت إلى تأسيس تنسيقية في اجتماعها الأخير على وزير التضامن ولد عباس لإيصال مطالبها إلى السلطات العليا المعنية ومرافقتها في بلوغ مستوى نوعي مستقبلا بما يحميها من أيّ مشاريع غامضة بداعي الإصلاح، الأمر الذي أثار منذ البداية تساؤلات حركت التعاضديات بهدف السعي إلى منع مرور أيّ مسودّة يكتنفها الغموض وتفتقر للوضوح أو لا تلتزم بالإطار القانوني، الذي يكرس حرية الإنخراط في التعاضديات وعدم جواز إخضاعها للوصاية الوظيفية باعتبارها هياكل غير تابعة وظيفيا للإدارة التي تحتفظ فقط بحق مراقبة جانب المشروعية القانونية. إلا أن إشراف وزير التضامن على ندوة إعلان ميلاد التنسيقية بحضور حوالي عشرين تعاضديه من مجموع ثلاثين تقريبا بمتابعة من محضر قضائي عاين الأشغال، لا ينبغي أن يصبّ في إطار محاولة الإلتفاف عليها في ظل ما أصبح يعرف بالصراع الخفي على التعاضديات لما تتوفر عليه من موارد وممتلكات. وكان الأجدر بالأطراف المعنية جميعا أن تحضر اللقاء بما فيها وزارة العمل لتوضيح الرؤية المستقبلية بما يحد من حجم التأويلات وقراءة النوايا، مع الإشارة إلى أن الوزارة لم تحضر الندوة؟ وربما تكون التعاضديات قد حققت أول مكسب بتنظيم ندوة وطنية لأول مرة، لتخرج بذلك إلى الرأي العام والتأكيد أن لديها موقع، وبالتالي الأخذ في الإعتبار بمتطلباتها بهدف التحسين من التنظيم والأداء في ظل وضعية منظومة العمل المعرّضة للمخاطر الإجتماعية باستمرار. ويطرح السؤال بشأن عدم التسهيل من الجهة المعنية لنشاط فيديرلية التعاضديات بعد أن وافقت عليها وزارة الداخلية، ولماذا التماطل في عدم تفعيل إجراءات تجديد المجلس الاستشاري بعد أن انتهت عهدته منذ زمن معتبر، علما أن المجلس يلعب دور الحلقة الوسيطة بين التعاضديات والسلطات العمومية المختصة في الشأن. وأبدى التعاضديون رغبتهم الايجابية لو دعيوا إلى الإسهام في تنشيط النقاش في إطار الثلاثية، باعتبار أن من مثلها يبدو غير ملم بالموضوع في الاتجاه المطلوب، إذ الحاجة أن يتم إثراء القانون 90 33 لفائدة التعاضديات، وليس بشكل يعارض مصالح منخرطيها. وليس منطقيا أن تمتد إليها أيدي من خارجها لتولي شؤون التسيير. هكذا إذن يبدو أن التعامل مع التعاضديات سيكون من خلال تنسيقيتها الجديدة بهدف التوصل إلى تحقيق أهداف تصب في تعزيزها من كافة الجوانب، وحماية ممتلكاتها العقارية وترقية خدماتها بما فيها العمل على تحقيق مكاسب مثل الإعفاء الضريبي وغيره. وليس من جانب إحداث الخلل في دواليب التسيير، ذلك أن لا صلة عضوية للوصاية القانونية في عمل التعاضديات التي تشرف على أموال العمال، والمطلوب منها أن تساعدها في توسيع دائرة الإنخراط وتسهيل المحيط. ولأن التقاعد التكميلي يخضع لموارد معتبرة، فإن إنجازه من التعاضديات يبدو أمرا عسيرا، فإن كان يصلح للبعض من التعاضديات ميسورة الحال فإنه يصعب على البعض الآخر. وتشير بعض المصادر إلى أن للتعاضديات موارد تفوق ميزانية الصحة بنسبة معتبرة، مما يبدو أنه يسيل لعاب المتربصين بها وهي تعتزم أن تلعب دورها كاملا في سياق برنامج رئيس الدولة في شقه الاجتماعي، خاصة وأن لديها شبكة قاعدية من الهياكل التي يمكنها أن تؤدي أكثر من دور في مجالات التغطية الاجتماعية للعمال.