تعوّل الجزائر كثيرا في المرحلة المقبلة على تحديث مؤسساتها العمومية التي تتوفر على مكانة في السوق، على إعتبار أن الدولة ستنطلق مع بداية السنة المقبلة في تجسيد إجراءات فعلية لتأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورفع مساهمة المؤسسات المحلية في تنفيذ البرامج العمومية التنموية، وبالموازاة مع ذلك سيشرع في إعادة الإعتبار للمؤسسات العمومية التي تستحوذ على حصة في السوق، علما أن آخر الأرقام تكشف أن حجم ديون الشركات العمومية يفوق 300 مليار دينار وتعاني نحو 150 مؤسسة عمومية من عدم النجاعة. ويبقى رهان كسب معركة تطهير المحيط الإقتصادي الهاجس الأكبر كشرط للقفز نحو مواصلة تجسيد مسار تنموي إقتصادي وإجتماعي تجسيدا لبرنامج رئيس الجمهورية لخلق المزيد من الثروة وترقية الإنتاج الوطني وفتح مناصب شغل جديدة وبالتالي تحسين سقف القدرة الشرائية. ويبدو أن الجانب التقييمي الدقيق والشفاف والرقابي الصارم، من شأنه أن يحسم المعركة لفائدة نجاح الخطة المنتهجة والسياسة المتبعة غير أنه يفترض أن يتوخى في كل هذا تجسيد استراتيجية دقيقة تسند إلى فئات تتسم بالكفاءة والمهنية حتى ينجح في الدفع بآداء شركاتنا العمومية والخاصة لجعلها مربحة وتنافسية، حتى وإن كان في إطار شراكة استراتيجية مع الشركات الأجنبية، حتى يقطع الطريق أمام الذهنيات التي تعشعش فيها البيروقراطية وتناور من أجل مصالحها الشخصية. إن تطهير المؤسسات وترقية وتفعيل الإنتاج الوطني لن يتحقق بدون تكريس شفافية حقيقية ورؤية استراتيجية هدفها الجوهري مصلحة الجزائر والمنتوج الوطني، بغض النظر إذا كانت مؤسسات خاصة أو عمومية، لأنه ثبت أن ضخ المزيد من أموال الخزينة العمومية على المؤسسات العمومية دون تحديد مستقبل هذه المؤسسات أو مدى قابليتها للإستمرار يعدّ مخاطرة حقيقية. علما أن آخر الإحصائيات التي صدرت في غضون الأسابيع القليلة الماضية كشفت أن ديون الشركات العمومية تفوق سقف 300 مليار دينار، كما جاء التأكيد على أن نحو 150 مؤسسة عمومية غير ناجعة تستدعي تدخل الحكومة العاجل بهدف تحديد مستقبلها. ويأتي إقرار قمة الثلاثية بعقد إجتماع فصلي لشركاء الثلاثية من شأنه الوقوف على مدى تجسيد الإجراءات والتدابير، سواء تلك المتعلقة بالمؤسسات الإنتاجية وكذا الوقوف على العراقيل والصعوبات التي تطرح من حين لآخر، وتواجه المستثمرين من أجل ترقية آداء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والرفع من تنافسيتها في السوق الوطنية والعربية، ولما لا دوليا كذلك. ورغم تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية وتأثر جميع دول العالم بترسباتها بما فيها النامية، لأن أسعار النفط عرفت تراجعا محسوسا، إلا أنه يتوقع أن تقفز نسبة النموّ خارج المحروقات إلى نحو 9٪ خلال نهاية السنة الجارية، وسيرافق هذا المعدل تراجع مستمر للبطالة، لأن نسبة النموّ خارج قطاع المحروقات إستقرت عند معدل 6٪ سنويا في الفترة الممتدة ما بين سنة 2005 و,2008 ويرجع ذلك إلى توقع تسجيل إنتاج فلاحي جيد. وينتظر الخبراء أن تعرف سنة 2010 نموا سنويا للناتج الداخلي الخام بنسبة 5٪ في الفترة الممتدة من سنة 2010 إلى غاية آفاق عام ,2014 ولا يعد قطاع الفلاحة وحده من عرف إنتعاشا محسوسا، لأنه حسب التقرير التقييمي للعقد الوطني الإقتصادي والإجتماعي فإن مؤشرات التنمية البشرية والإقتصادية في منحى جدّ إيجابي، على إعتبار أن هناك جهد يبذل من أجل إعادة بعث حقيقية للمؤسسة الجزائرية تعكسها الإدارة السياسية القوية القائمة مع ترقية الإنتاج الإقتصادي عن طريق مختلف التدابير المستحدثة على غرار تقليص الأعباء الإجتماعية، مقابل إستحداث مناصب شغل جديدة من مقاربة إقتصادية والمزيد من تخفيف الأعباء الجبائية بهدف دعم الإستثمار من أجل تعزيز دور ثقل المؤسسة المحلية في تجسيد سياسة الإستثمار، وحماية السوق المحلية من المضاربة إلى جانب تطهير عملية الحصول على العقار الصناعي ودعم القروض الممنوحة إلى المؤسسات.