أجمع الأساتذة الباحثون المتدخلون في أشغال الملتقى الوطني الأول حول «دور وسائل الإعلام والاتصال في حفظ الثقافة الاجتماعية» الذي احتضنه قسم الإعلام لكلية العلوم الإنسانية بجامعة مولود معمري بتيزي وزو، على الدور المزدوج الذي تلعبه وسائل الإعلام التقليدية والحديثة في حماية الثقافات المحلية للشعوب ونقلها عبر الأجيال، والوجه الثاني الغامض والسلبي لهذه الوسائل التي تستعمل من بعض الدوائر في هدم منظومة القيم الاجتماعية والثقافية للشعوب والأنظمة الحاكمة بطريقة ممنهجة ومدروسة. حذّر الدكتور بريك الله حبيب من جامعة تندوف في مداخلة حول الثورة المعلوماتية والشباب الجزائري بين إشكالية سهولة الوصول ومجانية التواصل « من مخاطر عدد من مواقع التواصل الاجتماعي المتخصّصة في نشر الأفكار الهدامة والدعاوى المغرضة لتفكيك النسيج الاجتماعي للمجتمعات العربية وقيمها الثقافية والدينية في ظل ضعف آليات الرقابة وعدم القدرة على التحكم في الكم الهائل من المعلومات المتدفقة عبر شبكة الانترنت، متسائلا في إشكالية الدراسة عن الخلفيات والأهداف التي جعلت من مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة سهلة الوصول والاستعمال ومجانية التواصل على خلاف باقي قنوات الاتصال الأخرى كالهاتف مثلا؟ وموقع فئة الشباب في هذه الإستراتيجية الساعية إلى تخريب النواة الأساسية للمجتمع وتركيبته المتكاملة. كما عرض الباحث نماذج لبعض المواقع الاجتماعية الأكثر استعمالا في المجتمعات الحديثة ومنها المجتمع الجزائري وانعكاسها السلبي على الروابط الاجتماعية والأسرية والثقافات المحلية للشعوب على غرار مواقع التحميل المجاني للمعلومات والملفات، مواقع اليوتيوب، المواقع الإباحية ومواقع الألعاب الالكترونية العنيفة والمخدرات الالكترونية وغيرها من المواقع الموجهة لتضليل الرأي العام والعمل على نشر الأفكار الدينية والطائفية لتشويه الهوية الثقافية والمرجعية الدينية للأمة الجزائرية وتهديد استقرارها الأمني والسياسي على غرار مصير ما عاشته بعض البلدان العربية. بدوره عرض الدكتور حجام الجمعي من جامعة أم البواقي في أشغال اليوم الأول من الملتقى مداخلة حول أزمة الإعلام الثقافي الجزائري وانعكاسه على الأمن الثقافي، حاول من خلالها الباحث تقديم تشريح تاريخي شامل لتطور وسائل الإعلام الثقافي في الجزائر، منذ الاستقلال وطريقة تعاطيها مع المشهد الثقافي والتساؤل، إن كانت أزمة هذا المشهد مرتبطة بالوسيلة أم الرسالة مع دعوته إلى ضرورة «التأسيس لإعلام ثقافي يكون حاملا للتراث الثقافي الجزائري بثرائه وتنوعه وأهمية تجفيف كل مصادر الخوف على الثقافة والشخصية الثقافية التي يهدف إليها الأمن الثقافي بتبني مقاربة متكاملة بعيدة عن التوجهات الايديولوجية والسياسية. كما شهد الملتقى أيضا عددا من المداخلات الأخرى التي أثرت إشكالية الملتقى المبنية بحسب رئيس الملتقى الدكتور ايكوفان شفيق حول «مسألة التسارع الحاصل في وسائل الإعلام والاتصال في إطار العولمة التي تقوم بعدة مخططات ثقافية واجتماعية على مستوى العالم تهدف إلى طمس الثقافات والهويات المحلية للشعوب والدول، وعلى هذا الأساس يضيف الأستاذ حاولنا أن نشرح ظاهرة وسائل الإعلام ومدى قدرتها في الحفاظ على الثقافة الاجتماعية للأمم، بما فيها وسائل الإعلام الجزائرية طبعا، كما سنحاول من خلال هذا المحور أن نركز على الدور الذي من ممكن أن تلعبه وسائل الإعلام والاتصال في حفظ هذه الثقافة من جهة والدور الذي تقوم به وسائل الإعلام الأجنبية في عملية الطمس والتشويه، وهذا عبر أزيد من 80 متدخل من 15 جامعة جزائرية في تخصّصات متنوعة بما يخدم محاور الموضوع المتشعّب.