راج قبيل أيام من رمضان بين العديد من المحتاجين المسجلين في قائمة المستفيدين من الوجبات الجاهزة ككل سنة أن مكتب الهلال الأحمر الجزائري بمدريسة، غير طريقة إطعام المحتاجين الذين كانوا يتوجهون يوميا إلى مقر المدرسة الابتدائية بمدريسة، حيث رخص لمكتب الهلال الأحمر الجزائري بطهو وتوزيع الوجبات الساخنة حيث تطوعت نسوة من المحتاجين لتحضير الأطباق المخصصة للتوزيع ويتولى أبناء الأسر المسجلة قبيل شهر رمضان نقل الوجبات الكاملة إلى البيوت، «الشعب» تنقل هذه العملية التضامنية بعين المكان. فور سماعنا خبر استبدال الوجبات الجاهزة أي المطبوخة محليا بطرود غذائية كاملة تنقلنا إلى مدرسة مهنان الطيب الابتدائية بمدريسة، حيث استقبلتنا رئيسة المكتب البلدي للهلال الأحمر بن رابح شهرة وهي أستاذة متقاعدة تترأس تطوعيا المكتب منذ سنوات، وبعد استقبالنا أعطتنا لمحة وجيزة عن الفكرة الجديد وأحالتنا على المكلفة إعلاميا وماليا بمكتب مدريسة بلحميش جميلة وهي موظفة بالبلدية ومتطوعة منذ سنوات بالهلال الأحمر الجزائري. ارحموا عزيز قوم ذل بلحميش قالت ل «الشعب» إن الفكرة راودت المشرفين على المكتب منذ سنوات، وذلك بعد اكتشاف أن العديد من المحتاجين والمعوزين يرفضون التوجه إلى الهلال الأحمر الجزائري لأخذ وجبات الإفطار حتى لا يظهروا للعيان بسبب الحياء وعزة النفس كما قالت، وتذكرت المقولة المشهورة «ارحموا ثلاثة غني قوم افتقر وعزيز قوم ذل وعالم وسط الجهال » وأخذت الشعار «ارحموا عزيز قوم ذل» وحسب بلحميش أو أم وسيم كما تحب أن تلقب فإن أحد الصبيان نابز زميله ونعته ب «ابن الهلال» وهو ما ترك فيها أثرا عميقا وجعلها تفكر كيف تغني المعوزين السؤال أو تبعد فكرة ابن الهلال عن المحتاجين، وتضيف جميلة أنها أحبت ذلك الطفل الذي أطلق عليه لقب ابن الهلال وتمنت لو يكون ابنها وهي لا تزال تعزه وتقربه منها. الفئات المستفيدة من هبات الهلال الأحمر الجزائري بمدريسة هن الأرامل وذوو الحاجات الخاصة ولاسيما الأمهات العازبات حيث اكتشفنا ذلك دون أن تفصح لنا بلحميش عن ذلك، وهي فئة مهمشة ومنسية ولا تدخل في حسبان المسؤولين والمتصدقين بسبب التستر وعدم اعتراف المجتمع بهذه الفئة من اللاتي ابتلين ولم يجدن من ينصرهن أو يدافع عنهن فالأسر تهمش المستهدفات، والمجتمع يرفض إدماجهن وتبقى الأمهات تحترقن في صمت. هذه هي الأسباب التي أدت إلى التفكير في توزيع طرود قيمة من المواد الغذائية واللحوم وغيرها مما يحتاجه المسجلون ضمن قوائم المستفيدين والذين فاق عددهم 100 معوز في الأسبوع الأول من رمضان. حضرنا عملية التوزيع في الأسبوع الأول، وقد سطر برنامج التوزيع كل عشية جمعة بعد الصلاة ويحتوي الطرد على جميع المواد الغذائية التي يحتاجها الصائم بالإضافة إلى دجاجتين في الأسبوع يتسلم المسجل في العملية واحدة عشية الجمعة والثانية عشية الاثنين للحفاظ على صحة المستفيدين. 35٪ من الإعانات تأتي من المحسنين ونحن نتحدث مع بلحميش حل بمدريسة رئيس المكتب الولائي للهلال الأحمر الجزائري خروبي عبد العزيز الذي جاء في زيارة تفقدية، حيث اغتنمنا وجوده وطرحنا عليه بعض الأسئلة بخصوص تسيير الهلال الأحمر والتكفل بالمحتاجين وكيفية الحصول على التبرعات. فيما يخص التبرعات قال خروبي إنها تشكل نسبة كبيرة مقارنة مما يحصل عليه القائمون على الهلال الأحمر الجزائري ولاسيما من عند الخواص، معلنا عن توزيع أكثر من 1600 طرد غذائي بولاية تيارت وأن تجربة مدريسة ستعمم إذا قبل المتحاجون. واستطرد خروبي قائلا إن بعض الجهات الإدارية تعرقل دخول الأموال إلى الهلال الأحمر الجزائري بحجة القانون، حيث يتسبب مراقبون على مستوى بعض البلديات في تأخير استلام المستحقات بحجة المراقبة المالية رغم أن الوالي بن تواتي عبد السلام سهل جميع الإجراءات. رغم ذلك ثمن خروبي مجهودات المحسنين، حيث أقر بدعمهم للهلال الأحمر الجزائريبتيارت بنسبة 34.70 من إجمالي مداخيل خزينة المكتب الولائي، أما عدد المطاعم التي تسير من طرف الهلال الأحمر الجزائري فقد بلغت 16 مطعما منها 4 مطاعم تقدم الوجبات الساخنة وأخرى محمولة. وعن الإعانات قال رئيس المكتب الولائي إنها في بعض الأحيان لا تفي بالغرض كونها تقدم على شكل مواد غذائية وتأتينا بغتة ولا نستشار في نوعيتها، وفي بعض الأحيان تتكدس لدينا نفس المواد ونحن نحتاج إلى مواد أخرى لا نتحصل عليها بسهولة، أما الإعانات المادية فلا نقبضها بسبب القانون زيادة على التبعات التي تلحق سمعة الهلال الأحمر لذا نتجنبها ونفضل الإعانات المشكلة من مواد غذائية ولحوم وخبز، وقد قدر خروبي ثمن الوجبة الواحدة وليس الطرد ب 168 دج للفرد الواحد مضروبا في عدد أفراد الأسرة. ويعد عبد القادر أحد المستفيدين من الطرود الغذائية، وقد أعرب عن شكره للقائمين على الهلال الأحمر الذين أدخلوا السرور على الأسر، فهو شخصيا كما قال «يعجز عن ضمان وجبات إفطار عائلته التي تتكون من 6 أفراد، لولا المحسنين والمشرفين على الهلال الأحمر». أما سيدة أرملة رفضت الإفصاح عن اسمها كونها تعول 5 أفراد كلهم صغار قالت لنا إنها لولا الهلال الأحمر لصام أبناؤها ليلا ونهارا، وأمنيتها توفير عمل لأحد أبنائها. امرأة مسنة صادفناها تحمل مؤونتها بصعوبة حيث تكفل أحد المحسنين بإيصال حصتها إلى بيتها، فقالت إنها فرحة وتدعو الله للجميع. توزيع الإعانات في الأرياف قبيل الانتهاء من عملية توزيع الطرود على 100 مستفيد وهم المسجلون لحد الآن بالهلال الأحمر بمدريسة، رغم وجود العديد من المحتاجين ولكن قيمة التبرعات والأموال التي منحت من طرف المكتب الوطني لا تفي بالغرض، سمعنا حديثا عن التوجه إلى الريف المحاذي لبلدية مدريسة، فطلبنا المرافقة وكان لنا ذلك. سيدة طاعنة في السن تسكن كوخا فوجئت بمتطوعين بالهلال الأحمر الجزائري يدقون بابها ويحملون بين أيديهم مواد غذائية ولحما وغيرها من المؤونة، فاستقبلتهم بالدعاء للجميع والبلد، وحتى عندما طلبنا منها كلمة عجزت من شدة الفرح لكنها قالت مقولة «الجزائر لا تزال بخير» وصمتت، ومن حسن الصدف أن ابن هذه السيدة نادى رئيسة مكتب الهلال الأحمر الجزائري باسمها قائلا يا أساتذة شهرة التي فوجئت بأن هذا الأخير كان تلميذها قديما فاختلط الوفاء بالصدقات والحنين فكانت لحظة مؤثرة حقا، وهكذا هي الجزائر تبكي وتفرح في آن واحد وتكمل المسيرة طريقها. انتقلنا إلى بيت آخر به امرأة مريضة طريحة الفراش استفادت هي الأخرى من الطرد الغذائي وكانت فرحتها أن زارها أناس لم تعرفهم من قبل وهي الوحيدة المقعدة أكثر من فرحتها بالأغذية. في انتظار مقر شهرة بن رابح رئيسة مكتب الهلال الأحمر بمدريسة، ألحت على طلبها وندائها إلى المسؤولين وعلى رأسهم رئيس المجلس الشعبي البلدي لمدريسة لمنح مكتبها مقرا حتى ولو كانت مساحته 20 مترا مربعا، حتى تخزن على الأقل بعض المساعدات كملابس العيد والدخول المدرسي، وقالت إنها تقدمت بعدة طلبات في السنين الماضية إلى المسؤولين بالبلدية غير أنها لازالت تنتظر الرد إلى حد الآن. حسب بن رابح فإنها عثرت على مقر مغلق ولم يستغله أحد منذ عشرات السنين وهو مغلق وهو مقر لقاعة علاج مهترئة ووعدها المحسنون بترميمها في حالة الاستفادة منها لكنها لم تتلق إجابة. وحسب المتحدثة فإنه تم منح رخصة للاجتماع بقاعة للمطالعة لكنهم منعوا من وضع اللافتة الخاصة بالهلال الأحمر الجزائري مما اعتبروه تصرفا غير مقبول.