مر أكثر من شهرين على انتهاء أعمال لجنة التحقيق الفلسطينية في ملابسات تأجيل التصويت على تقرير غولدستون الذي اتّهم إسرائيل بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في حرب غزة، ونتائج التحقيق ما زالت غائبة. لكن عضوا في لجنة التحقيق التي شكلها رئيس السلطة الفلسطينية بعد الهزة السياسية في الشارع الفلسطيني التي أثارها تأجيل التقرير وتحميل المسؤولية للقيادة الفلسطينية، كشف بصورة غير رسمية عن بعض نتائجه، وهي نتائج تحمّل في مجملها محمود عباس شخصيا المسؤولية. وأكد عضو اللجنة عزمي الشعيبي صحة نتائج التقرير التي أوردها سابقا، وخلصت إلى أن عباس هو المسؤول، باعترافه عن اتخاذ قرار بتأجيل طرح التقرير للتصويت في مجلس حقوق الإنسان بعد تعرضه لضغوط. وقال إن طلب التأجيل اتخذه الفريق الفلسطيني، حيث تلقى مندوبه في جنيف إبراهيم خريشة في الثاني من أكتوبر 2009 أوامر في هذا الاتجاه من مستشار رئيس السلطة نمر حماد الذي أبلغه أن عباس اتخذ القرار بناء على اقتراحات عديدة. وأكد أن لجنة التحقيق استمعت إلى شهادة عباس لثلاث ساعات، وقال فيها إنه هو من طلب التأجيل ويتحمل المسؤولية. وقد اعتبرت لجنة التحقيق قرار التأجيل خطأ وحمّلت رئيس السلطة مسؤوليته باعتباره من أصدر الأمر لمستشاره نمر حماد. ومن ناحية ثانية، استهل المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل مهمته الجديدة في المنطقة لاستئناف محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية بالاعتراف بالصعوبات والتعقيدات التي تكتنفها، في حين أقر الرئيس الأمريكي باراك أوباما بانتكاسات، وسط تبادل الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي الاتهامات بشأن جدية الطرف الآخر بالسلام. وأجرى ميتشل محادثات الخميس في إسرائيل مع كل من رئيسها شمعون بيريز ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، إضافة إلى وزير الدفاع إيهود باراك وزعيمة المعارضة تسيبي ليفني، وانتقل أمس إلى رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومسؤولين آخرين بالسلطة الفلسطينية. وفي مؤشر على حالة الإحباط الأمريكي من التقدم في عملية السلام بالشرق الأوسط، أقر الرئيس باراك أوباما بصعوبة المحادثات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. واعترف أوباما في مقابلة مع مجلة تايم نشرت الخميس أن إدارته هوّنت من تقدير صعوبة حل الصراع في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أنها حددت توقعات أكبر مما ينبغي في بداية العام الأول من ولايته مطلع العام .2009 وعزا الرئيس الأمريكي توقعات إدارته الكبيرة إلى تهوينها من تقديرها للقيود السياسية الداخلية لدى الجانبين التي تحول دون اتخاذ خطوات جريئة من كلا الطرفين. وأشار أوباما إلى أن عباس يواجه تحديات متواصلة من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وأوضح أنه في الوقت نفسه يخضع نتنياهو لقيود تفرضها عناصر يمينية متشددة في حكومته الائتلافية تعارض تقديم تنازلات من أجل السلام. ورغم التشاؤم الذي اعترف به أوباما بشأن عملية السلام أكد الرئيس الأمريكي أنه سيواصل تحركه مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وصولا إلى حل الدولتين. وكان نتنياهو هاجم الأربعاء القيادة الفلسطينية لرفضها دعوات أمريكية لاستئناف مفاوضات السلام المعلقة منذ عام، وبرر ضرورة احتفاظ إسرائيل بتواجد عسكري شرقي حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية لمنع تهريب السلاح .