القمع البوليسي قضى على ثقة الشعب في السلطة دخل معتقلو أحداث الريف المغربي أمس في إضراب عن الطعام للمطالبة بإطلاق سراحهم، وذلك بالموازاة مع تجدد الاحتجاجات بإقليم الحسيمة وبعض مدن المملكة بما فيها العاصمة الرباط لدعم الحراك الشعبي المستمر منذ أكثر من ثمانية أشهر. واختار ناشطو حراك الريف الاحتجاج بشواطئ الحسيمة شمالي البلاد، في الوقت الذي انطلقت احتجاجات داعمة للحراك ببعض مدن البلاد مثل الدار البيضاء والعاصمة الرباط التي شهدت ثالت مسيرة من نوعها نظمتها الجبهة الشعبية من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية، حيث طالب المتظاهرون بإطلاق سراح المعتقلين من قادة الحركة الاحتجاجية السلمية بالحسيمة. ودعت «الجبهة الشعبية من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية» التي تضم تنسيقيات من عدة قطاعات اجتماعية، مثل الموظفين، والمناهضين لإصلاح أنظمة التقاعد، والعاطلين عن العمل، والأساتذة المتدربين، إلى المسيرة في الرباط. وشارك في المظاهرة حقوقيون دعوا الدولة إلى وقف كل أشكال القمع وإقرار مقاربة اجتماعية بعيدا عن المقاربة الأمنية، لحل المشاكل التي يتخبط فيها المغاربة. هذا وانطلقت المسيرة من منطقة باب الأحد عبر الشارع الرئيسي (شارع محمد الخامس) باتجاه مقر البرلمان بلافتة رئيسية كتب فيها شعار: «مطلب مشترك، نضال شامل، تنظيم واحد، من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية». حركة 20 فبراير حاضرة ونشر بعض الحقوقيين بشبكات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تبين تجدد الاحتجاجات بشواطئ الحسيمة، حيث نظمت مسيرات على الشواطئ بلباس البحر، مرددين شعارات تطالب بتلبية مطالب الحراك وتنمية الإقليم. وكانت الاحتجاجات قد توقفت في الحسيمة قبل أسبوعين بسبب تشديد السلطات الأمنية قبضتها على المدينة ومنعها التظاهر، كما شنت السلطات حملة اعتقالات في نهاية ماي الماضي، غير أن ناشطي الحراك استمروا في التظاهر للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة، وازدادت حدة الاحتجاجات خاصة بعد تسريب شريط يظهر فيه أبرز قياديي الحراك، ناصر الزفزافي، شبه عار في مكان يعتقد أنه مقر تابع للشرطة وآثار التعذيب بادية على جسده. كما نظم ناشطون وقفة تضامن مع حراك الريف في مدينة الدار البيضاء، وشارك فيها أنصار حركة 20 فبراير. إضراب مفتوح عن الطعام هذا ودخل معتقلو الريف في اضراب عن الطعام امس رغم ان إدارة السجون بالمغرب نفت الامر وقالت بأنها «لم تتلق أي إشعار بدخول أي من هؤلاء المعتقلين في إضراب عن الطعام،و زعمت بأن جميع النزلاء يتناولون وجباتهم بانتظام». وأعلن المعتقلون على خلفية أحداث الريف نيتهم خوض إضراب مفتوح عن الطعام ابتداء من أمس، مطالبين في بيان أوردته الصحافة بإطلاق سراحهم «كخطوة للتحاور حول الملف المطلبي الحقوقي». ودعا النشطاء المعتقلون، في بيان من داخل سجن «عكاشة» بالدار البيضاء، كل المغاربة إلى المشاركة في مسيرة جديدة يوم الخميس، للمطالبة بإسقاط جميع التهم (المساس بوحدة المملكة، زعزعة ولاء المواطنين للدولة، زعزعة استقرار البلاد، تلقي أموال خارجية…) والإفراج عن المعتقلين. كما استنكر البيان تسريب ونشر فيديو ناصر الزفزافي يظهر فيه شبه عار، مؤكدا أن الفيديو المسرب قد تم تصويره من داخل مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء. وأكد المعتقلون في البيان ذاته، أن القوات الأمنية أخذت منهم عينة من لعابهم مرة واحدة بالحسيمة ومرتين بمقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، وذلك قصد تحليل الحمض النووي لكل واحد منهم، والتي قالوا أنهم يجهلون حتى الآن الأسباب التي دفعت هذه القوات إلى القيام بتلك الخطوة. ارتفاع عدد الموقوفين إلى 176 كان المتحدث باسم الحكومة المغربية قال قبل عشرة أيام إن عدد الموقوفين على خلفية أحداث الريف ارتفع إلى 176. ومنذ أكتوبر الماضي، تشهد الحسيمة وعدد من مدن وقرى منطقة الريف احتجاجات متواصلة للمطالبة ب»التنمية ورفع التهميش ومحاربة الفساد». وبدأت الاحتجاجات في أعقاب مصرع تاجر السمك محسن فكري الذي قتل طحنا داخل شاحنة لجمع النفايات أثناء محاولته منع السلطات مصادرة أسماكه في 28 اكتوبر الماضي. تراجع الثقة بين الشعب والسلطة في سياق متصل، قال حزب العدالة والتنمية المغربي الذي يقود الائتلاف الحكومي إن حراك الريف جاء نتيجة «تراجع الثقة في الدولة والمؤسسات المنتخبة». وقال المجلس الوطني للحزب في بيان عقب انتهاء اجتماعه الاستثنائي السبت الماضي «إن الأسباب العميقة للاحتجاجات هي ما عرفه الإقليم من تدخل سافر في إرادة المواطنين وفي العملية الانتخابية وبيع الوهم للناس». وأشار الحزب إلى أن هذا التدخل «أسهم في تراجع منسوب الثقة بين المواطنين والمجالس المنتخبة، والأحزاب السياسية». وذكر الحزب أن معالجة ملف حراك الريف يتطلب مقاربة سياسية تقوم من جهة على «حل ملف المعتقلين وإرجاع علاقة الثقة بين الدولة والمواطنين والمؤسسات المنتخبة»، ويتطلب أيضا مقاربة اجتماعية وحقوقية «بالاستجابة للمطالب المشروعة، وضمان الحق في الاحتجاج السلمي في نطاق احترام الجميع لمقتضيات القانون».