إرتفعت أمس أسعار النفط مجددا لليوم الثاني على التوالي، متجاوزة مستوى 75 دولارا للبرميل بالنسبة للخفيف الامريكي وأكثر من 74 دولارا لخام برنت في بحر الشمال في افتتاح التعاملات الصباحية. ويأتي ارتفاع الأسعار بعد تراجع ملحوظ شهدته السوق النفطية، دام أزيد من ثلاثة أسابيع، فقدت خلالها الأسعار ما لايقل عن 10 دولارات للبرميل وبنسبة تفوق 8٪ عن أعلى مستوى مسجل في الشهر الماضي، بعد أن تراجعت من أكثر من 82 دولارا الى 72 دولارا فقط خلال هذه المدة وكان آخرها يوم الجمعة الماضي. عودة الانتعاش النسبي بأكثر من ثلاثة دولارات خلال اليومين الماضيين مردها ظهور ومجددا للعوامل الجيوسياسية ولمؤشرات أخرى اقتصادية، حيث برزت من جديد التوترات في نيجيريا التي تعد من أكبر الدول المنتجة للخام، فضلا عن التوتر الآخر الأكثر خطورة نسبيا بين واشنطن وإيران بسبب الملف النووي الإيراني ولجوء إدارة الرئيس أوباما الى نشر الأنظمة المضادة للصواريخ في أربع دول خليجية تحسبا لأي هجوم إيراني محتمل، مثلما تزعم واشنطن والادارة الامريكية التي ولأول مرة منذ انتخاب الرئيس أوباما قبل سنة تلجأ الى هذا النوع من التصعيد على خلفية عودة خطاب الحرب على الارهاب بعد المحاولة الارهابية الفاشلة التي استهدفت إحدى الطائرات الامريكية في نهاية السنة الماضية. العوامل الجيوسياسة لم تكن السبب الوحيد في إنقاذ السوق النفطية من انهيار محتمل بعد التراجع الكبير في أسعار النفط، إنما انخفاض سعر الدولار وصدور التقرير القوي حول قطاع التصنيع الامريكي ساهما الى حد كبير في عودة الانتعاش للأسعار، فضلا على بروز بيانات اقتصادية جديدة من الصين هذه المرة التي تعد ثاني أكبر مستهلك للنفط بعد الولاياتالمتحدةالامريكية، حول احتمال انتهاج بيكين لسياسة نقدية أكثر صرامة وتشددا، مما قد يترجم على أنه سيحد من النشاط الاقتصادي . ومن المتوقع أن تشهد أسعار النفط مزيدا من الارتفاع ولو كان نسبيا خلال الأيام القادمة، على ضوء التقرير الأسبوعي الذي سيصدر اليوم حول حجم الاحتياط النفطي الأمريكي المرشح للتراجع وفق ما يرجحه محللون في قطاع النفط، وكان سعر النفط في بورصة نيويورك ارتفع أمس ليبلغ 44,75 دولارا للبرميل، بينما سجل خام البرنت سعرا قدر ب 52,74 دولارا للبرميل. وتظل الاسعار رهينة لمستوى الانتعاش وعودة النمو الاقتصادي في الدول التي شهدت انكماشا خلال السنة الماضية، ولاسيما دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية »الأوسيديو«، في وقت لاتزال الشكوك تحوم حول قدرة الاقتصاد العالمي على تخطي أولى عقبات الانكماش. وإن كانت أسعار النفط في الوقت الراهن تميل نحو الاستقرار في حدود 70 الى 80 دولارا للبرميل في المتوسط وذلك على المدى القصير إلا أن استمرار تجاهل دول أوبيك لالتزامات تقليص الإنتاج التي لم تحترم إلا بنسبة 60٪ فقط في نهاية السنة الماضية، قد يؤدي إلى تراجع الأسعار دون مستوى 60 للبرميل مثلما تشير اليه بعض الدراسات خاصة وأن الطاقات غير المستغلة لإنتاج الخام في دول أوبيك تفوق 5 ملايين ب/ي وأن مخزون النفط العالمي والمواد المكررة توجد في مستوى مرتفع غير مسبوق في ظل استمرار الغموض حول انتعاش الاقتصاد العالمي، مما يعني أن ظهور أية عوامل معاكسة لانتعاش السوق النفطية في المرحلة القادمة قد يؤدي الى تهاوي الأسعار ، وهي أحد السيناريوهات غير المستبعدة في سنة .2010