أكدت الحكومة الجزائرية مرة أخرى على أن القرار الذي اتخذته حول مراجعة قائمة المنتجات العربية التي استفادت من الاعفاءات الجمركية ضمن منطقة التبادل الحر العربية لا رجعة فيه، وأن ما تم اقراره الشهر الماضي يندرج في إطار حماية المنتجات المحلية لمدة قد تصل إلى أربع سنوات على الأقل. وجاء قرار الجزائر الذي دخل حيز التنفيذ مباشرة بعد الاعلان عنه في 18 جانفي الماضي، في إطار الاجراءات العامة المتخذة من طرف الحكومة لحماية الاقتصاد الوطني عموما من تداعيات الأزمة المالية الدولية، والتي بدأتها في صائفة العام الماضي بمناسبة دخول قانون المالية التكميلي لسنة 2009 حيز التطبيق والاجراءات الحمائية التي وردت فيه ومست الشراكة الجزائرية الأجنبية عموما والتجارة الخارجية على وجه التحديد من أجل الحد من النزيف الواسع للمواد المالية بالعملة الصعبة الذي ترجمته فاتورة مرتفعة من الواردات ناهزت 40 مليار دولار، في مقابل صادرات خارج قطاع المحروقات لم تتعد مليار دولار واحد، وهي مفارقة عجيبة تعكس حجم الاختلال الذي لايزال يطبع مستوى التجارة الخارجية. والجزائر باعلانها قبل سنة فقط عن انضمامها الرسمي الى المنطقة العربية الحرة، إنما كانت تهدف إلى بلوغ جملة من الأهداف أهمها تنويع مموليها من السلع ودخول المنتوج المحلي إلى السوق العربية والرفع من حجم الصادرات خارج قطاع المحروقات وتشجيع الشراكة العربية ودعم التنافسية بين المؤسسات الوطنية. غير أنه بعد عام عن انضمام الجزائر إلى المنطقة العربية الحرة التي تندرج في إطار اتفاقية تسيير وتنمية التبادل التجاري من الدول العربية الذي يعني إعفاء السلع العربية ذات المنشأ والمصدر العربي من كل الرسوم الجمركية والضرائب، تبين لها حدوث اختلال بين وارداتها وصادراتها من وإلى بعض الدول العربية، حيث بينت وارداتها وصادراتها من وإلى بعض الدول العربية، حيث بينت الأرقام الرسمية ارتفاعا في فاتورة الاستيراد بنحو 46٪ في ظرف عام فقط وتراجع الصادرات إلى هذه الدول بنسبة ناهزت 50٪ مست بالدرجة الأولى المواد الصناعية، فضلا عن ذلك، فقد تأكد لدى إدارة الجمارك أن بعض المنتوجات التي استوردتها الجزائر من بعض الدول العربية اكتنفها الغموض حول مصدر المنشأ . لهذه الأسباب قررت الحكومة فرض قيود جمركية حول عدد من المنتوجات العربية ضمن قائمة ضمت 1141 منتوجا عربيا، وتريد التفاوض بشأنها في الاجتماع الذي عقد يوم الخميس الماضي بالكويت بمناسبة عقد الدورة ال 85 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لجامعة الدول العربية، الذي وإن كان قد تطرق إلى هذا الموضوع، إلا أنه وإلى حد كتابة هذه السطور لم يصدر عنه أي قرار رسمي، وقد يكون قد أجل إلى دورة سبتمبر القادم رغم الحاح دول عربية على البت فيه بصفة نهائية في اجتماع الكويت. وقد سبق لأحد المسؤولين الاقتصاديين في مصر أن انتقد الاجراء الحمائي الجزائري واعتبره خرقا لاتفاقية العربية، لأنها تعد المتضرر الأول من القرار الجزائري على اعتبار أنها أول مورد عربي للجزائر ب 550,6 مليون دولار تليها تونس ب 347,5 مليون دولار ثم السعودية والأردن والمغرب . وإن كانت الدول المحتجة قد عبرت عن تذمرها جراء الخسائر المالية التي لحقت باقتصادها بعد فرض الجزائر لقيود جمركية على سلعها، فإنه يبدو من المنطقي أن تسعى الجزائر بدورها إلى تقليل الخسائر التي لحقت باقتصادها من خلال انخاذ سلسلة من الاجراءات الحمائية مثلما فعلت مع الاستثمارات الأجنبية الأخرى وهي اجراءات فرضتها التداعيات الأخيرة للأزمة العالمية وتراجع مداخيل الخام التي أجبرت الحكومة على تقليص حجم وارادتها التي انهكت خزينة الدولة خاصة عندما يتعلق الأمر بسلع ومنتوجات كمالية، يكمن الاستغناء عنها .