جميل وأنت تفتح عينيك للحياة صباحا، تنتظر أن تشرق الشمس لتضيء الكون، تأمل أن يكون يومك جيدا، موفقا جدير بالعيش ، تتوقع أن تتهجي الجمال في أوجهه، وتحقق لذوقك متعة الغوص في بحر الابداع، مبهج وأنت توقظ حواسك على دهشة الاكتشاف، أن تكسّر رتابة وقتك، تسافر عبر تجربة جديدة تحقق لك الرؤية المختلفة لما هو حولك، وتنور لك عتمة الخواء الذي نحياه. بكل محبة الكون تلقيت عبر عنواني البريدي مجموعة قصصية مميزة، لمبدع متميز، وصلتني حين كانت الروح تتوق لملامسة الورق، وعبور جسور الكلام المعلقة على وهدة الانتظار. «ماغسي» ومن خلال عنوانها الكاسر للمألوف لصاحبها المبدع «نور الدين لعراجي» أسست وتؤسس لنهج جديد في الكتابة السردية، يتخذها الكثير كنوع من التنفيس، أو الاستعراض اللغوي والفكري، يحاول من خلالها الابحار في التكثيف، التركيز وتشكيل رؤية جديدة للنص السردي، نور الدين يصنع عالما جديدا، متفردا عبر مغامرة النص القصصي الومضة التي تعتمد أساسا على الموقف، على اللحظة، أو على الفعل ورد الفعل، وتأثيث المكتبة الجزائرية بتجربة جديدة، ستجبر الناقد والدارس على الخوض فيها، كي يواكب وتيرة البوح، وفهم تسارع القالب الأدبي والابداعي. «ماغسي» في شكلها وأبعادها ولون غلافها، أرادها نور الدين لعراجي أن تكون لافتة، وتحمل بصمته، ورؤيته واختلافه، فهيّأ لنا طبقا ابداعيا منوعا لغة وفكرة ومعالجة أدبية، المجموعة القصصية «ماغسي» الصادرة عن دار الأوطان، والتي قدمها كل من الدكتورة حفيظة طعام والدكتور علاوة كوسه، جاءت في سبعة وثلاثين نصا سرديا كثيفا، حملت نفسا وجدانيا رقيقا، شفافا، يتراوح بين الحلم الموغل في دوار الأسئلة وبين الخيبات التي تتوالى على الروح، فتكسر بداخلها معاني الفرح. المبدع لعراجي ينقلنا من نص لآخر في رحلة فرح وبوح ومحبة، يعري ذاته المتعبة للضوء، ويفتح لنا باب خميلته لنشم عطر حروفه، ونجول في دروب الحكي معه. العناوين كذلك في أغلبها مركّزة وهي تنم على وعي الكاتب بالعتبة النصية، وأهميتها في كيفية ولوج القارئ إليه، العنوان الذي يعتمد على كلمة واحدة يعتبر فخا يصعب تفكيكه قبل القراءة، أو بعد قراءة أولى، وهو ما راهن عليه كي يورّط القارئ في أكثر من مرور، باستثناء بعض النصوص التي جاءت عناوينها ثنائية، والتي طبعا لها رؤيتها الابداعية أيضا. «ماغسي» هي رحلة إنسان في غور روحه، إحساسه، انفعالاته في عبوره لذوق الآخر، في النهاية هي تجربة تستحق التنويه والإشادة، ومغامرة قفزت بالنص السردي إلى الأمام، ثم هي دعوة لقراءة لعراجي الكاتب، المبدع وبالتالي الانسان.