تؤكد الأرقام الأخيرة الصادرة عن بنك الجزائر، الاتجاه العام الذي يسير عليه تطور الاقتصاد الوطني والمنظور المستقبلي على المديين القصير والمتوسط، وفق أرقام تشير في عمومها الى استقرار الأداءات المالية، النقدية والاقتصادية. واستنادا إلى الأرقام الرسمية لبنك الجزائر فإنه على المستوى الكلي، لم يتأثر الاقتصاد الوطني بالتراجع الكبير في مداخيل المحروقات وبالتالي في امكانية تمويل مختلف النشاطات والاستثمارات العمومية، طالما أن مستوى القروض بمختلف تركيباتها ارتفع بصفة مستمرة من سنة إلى أخرى من 49,58٪ في سنة 2006 إلى 51,26٪ في سنة 2007 لتصل إلى 52,62٪ في سنة 2008 وأخيرا إلى 56,58٪ في سنة ,2009 أي بزيادة تقدر ب 18,51٪ عن سنة .2008 وبالنظر إلى حجم التمويل الضخم المخصص لتغطية مرحلة الخمس سنوات القادمة والمقدرة ب 250 مليار دولار أي ما يعادل في المتوسط 50 مليار دولار سنويا، فإنه يرجح أن ترتفع مساهمة الجهاز المصرفي ككل في ديناميكية التنمية في المرحلة القادمة، خاصة فيما يتعلق بمنح القروض المتوسطة والطويلة المدى التي تعرف بدورها ارتفاعا متواصلا لم يتراجع حتى في أعز التداعيات السلبية للأزمة المالية على الاقتصاد الوطني، مثلما تشير إليه الأرقام الرسمية، حيث ومنذ سنة 2006 انتقلت القروض المتوسطة والطويلة المدى من 988,4 مليار دينار إلى 1177,6 مليار دج في سنة 2007 إلى 1424,7 مليار دج في سنة 2008 لتصل إلى 1764,09 مليار دج ومرشحة لأن ترتفع خلال السنوات القادمة نظرا لاستمرار فتح ورشات استثمارية كبرى خاصة في الهياكل القاعدية دعما للنمو واستمرار في انتهاج سياسة التنمية المستديمة. وحسب أرقام بنك الجزائر، فإنه يسجل استمرار الاتجاه الجديد الذي ظهر منذ سنة 2006 حول ارتفاع القروض المتوسطة والطويلة المدى على حساب القروض القصيرة المدى، والذي يعود بالأساس إلى ارتفاع النوع الأول في قطاع الطاقة والمياه، وهي نفس الديناميكية المسجلة في السنة الماضية، مثلما أكد عليه محافظ بنك الجزائر السيد محمد لكصاسي في تقريره الأخير. في سنة 2005 بلغت حصة القروض القصيرة الأجل 51,9٪ بينما قدرت حصة القروض المتوسطة والطويلة المدى 48,1٪ . وفي السنة الموالية أي في ,2006 انقلبت الصورة وبنفس الأرقام ولكن بصفة عكسية وتواصل نفس الاتجاه خلال سنتي 2007 و 2008 بنسبتي 46,6٪ و 45,5٪ على التوالي بالنسبة للقروض القصيرة المدى و بنسبتي 53,4٪ و 54,5٪ على التوالي بالنسبة للقروض المتوسطة والطويلة، وتواصل نفس المنحى خلال السنة الماضية بنسبة 43,42٪ للأولى وبنسبة 56,58٪ للثانية. وعلى الرغم ارتفاع مساهمة البنوك العمومية في منح القروض لتمويل النشاطات الاقتصادية، في مقابل مساهمة تعد ذهبية من القطاع المصرفي الخاص، إلا أن القطاع الخاص لايزال يستفيد أكثر من منح القروض، مقارنة بالقطاع العمومي مثلما تؤكده المؤشرات الماضية، الذي يعود إلى بقاء القروض الموجهة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة دون المستوى المطلوب بسبب استمرار العراقيل البيروقراطية المسجلة عند منح قروض بهذا القطاع، هذا الأخير يعول عليه في دعم ديناميكية النمو وخاصة خارج المحروقات، والذي يبقى في مستوى متدن على الرغم مما يعتبر أنه جهود بذلت لرد الاعتبار له، لكن بدون أية جدوى تذكر. أرقام ومؤشرات مالية ونقدية تبقى على العموم مشجعة على المستوى الكلي، لكن الديناميكية المحلية أو الجزئية تنتظر تسريعها حتى تتماشى والاهداف المعلنة لرفع النمو إلى المستوى المطلوب وذلك بالنظر إلى الحجم الهائل من الاموال التي تضخ سنويا في دائرة الاقتصاد، والتي يفترض أن تترجم في شكل نمو حقيقي وليس صوري واستثمارات منتجة.