تشكل السياسة الاجتماعية والوضعية الاجتماعية والمهنية للطبقة الشغيلة أولوية الحكومة والطبقة السياسية في الوقت الراهن لاسيما في ظل الحركات الاحتجاجية التي عاش على وقعها خلال الأشهر الأخيرة قطاعا الصحة والتربية الوطنية، الأمر الذي أدى بالأحزاب وفي مقدمتها صاحب المبادرة ممثلا في جبهة التحرير الوطني إلى ترك الحديث عن التعديل المعمق للدستور المرتقب في غضون الفترة الرئاسية جانبا مؤقتا باعتباره لم يعد ضمن الأولويات على الأقل حاليا. دفعت الأوضاع التي ميزت أهم القطاعات في الوظيفة العمومية خلال الأسابيع الأخيرة والتي ترتب عنها الدخول في سلسلة احتجاجات في شكل اضرابات وتجمعات بالطبقة السياسية إلى إعادة النظر في اولوياتها وضبطها وفق هذه المستجدات، ولعل ما يؤكد هذا الطرح هو أن الأحزاب السياسية عموما فضلت التركيز خلال مختلف نشاطاتها على وضع الجبهة الاجتماعية وضرورة استكمال السياسة الاجتماعية للدولة التي شرعت فيها قبل نحو اربعة أعوام وكانت البداية باقرار زيادات في رواتب عمال الوظيفة العمومية والافراج عن القانون الخاص بهم، تبعتها زيادة في عمال القطاع الاقتصادي بما في ذلك الخاص. ولم تتوقف الخطوات عند هذا الحد حيث قامت الحكومة باعداد شبكة وطنية جديدة للأجور وبادرت بمراجعة نظام التعويضات الذي يكون التأخر فيه السبب الجوهري للعودة إلى الاحتجاجات، وأقرت زيادات معتبرة، كما تعتزم استكمال انتهاج السياسة الاجتماعية التي ساهمت بقدر كبير في تحسين أوضاع قطاع الوظيف العمومي وكذا القطاع الاقتصادي لاسيما وأن عمال هذا الأخير ينتظرون ما ستسفر عليه عملية مراجعة الاتفاقيات الجماعية ومراجعة الأجور المقررة خلال أشغال لقاء الثلاثية الأخير. وكان الأمين العام للأفلان قد أكد خلال آخر خرجة اعلامية غداة المؤتمر التاسع بأن تعديل الدستور لم يعد أولوية للحزب في الوقت الراهن، وإنما يضع السياسة الاجتماعية في صدارة اولوياته، يأتي هذا الموقف بعدما كان »الأفلان« أول تشكيلة سياسية طالبت بالتعديل »المعمق« وتمسكت به بعدما أقر رئيس الجمهورية تعديلا جزئيا شمل المادة المتعلقة بتحديد العهدات والمشاركة السياسية للمرأة ملتزما بتعديل معمق في وقت لاحق أي خلال عهدته الحالية. وبهذا الموقف الجديد ينضم »الأفلان« إلى »الأرندي« بقيادة أحمد أويحيى الذي يؤكد في كل مرة بأنه ليس أولوية وأنه من صلاحيات رئيس الجمهورية معيبا على الأحزاب في إشارة واضحة إلى »الأفلان« تدخلها في قضايا لا تقع ضمن صلاحياتها، غير أن موقف الحزب العتيد مدروس جيدا، والمسألة مؤقتة فقط إلى ما بعد المعالجة المعمقة للمسائل الاجتماعية. كما أن حركة مجتمع السلم »حمس« من جهتها تولي أهمية خاصة للأوضاع الاجتماعية وكذلك »الأرندي« غير أن أويحيى تساءل خلال آخر خرجة اعلامية له عن السبب أو الدافع وراء شن حركات احتجاجية في الوقت الذي أبدت فيه الدولة حسن نيتها من خلال إقرار زيادات في الرواتب رابطا بينها وبين المستجدات التي عكرت صفو الحياة الوطنية ويتعلق الأمر بالضغوطات وفي مقدمتها القائمة السوداء.