بالعودة إلى سنوات قليلة للوراء فإنه يمكننا القول أنه لا أحد كان يتصور بروز شاب من مدينة برج منايل، الطيب أهلها، طيبة جبال المنطقة وغاباتها، ليتبوأ مهمة حراسة شباك الفريق العريق، الكوكليكو، الأحمر والأسود، مثل ألوان الزهرة التي تنبت ربيعا بمنطقة بومرداس الساحلية وكامل الجهة الشرقية للعاصمة، قبل أن تخطفه ألوان الكناري القبائلي لسنوات، أين برز أكثر وأكثر، ثم ترمي به الأقدار لتولي مهمة أعظم وتأدية رسالة أكبر: الذود عن مرمى النسر الأسود حتى يحلق عاليا في سماء العرب وإفريقيا معا، باسم الجزائر كلها وليس مدينة عين الفوارة فقط.... فوزي شاوشي، إسم ستبقى تذكره الأجيال بخير، ويحسده إلى الأبد، مرضى القلوب وضعاف النفوس.. وكيف لا يكون كذلك وقد كان له شرف المساهمة في ملحمة أم درمان، بأيد من ذهب، أين حافظ على عذرية شباكه النظيفة دوما، أو هكذا ناملها.. ترعرع فوزي بين أحضان أسرة محافظة، وككل الجزائريين، كان في نشأته ينهل منها مبادئ الأنفة والرجولة و"النيف".. هو النيف الذي دفعه يوم 18 نوفمبر للذود عن الفريق الوطني، ومن خلاله الجزائركلها.. وهو نفس النيف الذي حمسه يوم 28 جانفي الماضي للرد على البينيني المرتشي كوفي كودجيا فوق الميدان وأمام الملأ، دون لف ولا دوران، بطريقة "ديريكت"، أعجبت البعض وأغضبت البعض الآخر، إنها الطريقة التي شاهدها العالم قاطبة.. مهما قيل عن شاوشي، فإن الأكيد هو أن هذ الشاب الشهم، ذو الشخصية القوية لفت إليه أنظار العالم قبل ذاك التاريخ عندما تعرض لإصابة في ظهره، والمقابلة لم تلفظ أنفاسها الأخيرة أمام فيلة كوت ديفوار، في لقطة مع لاعب ضخم الجثة، إسمه كبيرجدا جدا: ديديي دروقبا.. لا أريد أن أحتفظ من ذكريات عن العملاق فوزي، سوى كونه يحمل الجزائر في القلب.. هو لا يغش ولا يستسلم ولا يفرح إلا لأجلها.. ليقل عنه الآخرون ما أرادوا، فلقد رد عليهم: الي ذبحوني بعد مباراة مالاوي ربي وكيلهم.. لا أريد أن أختم هذه الكلمات إلا بالتذكير بعدد المكالمات الهاتفية التي صارت تتهاطل على أرقام الشباك، وكلها تسأل عنه، وعن رقم هاتفه الشخصي، لا لشيء سوئ لتقول له : فوزي، يعطيك الصحة خو، بردتلنا قلبنا .. أما أنا فأقول له: شاوشي، إطوي الصفحة، لكن لا تمزقها.. نحن، الجزائر، في أمس الحاجة إليك.. آه، نسيت ان أذكركم بأن شاوشي صار يزاحم يبدة وغزال ومطمور وحليش والبقية في لقب الوسيم.. ذلك أن جميلات الجزائر يرين فيه الرجلة والنيف والخسارة، وعدد مكالماتهن في تزايد.. وهي الصفات المحببة إلى قلوب فتياتنا في فتى أحلامهن.. وللحديث بقية