يرجّح حسب ما هو متوفر لحدّ الآن من معطيات ومؤشرات وتصريحات، بأن إنطلاق المحاكمة التاريخية للمتورطين في قضية الخليفة، ستكون خلال الأسابيع القليلة المقبلة، فقد أشارت معلومات متطابقة، إلى أن رفض غرفة الإتهام لدى المحكمة العليا، الطعون المرفوعة في قرار الإحالة، هو مؤشر على الإرادة في التعجيل بمحاكمة المتهمين في فضيحة الخليفة، بعدما كان ذلك مقررا قبل نهاية السنة الجارية، غير أن إستمرار التحقيقات دفع إلى التأجيل، خاصة وأنها قضية معقدة خلفت خسائرا مالية فادحة بلغت أكثر من 20 ألف مليار سنتيم. وحسب بعض المصادر، فإن إجراء المحاكمة خلال شهر جانفي الداخل، غير مستبعد، خاصة بعدما قرّر مجلس قضاء البليدة تمديد الدورة الجنائية، التي كان من المفروض إنقضائها في 21 ديسمبر الجاري، وتأتي ملامح التعجيل بالمحاكمة، في وقت سجلت أوساطا متابعة للملف، أن الإسراع في الرّد على الطعون، هو دليل على إستبعاد إرجاء المحاكمة، خاصة وأنه للمرة الأولى يتمّ فيها رفض الطعون بشكل جماعي. الإتجاه بملف الخليفة نحو الغلق، عن طريق تسريع المحاكمة، يأتي في وقت تمّ فيه تناقل أخبار عن مواصلة السلطات القضائية للإستماع لعدد إضافي من الشهود والذين لهم صلة مباشرة بفضيحة القرن، حيث أكدت مصادر مطلعة، حسب ما إستفادت منه "الشروق اليومي"، أن العدالة إستمعت لردود نحو 10 وزراء و50 مسؤولا لشركات وطنية كبرى، مع العلم أن 124 شخصا، وجّهت لهم غرفة الإتهام بمجلس قضاء البليدة، في جوان الماضي، تهم تكوين جمعية أشرار والسرقة الموصوفة والنصب وخيانة الأمانة والتزوير في محرّرات مصرفية والرشوة وإستغلال النفوذ والإفلاس بالتدليس والتزوير في محررات رسمية. وتشمل قضية الخليفة، 10 فروع كانت تابعة للمجمع أو ما يسمى بالإمبراطوية المنهارة، وتشكّل "الخليفة بنك" واحدة من المنابع المالية الهامة التي كبدت الخزينة العمومية خسائرا فادحة، وأشارت بهذا الصدد جريدة "لوجور" في عددها الصادر أمس، بأن رفيق عبد المومن خليفة، الفار ببريطانيا، وهو المسؤول الأول عن المجمع، كان يغرف بواسطة "التحويل" من أرصدة الزبائن على مستوى عدة وكالات تابعة للبنك بطرق غير قانونية، حيث إستفاد من 327 مليار سنتيم "كعمولة خاصة"، وذلك بعد عمليات إيداع الأموال التي كان يقوم بها مسؤولو المؤسسات والشركات العمومية، وقد إنتقلت فرقة تفتيش على جناح السرعة، في 15 مارس 2003، إلى الخزينة الرئيسية للخليفة بنك، وقامت بمراقبة وفحص الرصيد رقم 100 بالدينار، والرصيد رقم 1010 بالعملة الصعبة، حيث تمّ إكتشاف ثغرة مالية بأكثر من 22 مليار دينار وحوالي 1.8 مليون دولار و7.4 مليون فرنك فرنسي و 8.1 مليون أورو و8700 فرنك بلجيكي و2615 مارك ألماني و12.5 آلاف فرنك سويسري و57.3 ألف جنيه إسترليني و210 دولار كندي و500 مارك فلندي و5 فلورين هولندي. وحسب ما نقلته الزميلة "لوجور"، فإن شهادات واعترافات، كشفت بأن عبد المومن خليفة، كان يغرف من الأموال الضخمة المودعة "ببنكه"، وقال المدعو (أ.ر)، بأنه تمّ تنصيبه بتاريخ 22 أكتوبر 2001، بصفته المكلف بالأمن الشخصي لرفيق خليفة، وشهد بأنه في أكثر من مرة قام بنقل أموال وكالة الخليفة بنك لفائدة عبد المومن، وتفيد الإعترافات بأن (أ.ر) أحضر مبالغا مالية بالدينار والعملة الصعبة لصالح "الفتى المدلل"، منها 10 آلاف دولار صُرفت كنفقات لرحلة الخليفة إلى النيجر و30 ألف أورو خلال سفر الميلياردير الهارب نحو الولاياتالمتحدةالأمريكية. وتفيد الأقوال، بأن رفيق خليفة، وجّه تعليمات شفوية لوكالات بنكه، بغرض تسليمه أموال بدون التوقيع على أية وثيقة مكتوبة، وكان تقرير للخبرة مؤرخ في 31 ماي 2004 وتمّ إيداعه على مستوى مكتب قاضي التحقيق، بتاريخ 7 جويلية 2004، أشار إلى أن الخزينة الرئيسية للخليفة بنك، وجّهت 11 أمرا بالتحويل من أجل تغطية العجز الذي تواجهه الخزينة، والمقدّر بقيمة تتجاوز 3.2 مليار دينار، وهذا كرقم مؤقت قبل الإنتهاء من مسار التصفية. وكان وزير العدل حافظ الأختام الطيب بلعيز، أكد نهاية سبتمبر الماضي، بأن العدالة ستأخذ مجراها الطبيعي في قضية الخليفة إلى نهايتها، مبرزا بأن "الترتيبات جارية ومستمرة من أجل محاكمة جميع المتورطين في هذه القضية"، التي كبّدت الإقتصاد الوطني خسائر فادحة، وقال بلعيز للصحافيين: "لقد أكدنا لكم في وقت سابق، بأن الجزائر ستتسلّم مختلسي البنك الوطني الجزائري، الذين كانوا فارين بالمغرب، وها قد تسلمناهم وهم اليوم أمام العدالة الجزائرية، وكذلك الأمر بالنسبة للمتسببين في فضيحة الخليفة"، ويُذكر أن وزير العدل، أعلن قبل ذلك، أن محاكمة المتورطين في فضيحة الخليفة، ستكون في الدورة الجنائية (نوفمبر ديسمبر)، غير أن تعقيدات الملف أجلت المحاكمة. جمال لعلامي: [email protected]