عرفت سنة 2006 انخفاضا محسوسا في حدة العنف بالجزائر، حيث سجلت أرقام رسمية وأخرى قدمتها الصحافة سقوط 400 قتيل هذه السنة، وإن كان العدد كبيرا ويؤكد استمرار نشاط العناصر المسلحة، إلا انه منخفض مقارنة بعدد ضحايا السنوات الماضية، ما يؤكد أن انفراج الوضع الذي بدأ سنة 2003 لا زال متواصلا بانخفاض عدد ضحايا العنف المسلح. وفي حصيلة نشرتها أمس وكالة الأنباء الفرنسية، تأكد أن عدد الذين سقطوا في مواجهات بين عناصر الأمن والعناصر المسلحة بلغ 400 ضحية في حين كان يقدر السنة الماضية 2005 ب480 قتيل 170 منهم من عناصر الأمن و215 من الإسلاميين المسلحين، أما سنة 2004 فقد بلغ عدد القتلى أكثر من 500. وما يؤكد انفراج الوضع الأمني بالجزائر واتجاه مؤشره نحو النزول، حسب وكالة الأنباء الفرنسية، هو اعتراف السلطة بانحصار العمل الإسلامي المسلح خلال المدة الأخيرة في الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي، ورغم انضمامها تحت لواء تنظيم القاعدة في خريف السنة الماضية 2006، أصبحت دون منافس ولا منازع منذ قضاء الجيش وقوات الأمن على غريمتها الجماعة الإسلامية المسلحة (جيا) سنة 2004، لكن ذلك لا يعني انكسار شوكتها إذ نسبت إليها تقريبا كل العمليات المسلحة التي وقعت في المدة الأخيرة، وكانت آخر عملية تبنتها سنة 2006، الهجوم على حافلة لعمال الشركة الأمريكية "براون روت أند كوندور" بناحية بوشاوي غرب العاصمة خلف قتيل و8 جرحى. وإذ تشير أرقام الوكالة إلى 178 ضحية بين المسلحين و142 من عناصر الأمن (جيش ، شرطة ، درك ، حرس بلدي وغيرهم)، فإن الشهر الأكثر دموية خلال السنة المنصرمة كان شهر نوفمبر بسقوط 63 ضحية منهم 27 عناصر الأمن و 35 مسلح، عكس شهر فيفري الذي كان الاهدا والاكثر أمنا بتسجيل 14 قتيل 5 من عتاصر الأمن و8 الباقين من المسلحين. وذكّرت الوكالة بما كتبته سابقا بتصنيفها شهر رمضان لسنة 2006 الأهدأ والأقل عنفا منذ بداية أعمال العنف والعمل المسلح في الجزائر سنة 1992 بتسجيل سقوط 32 ضحية 20 منهم من قوات الأمن و6 إسلاميين، بينما عرف هذا الشهر في السنوات الماضية أعمال عنف سجلت خلالها أعدادا كبيرة من القتلى والجرحى، خاصة وأن العناصر المسلحة تتخذ من هذا الشهر فرصة لتكثيف "الجهاد" ضد الدولة والنظام، وقد أعلنت الجماعة السلفية للدعوة والقتال في بياناتها باستمرار انها ماضية في الجهاد ومناهضة النظام إلى بلوغ "إقامة الدولة الإسلامية" في الجزائر. ورغم أن الوضع الأمني عرف تحسنا ملحوظا خلال السنة الفارطة، إلا أن الجماعة السلفية للدعوة والقتال، الوحيدة التي لا زال نشاطها مستمرا في الجزائر، ونحو فرنسا بتكليف من القاعدة مستقبلا، بيّنت بالعمليات التي قامت بها نهاية السنة الماضية، الهجوم على مقرين للأمن بكل من درقانة والرغاية بنواحي العاصمة شهر أكتوبر والهجوم على حافلة عمال الشركة الأمريكية شهر نوفمبر، لا زالت توجه الرسائل بأنها قادرة على إثارة الذعر والهلع وسط السكان بالرغم من التعزيزات الأمنية الهائلة التي قامت بها الدولة خلال السنوات الأخيرة. غنية قمراوي: [email protected]