تشير حصيلة تناقلتها وكالات الأنباء العالمية إلى أن عدد ضحايا العنف المسلح في الجزائر بلغ الذروة شهر أفريل المنصرم بسقوط 81 ضحية، بعدما عرفت السنوات الماضية انفراجا واضحا على الصعيد الأمني أرخى ضلاله على كافة الميادين في البلاد. وبلغة الأرقام جاءت تفجيرات الحادي عشر أفريل التي استهدفت مبنى قصر الحكومة ومركز الشرطة بباب الزوار، وخلفت 33 قتيلا و225 جريحا، كسبب مباشر لتصنيف شهر أفريل الأكثر دموية منذ زمن طويل، حيث يذكر أن من بين 81 قتيل الذين سقطوا خلال الشهر الماضي يوجد من بينهم 28 من العناصر المسلحة قضت عليها عناصر الجيش أو الأمن في مختلف العمليات والتمشيطات التي باشرتها في المدة الأخيرة. ومقارنة مع الأشهر السابقة من السنة الحالية، فإن عدد القتلى شهر مارس بلغ 45 قتيلا ، بينما سقط 28 ضحايا للعنف فبراير الماضي، وكانت السنة قد بدأت بمقتل ما لا يقل عن 21 شخصا، وهي إن كانت حصيلات متفاوتة من حيث العدد إلا أنها تشير إلى أن أعمال العنف قد عاودت إلى احتلال صدارة الأخبار في الجزائر، بعد الإعلان عن ميلاد ما أصبح يصطلح عليه ب "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي"، الذي يكون بدوره قد قام على أنقاض الجماعة السلفية للدعوة والقتال، بعدما أعلنت هذه الأخيرة في خريف السنة الماضية الانضمام إلى تنظيم القاعدة. وكانت تفجيرات الأربعاء الأسود قد أعادت للأذهان جو الرعب والهلع الذي عرفته المدن الجزائرية سنوات التسعينات، خاصة وأن "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي" تبنى العمليتين، وقفز بالعمل الإرهابي قفزة نوعية، باختيار المكان والزمان، مما جعل الجميع وعلى رأسهم الرسميون يشيرون إلى اليد الأجنبية في العمليتين. لكن الفترة الأخيرة لم يقفز فيها عدد ضحايا العنف وحده، بل حتى مكافحة الإرهاب عرفت هي الأخرى قفزة في الكم والكيف، حيث تشير الحصيلة إلى القضاء على عدد من المسلحين المطلوبين من قبل الأمن أو الاستخبارات، وكان آخرها الأسبوع الفارط أين قضت عناصر الجيش الوطني على سمير مصعب الرقم الثاني في التنظيم بسي مصطفى ولاية بومرداس، كما سقط عناصر آخرون كانوا من أهم المطلوبين. وبالموازاة سجلت كثير من محاكم الجمهورية مثول أسماء لأمراء و مسؤولي كتائب مسلحة أمامها ، حكمت على معظمهم غيابيا، مثل امير الجماعة السلفية للدعوة والقتال عبدالمالك دروكدال الملقب ابو مصعب عبد الودود، ومؤسس الجماعة حسن حطاب وأميرها لمنطقة الصحراء مختار بالمختار الملقب بلعور. وبالرجوع إلى الوراء يلاحظ أن العمليات الإرهابية عرفت تراجعا واضحا في السنوات الأخيرة، خاصة منها الاستعراضية والتفجيرات بالقنابل، بل واختفت كليا من المدن الكبرى، ورغم ان سقوط ضحايا العنف المسلح لم يتوقف رغم بلوغه مستويات دنيا تكاد لا تذكر في بعض الأحيان، إلا أن هاجس الانفلات الأمني تراجع بدرجة كبيرة، جعلت رئيس الجمهورية نفسه يصف ما حصل يوم 11 أفريل الماضي "بالتراخي الأمني" الذي يفسر في وجه من أوجهه قفزة عدد القتلى خلال الشهر المنصرم إلى 81 منهم عدد كبير نتيجة التفجيرات، أمر اختفى من أذهان الجزائريين منذ زمن بعيد. غنية قمراوي:[email protected]