ظاهرة كرة القدم لهذا العام هو فريق اتحاد عنابة الذي يبدو أنه عائد بسرعة إلى بطولة الدرجة الأولى بفضل الأموال الطوفانية التي تهاطلت عليه والتي تركته يخطف من شبيبة القبائل ومن نصر حسين داي ومن غيرهما النجوم ليصنع فريقا حديديا على وزن المؤسسة الاقتصادية لعملاقة (ميطال ستيل) التي ضخت في حساب النادي 17 مليارا، وهو رقم يحلم به حتى الفرق المتبارية قاريا، وراء هذا الزحف (الأحمر) النقابي المعروف عيسى منادي الذي طوى نهائيا حكاية الصعود (المضمون) ويفكر حاليا ما بعد.. بعد الصعود، إذ يراهن على جعل عنابة فريق الأحلام عربيا وإفريقيا.. "الشروق اليومي" سألت منادي ومنحته متسعا للكلام. - نستهل حوارنا بالتطرق إلى كيفية تحولك من رجل نقابي إلى رئيس نادٍ لكرة القدم؟ علاقتي بالحركة الرياضية ليست بالجديدة، فأنا رياضي قبل كل شيء، وأعشق الكرة منذ صغري، إذ أمضيت شبابي في لعب كرة القدم في مختلف الدورات التي كانت تنظم بالحي الشعبي (جبانة اليهود)، (11 ديسمبر 1960 حاليا) وزيادة على هذا كنت أحد المناصرين الأوفياء للفريق العنابي العريق (حمراء عنابة) الذي تنقلت معه خارج الديار في العديد من المحطات الهامة، خاصة وأنه كان من عمالقة كرة قدم الجزائرية في سنوات السبعينيات أين ذاع نجم "الحمرة" ولمع اسمها، إضافة إلى تجربتي كمناصر وفي، فقد ساهمت في دفع عجلة فريق اتحاد جامعة عنابة منذ تأسيسه عام 1983 إذ قدمنا له وقتها كنقابة في مجمع Sider للحديد والصلب كامل التمويل الذي احتاجه الفريق لسنوات عديدة، وعن كيفية تحولي من رئيس نقابة عمالية إلى رئيس نادٍ لكرة القدم، فالفكرة تعود إلى سنة "2003"، حيث طلبت مني العديد من الشخصيات الرياضية المحلية ترأس الفريق رقم (1) بعنابة (إتحاد مدينة عنابة) والتي قابلتها أنانية بعض الوجوه الرياضية المعروفة بالمعارضة، من جهة أخرى وفي نفس الفترة اقترح علي بعض الأصدقاء فريق شباب الذرعان الذي افتك وقتها تأشيرة التأهل إلى بطولة الجهوي الأول. لماذا اخترت في بداية مشوارك تحديدا فريق شباب الذرعان وليس اتحاد مدينة عنابة؟ كما ذكرت قبل قليل، فيما يتعلق بالمعارضة الشديدة التي حالت دون ترأسي لفريق اتحاد عنابة والتي وقف وراءها اللاعب الدولي السابق "عطوي" على وجه الخصوص الذي وظف بطريقة أو بأخرى رئيس المجلس الشعبي الولائي الحالي "موسى مرزوڤ" كورقة سياسية رابحة بهدف إيقاف الرجل النقابي "منادي"، وهو ما تم فعلا من خلال مجموعة العراقيل التي واجهتها في تلك الفترة حتى انقضت مدة الترشحات دون أن يتقدم أي كان للترشح، ما دفع وزارة الشباب والرياضة إلى تعيين "ديريكتوار" مؤقت برئاسة "جمال ويناز" فتحولت حينها بمقدار (180 درجة) واتخذت قرارا حاسما ونهائيا بترأس فريق شباب الذرعان الذي منحته اسم "ميطال ستيل الذرعان" وخضت معه غمار الجهوي الأول ونجحت في تخطي عقبة الجهوي الأول ثم أنهيت الموسم الثاني بإنجاز ثانٍ كبير في بطولة ما بين الرابطات صعد من خلاله الفريق إلى بطولة الوطني الثاني المتزامن مع سقوط اتحاد عنابة إلى حظيرة الوطني الثاني نتيجة التسيير الكارثي المتعفن للديريكتوار المؤقت الذي قاد الفريق إلى أسفل السافلين. ما هي دوافعك في العودة إلى فريق اتحاد عنابة؟ سقوط الفريق رقم (1) في بونة أثار شفقتي، وأذرفت الدموع حينها، فأنا شخصيا ورغم ما شن ضدي لإبعادي عن الفريق، إلا أنني سعيت جاهدا لتفادي سقوط الفريق، حيث ساعدت الرئيس "جمال ويناز" والفريق بكل ما أوتيت من قوة وأموال، لكن الوقت حينها فات وجرّ معه فريق بونة إلا ما لا يحمد عقباه، إذ فرت نصف التشكيلة إضافة إلى المدرب "جمال مناد" وحتى الرئيس "ويناز" اختفى هو الآخر تماما من المدينة، وخوفا من غضب وثورة "الهوليڤانز" الذين أغلقوا مديرية الشباب والرياضة "صاولي عبد القادر" والطريق المحاذي في شهر جوان (2005) مطالبين بمجيئي على رأس إدارة الفريق، وأتذكر جيدا تلك اللحظة عندما اتصل بي هاتفيا وأنا في "أوكرانيا"، وقتها، وكانت المكاملة من الرئيس السابق "ميريبوط" ورئيس فرع كرة القدم الحالي "محمد الهادي كرومة" وأخبراني بانتفاضة "الهوليڤانز" وكنت قبلها قد توسلت للرئيس السابق "ميريبوط" في العودة لرئاسة الفريق مع منحي إياه تمويلا من مجمع "ميطال ستيل" بقيمة 01 مليار سنتيم وحاجتي في ذلك إبعاد الأنظار عني، لاسيما وأنني كنت رئيسا لفريق قوي صاعد جديد إلى بطولة الوطني الثاني يدعى "ميطال ستيل الذرعان"، ولكن الكفة في آخر المطاف تحولت إلى مبتغى الآلاف من أنصار "الهوليڤانز" التي هتفت كلمة واحدة (منادي هو الرئيس) فوجدت نفسي في قلب الجمعية العامة. من يقف وراء الرئيس "عيسى منادي"؟ مصدرنا الرئيسي في تمويل الفريق هو قوة اقتصادية ضاربة يتصدرها مجمع ميطال ستيل عنابة للحديد الصلب والتي نلت موافقته الرسمية في تمويل الفريق خلال رحلة صائفة (2005) التي قادتني إلى أوكرانيا أين اقترحت وعرضت الفكرة أمام مسؤولي المجمع الذين رحبوا بها خاصة أنهم خاضوها سابقا في العديد من الدول الأوروبية، ويضاف إلى مجمع المطال، فإن فرع (فارتيال الإسباني) بمجمع اسميدال العنابي يمول هو الآخر الفريق مقابل وضعه لشروط لعب الأدوار الأولى للبطولة، زيادة على هذا فأنا أحضى بدعم كبار التجار بعنابة وكذا أصحاب المؤسسات الخاصة، هذا وقد توصلنا قبل شهر من الآن إلى الاستفادة من تمويلات كل من مؤسستي "سوناطراك" و"سونلغاز" اللتين بدأتا بتمويل فريق اتحاد عنابة من إبرام عقد التمويل. ما أهدافك المسطرة، وكيف كانت الانطلاقة؟ أهدافي معلنة سابقا في حقيقة الأمر، وهي تتماشي ومنطقي الطموح الذي لا يقبل إلا فرض الذات، فكما كانت نتائجي محققة مع فريق "ميطال ستيل الذرعان" الذي قدته إلى الصعود خلال موسمين متتاليين، كذلك هي الحال مع فريق اتحاد عنابة الذي سأقوده هو الآخر، بإذن الله، إلى بر أمان بطولة القسم الوطني الأول، بل أكثر من ذلك لدينا إمكانياتنا الخاصة في الوصول إلى أبعد الحدود في منافسة السيدة "الكأس". أما فيما يتعلق بانطلاقة الفريق خلال هذا الموسم، فهي كانت متميزة منذ البداية، وتحصيل لسلسلة من اللقاءات الودية التي أجراها الفريق في معسكر "عين دراهم التونسية" وتربص عنابة، حقق فيهما الفريق نتائج إيجابية قادت إلى التكهن بخصوصية الفريق وقدرته في السيطرة الكلية على زمام بطولة الوطني الثاني، لاسيما وأن الفريق بحوزته (30) لاعبا من طراز واحد، ما جعل اختيار التشكيلة ليس بالسهل مقابل تساوي قدرات اللاعبين الفنية والبدنية، التي زادت من حدة التنافس وحرص كل لاعب في الحفاظ على موقعه ضمن التشكيلة الأساسية، فكانت الانطلاقة وأتت النتائج مطابقة لتوقعاتي تمام التام. تربع فريقك على عرش البطولة طيلة مرحلة الذهاب، ما تقييمك لهذه المرحلة تقنيا؟ تربع فريقي على عرش البطولة في مرحلة الذهاب هو في حقيقة الأمر نتاج منطقي آلي لإمكانيات وقدرات التشكيلة العنابية من جهة والمنح التي يستفي منها اللاعبون تحفيزا للنتائج المحققة من جهة أخرى، فإدارتي لا تتأخر لحظة في منح لاعبين لمنحهم قبل أن يجف عرقهم في بعض الأحيان، أما الرواتب الشهرية فيستفيد منها اللاعبون في آجالها المحددة، وأعتقد بهذا الخصوص أن فريقي هو الوحيد على المستوى الوطني من يسدد مستحقات لاعبيه بطريقة خاصة واحترافية ما يعكس أكثر شخصيتي وأسلوب عيشي. أما تقييمي لسلسلة الانتصارات المحققة داخل وخارج الديار من الناحية التقنية والتي سمحت لنا باعتلاء عرش البطولة في القسم الثاني، فهي ناجعة تقنيا، الأمر الذي أرجعه إلى كفاءة الطاقم التقني القائم على التشكيلة والمشكل من المدرب المحنك (عبد الكريم لطرش)، (جمال بالعسلي مساعد المدرب، وأكد اللاعبون القدامى في نادي حمراء عنابة، إضافة إلى مدرب الحراس الحارس الدولي السابق "العربي الهادي" دون أن ننسى طبيعة التشكيلة الخاصة جدا، وقد ساهم تكوين اللاعبين التقني في دفع عجلة الفريق يقودهم في ذلك القائد "دلالو"، "بودار"، المايسترو "هادي عادل" والهداف "فارس جاب الخير"، ورأس الحربة المميزة "سمير عليش" وكلها خبرات قادت الفريق إلى رتبة الرائد. كم كلفكم المركز الريادي من أموال، وما إجمالي رأس مال الفريق؟ كلف احتلال فريقي مقدمة البطولة خزينة النادي ما يقارب 13 مليار سنتيم إلى حد الساعة، وكانت حصة الأسد فيها لاستقدامات اللاعبين بدرجة أكبر، حيث بلغت الاستفادة من خدمات بعض اللاعبين أمثال "سمير عليش" و"زازو" ما قيمته 600 مليون سنتيم للاعب الواحد، هذا ومن المتوقع أن تصل مصاريف الفريق حتى نهاية الموسم الحالي "الواحد والعشرين" مليار سنتيم حسب المعطيات الراهنة ماليا. ورأس مال فريقي إجمالا من المحتمل أن يبلغ في الأيام القليلة القادمة قرابة 24 مليار سنتيم، 17 مليار سنتيم تمويل مجمع ميطال ستيل عنابة وحده، وتبقى مساعدة الولاية التي حددها المجلس الشعبي الولائي في الدورة الخريفية الأخيرة بمليار ونصف المليار سنتيم حبرا على ورق، إذ لم تدخل هذه المساعدة إلى حد الساعة خزينة النادي، الشيء الذي أعتبره عرقلة وضربا لاستقرار فريقي. ماذا عن الرحلة التي قادتك قبل أيام إلى القارة العجوز أوروبا؟ رحلتي إلى أوروبا في الأيام القليلة الماضية كانت زيارة عمل نقابي، وقادتني إلى "باريس" و"لندن" لحضور اجتماعات تخص نقابات مجمع ميطال ستيل الدولي، وهو ما لا يمنعني من التطرق رفقة الإدارة العامة للمجمع إلى شؤون فريقي، اتحاد عنابة، الذي منحه المجمع مبلغ 700 مليون الأسبوع الفارط، إضافة إلى إعطائه فرصة قضاء تربص الصائفة القادمة بإحدى الدول الأوروبية الآتية (فرنسا، بلغاريا، رومانيا وتشكيا)، زيادة على هذا سيستقدم "المجمع" لاعبا من إحدى البطولات الأوروبية كهدية للفريق. هذا واستفدت خلال رحلتي إلى أورضبا من زيارة بعد الأندية الأوروبية والوقوف على طريقة تسييرها إداراتها التي تتمز بقدر كبير من الاحترافية، إذ يمكنني الاعتماد عليها كنموذج في تسيير فريق اتحاد عنابة مستقبلا. علمنا من مصادر خاصة أن الأمين العام للاتحاد الوطني للعمال الجزائريين "سيدي سعيد" وعند زيارته الثلاثاء الفارط إلى ولاية الطارف قد جمعته مع الرئيس "منادي" مأدبة غداء بعنابة؟ صحيح وأنه جمعتني به مأدبة غداء بفندق "التيلفريك" (مكان إقامة لاعبي إتحاد عنابة) وهو لقاء لا يعدو أن يكون أكثر من نقابي، حيث استغليت فرصة زيارته إلى ولاية الطارف الثلاثاء الفارط. وهل تطرقتم خلال مأدبة الغداء إلى الحديث عن فريق اتحاد عنابة؟ بالفعل تبادلنا أطراف الحديث فيما يتعلق بفريقي "إتحاد عنابة" وهو معجب كثيرا بالنتائج المحققة، كما رحب كل الترحيب بفكرة تحولي من رجل نقابي بارع إلى رئيس نادي كرة قدم ناجح، والذي اعتبره "سيدي سعيد" عملا يمكن اعتباره كنموذح متميز استطاع أن يوفق بين مجالين لا مجال فيهما للمقارنة. وجه إليك رئيس فريق شبيبة القبائل "محند شريف حناشي" أصابع الاتهام في إلهاب سوق اللاعبين الوطنية، ماذا تقول؟ إلهاب سوق اللاعبين الوطنية ليس مسؤوليتي، بل تعود المسؤولية في ذلك إلى "حناشي" ذاته ورئيس اتحاد الجزائر "عليق" فأنا وعند التحاقي بالسوق الوطنية خلال الصائفة الفارطة وجدت قيمة اللاعبين في السوق مرتفعة للغاية، فما كان علي إلا أن أوافق وفقط على ما حددته سوق اللاعبين. ما طبيعة علاقتك الراهنة مع وزير الشباب والرياضة يحيى ڤيدوم؟ علاقتي الحالية مع وزير الشباب والرياضة، يحيى ڤيدوم، حاليا على أحسن ما يرام، رغم توتر العلاقات في فترات سابقة، والتي زاد من حدتها الكثير من الشخصيات السياسية والرياضية البارزة التي تريد إيقاف القوة الجديدة الضاربة، فريق "اتحاد عنابة"، وفي ضخم هذا الموضوع أكد الوزير أن الكثيرين من محيطيه أعطوه صورا غير لائقة عني وعن فريقي. من أي طراز ستكون استقدامات منادي في الموسم القادم؟ استقداماتي في الموسم القادم من الساحة الكروية الوطنية لن تكون كالموسم الحالي، فقد توصلت إلى حد الساعة إلى الاتفاق مع خمسة من خيرة لاعبي بطولة القسم الوطني الأول، وأرفض الإدلاء بأسمائهم، حيث وعدتهم بالتحفظ حتى يحين الوقت. وماذا عن الاستقدامات الأجنبية؟ = يوجد ضمن أجندتي (03) لاعبين أفارقة ذوي مستوى عالي ينشطون في بطولة الكاميرون والسينغال، وقد تصل قيمة اللاعب الواحد إلى 900 مليون سنتيم، إضافة إلى هؤلاء يوجد بحوزتنا لاعب أوروبي الذي هو هدية مجمع ميطال ستيل الدولي لفريقي اتحاد عنابة. حاوره: فارس مصباح