علمت "الشروق اليومي" من مصادر مطلعة، بأن عقيدا سابقا في الجيش الفرنسي، من أصول جزائرية، تحصّل على أسهم ضمن شركة مختلطة بين مجمّع شركة الملاحة البحرية وشركة خاصة، في إطار القرارات المتعلقة بخوصصة وفتح رأس مال مجمع (لاكنان). وجاءت العملية بعد اجتماع مجلس مساهمات الدولة، المنعقد الأحد الماضي، في دورته ال 75، برئاسة رئيس الحكومة، عبد العزيز بلخادم، حيث تمت الموافقة على خمس قرارات جديدة حول الخوصصة ومشاريع الشراكة والتنازل عن الأصول، من بينها ملف إنشاء شركة مختلطة بين مجمع (لاكنان) وشركة خاصة. وحسب ما توفر ل "الشروق اليومي" من معطيات، فإن صاحب الشراكة مع مجمع (لاكنان)، هو عقيد سابق في الجيش الفرنسي، اشتغل كجندي ثم ضابط خلال فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر، إلى غاية حصوله على التقاعد في الجيش الفرنسي، وهي المرة الأولى التي تقرّر فيه الحكومة الجزائرية تمكين هذه الفئة التي كانت محلّ احتجاج الأسرة الثورية في الجزائر من الحصول على أملاك من القطاع العام في إطار الخوصصة والشراكة. ومعلوم أن ملف "الحركى" كان سببا في تعطيل التوقيع على ميثاق الصداقة بين الجزائروفرنسا، إلى غاية اليوم، ويذكر أن عبد العزيز بلخادم أكد، عندما كان وزيرا للشؤون الخارجية، بأن الجزائر يمكنها أن تقبل "الحركى كفرنسيين وليس كجزائريين"(..). وعمل قانون 23 فيفري 2005، على "ردّ الاعتبار للحركى" أو ما تسميهم فرنسا ب "الفرنسيين العائدين"، خاصة المادة الخامسة من القانون، التي "تقدّس الحركى"، وذلك في سياق تمجيد "الدور الإيجابي" للاستعمار الفرنسي بشمال إفريقيا وبالجزائر تحديدا، وتضمّن "قانون العار" اعترافا فرنسيا رسميا "بجهود الحركى إبان ثورة التحرير"، وقد علّق الرئيس بوتفليقة على هذا القانون بالقول: "لقد وصل الأمر بفرنسا إلى هذه الوقاحة وقلة الحياء، حتى تقول لنا بأن الاستعمار قدّم خدمات للبلدان المستعمرة.. ربما استساغوا اللقمة فأعجبتهم والله لنذيقنهم الحنظل". وظلّ الرئيس بوتفليقة متمسكا بمطالبة فرنسا بالاعتراف والاعتذار عن جرائمها الاستعمارية، وهو نفس الشرط الذي طالبت به الأسرة الثورية والأحزاب السياسية، قبل الحديث عن أي تطبيع أو صداقة، غير أن عقدة "الجندي الذي لا يهزم"، جعلت فرنسا تتمسك بتمجيد المستعمر، وقد أكد بداية فيفري الماضي دوبري، في تصريحات نقلتها جريدة "لومانيتي"، أن "أبناء الحركى هم الوحيدون الأحق بالاعتذار من فرنسا التي لم تستقبلهم الاستقبال اللائق، وهم قادمون حاملين معهم ذكرى الطفولة"(..). قانون 23 فيفري، الملغى صوريا، دون تقديم اعتراف أو اعتذار، كان قد تضمن ما اصطلح عليه ب "عرفان الأمة، والمساهمة الوطنية لصالح الفرنسيين العائدين"(..)، وشمل جملة من الممنوعات التي يقع مرتكبوها ضدّ "الحركى"، تحت طائلة القوانين الفرنسية، وعلى رأسها قانون العقوبات، حيث منع هذا القانون، كل إهانة أو قذف في حق "الحركى"، بل إن كلّ حديث يجرّم جرائم هؤلاء يقع صاحبه تحت طائلة نفس القانون. وتشير بعض الأرقام إلى أنه بعد استقلال الجزائر هرب نحو فرنسا "الحركى الناجون"، ممن بلغ عددهم حسب تقديرات متعددة ما بين 150 ألفاً و360 ألفاً، وقد فتحت حكومة الرئيس الفرنسي الحالي، جاك شيراك، ملف هؤلاء "الحركى"، فخصصت لهم يوما وطنيا يحتفل به في شهر سبتمبر من كل عام، ثم أقامت لهم نصبا تذكاريا استفزازا لمشاعر الجزائريين والذاكرة التاريخية، وهم أيضا ممثلون ضمن الطاقم الحكومي الفرنسي، بوزارة ل "قدماء المحاربين". هذا، وأكد مؤخرا، اللواء السابق في الجيش الفرنسي أثناء حرب التحرير الوطني، والرئيس السابق لمنظمة المحاربين القدامي، "باتريك جاردان"، أن من بين "المواطنين الجزائريين" الذين تقدموا بطلبات للسلطات الفرنسية خلال الفترة ما بين 31 جويلية 2005 و31 جانفي 2007، بغرض الحصول على تعويضات مادية جراء خدمتهم في الجيش الفرنسي إبان الثورة التحريرية، يوجد نحو 1315 ممن سماهم بقدماء الحركى. ج. لعلامي:[email protected]