استدعت وزارة الشؤون الخارجية، القنصل العام لفرنسا، للاستفسار والاحتجاج على إجراءات جديدة اتخذتها الإدارة الفرنسية من جانب واحد، تخصّ تنقل الأشخاص بين البلدين، وقد طُلب منه تقديم توضيحات حول القرار الذي اتخذته البعثات القنصلية بخصوص المسافرين الجزائريين الذين دخلوا التراب الفرنسي ثم غادروه نحو الجزائر بتأشيرة شنغن. وعلمت "الشروق" من مصادر في وزارة الشؤون الخارجية، أن مسؤولي هذه الأخيرة، أبلغوا القنصل العام لفرنسا، بالاحتجاج والرفض الشديدين، للإجراءات التمييزية الجديدة التي اعتمدتها السلطات الفرنسية "من جانب واحد"، في حقّ الرعايا الجزائريين، وحسب ما توفر من معلومات، فإن القنصلية الفرنسية دون أن تخطر السلطات الجزائرية، طلبت من الجزائريين المغادرين للأراضي الفرنسية، تسليم بطاقة الركوب (رحلة العودة) لمصالح القنصلية. وهو الإجراء غير المبرّر الذي أبلغت وزارة الخارجية، بشأنه، القنصل العام لفرنسا، لدى استقباله بمقرها بالعاصمة، معتبرة ايّاه إجراء مرفوضا جملة وتفصيلا، وقرارا "غير عادل ويُهين الجزائريين"، وتعسّفا على أساس افتراض إقامة قانونية لجميع المستفيدين من تأشيرات الدخول التي تصدرها القنصليات الوطنية الفرنسية. وأكدت مصادر "الشروق" أن هذا الإجراء "غير المقبول" لا ينصّ عليه ما يُعرف ب "قانون الجماعة" الخاص بالمجموعة الأوروبية، وقد طلبت الخارجية الجزائرية، من القنصل العام لفرنسا، إعادة النظر في هذه الإجراءات المتطفلة والمسيئة لكرامة المواطنين الجزائريين وكذا لحرية تنقل الأشخاص. واستنادا إلى ذات المصادر، فإن القنصل الفرنسي، وعد بنقل الرفض الجزائري إلى سلطات بلاده، من أجل مراجعة الإجراء الذي برره الديبلوماسي الفرنسي بالإجراءات المندرجة في إطار "محاربة الحراڤة والهجرة غير الشرعية بفرنسا"، وهو المبرّر الذي لم يستسغه مسؤولو وزارة الخارجية، من باب أن تطبيق مثل هذه الإجراءات، يجب أن يكون داخليا يخص التحرّك عبر التراب الفرنسي، وليس خارجيا يشمل حركة تنقل الجزائريين نحو بلادهم. وتكشف الأرقام الرسمية، المعلنة من طرف السفارة الفرنسية بالجزائر، أن مصالح القنصليات التابعة لها، منحت للجزائريين 140 ألف تأشيرة في السنة، في وقت تؤكد فيه نفس المصادر، تراجع نسب رفض ملفات "الفيزا" خلال السنوات الأخيرة، حيث لا تتعدّى حاليا 29 بالمئة من إجمالي الطلبات التي يودعها الجزائريون على مستوى قنصليات العاصمة وعنابة ووهران. وحسب الاحصاءات الفرنسية، فإن رقم 140 ألف تأشيرة، يخصّ تحديدا عدد التأشيرات الخاصة بالإقامة القصيرة الممنوحة للجزائريين، وحسب تصريحات سابقة للسفير الفرنسي بالجزائر، فإن السبب الرئيسي وراء رفض "كوطة" من ملفات "الفيزا"، يخصّ عدم تقديم طالب التأشيرة للموارد التي تسمح له بتغطية نفقاته خلال مدة الإقامة بالتراب الفرنسي، أو عدم تقديم مكان إقامة محدد، وأكد السفير أن المصالح القنصلية ستستمرّ في وضع علامة "مرفوض" على الجوازات الجزائرية، من باب أن القرار متعلق "بتعليمة أوروبية للدول الأعضاء في فضاء شنغن". ويأتي الإجراء "الاستفزازي" من طرف القنصليات الفرنسية في حقّ الجزائريين، بعدما باشر منذ فترة الجانبين الجزائري والفرنسي، مباحثات حول اتفاق 1968 الخاص بتنقل الأشخاص، في انتظار "ردود" فرنسا حول احتجاج واستفسار الجزائر بشأن مطالبة الجزائريين المغادرين للتراب الفرنسي بإيداع تذكرة ركوب الطائرة.