خلال تصفيات "كان" 2025 : بيتكوفيتش يسعى لتحقيق 3 أهداف في مباراتي توغو    تنظيم مسابقة وطنية لأحسن مرافعة    التوقيع على اتفاقية شراكة وتعاون بين جامعة غليزان والوكالة الوطنية لدعم وتطوير المقاولاتية    الجزائر تعرب عن قلقها العميق    نهب ثروات الشعب الصحراوي: "إيساكوم" تشيد بحكم المحكمة الأوروبية وتدعو الأمم المتحدة لأخذه بعين الاعتبار    دعم عربي لغوتيريش    إسقاط التطبيع واجب حتمي على كل الشعب    أوّل لقاء إعلامي للرئيس في العهدة الثانية    ما حقيقة توقيف إيمان خليف؟    السيتي: محرز ساحر العرب    افتتاح مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي    أسئلة سيواجهها المجتمع الدولي بعد أن ينقشع غبار الحرب    رئيس الجمهورية يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء    المنافسات الافريقية للأندية (عملية القرعة): الاندية الجزائرية تتعرف على منافسيها في مرحلة المجموعات غدا الاثنين    المجلس الشعبي الوطني عضو ملاحظ دائم لدى برلمان عموم أمريكا اللاتينية والكاريبي "البرلاتينو"    الشروع في مراجعة اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوربي السنة القادمة    رئيس الجمهورية: متمسكون بالسياسة الاجتماعية للدولة    انضمام الكونفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين لمجلس التجديد الاقتصادي الجزائري    هادف : اللقاء الدوري لرئيس الجمهورية مع الصحافة حمل رؤية ومشروع مجتمعي للوصول إلى مصاف الدول الناشئة في غضون سنة 2030    أوبك: توقعات بزيادة الطلب العالمي على الطاقة ب 24 بالمائة بحلول 2050    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: فيلم "ميسي بغداد" يفتتح المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة    تونس: انطلاق عملية التصويت للانتخابات الرئاسية    رئيس الجمهورية يؤكد أن الجزائر تواصل مسيرتها بثبات نحو آفاق واعدة    المطالبة بمراجعة اتفاق 1968 مجرد شعار سياسي لأقلية متطرفة بفرنسا    محلات الأكل وراء معظم حالات التسمم    مراد يتحادث مع المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة    الكشف عن قميص "الخضر" الجديد    المعارض ستسمح لنا بإبراز قدراتنا الإنتاجية وفتح آفاق للتصدير    انطلاق الطبعة 2 لحملة التنظيف الكبرى للجزائر العاصمة    عدم شرعية الاتفاقيات التجارية المبرمة مع المغرب.. الجزائر ترحب بقرارات محكمة العدل الأوروبية    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: فيلم "ميسي بغداد" يفتتح المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة    سوق أهراس : الشروع في إنجاز مشاريع لحماية المدن من خطر الفيضانات    البليدة..ضرورة رفع درجة الوعي بسرطان الثدي    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي يعود بعد 6 سنوات من الغياب.. الفيلم الروائي الجزائري "عين لحجر" يفتتح الطبعة ال12    الجمعية الدولية لأصدقاء الثورة الجزائرية : ندوة عن السينما ودورها في التعريف بالثورة التحريرية    الرابطة الثانية هواة (مجموعة وسط-شرق): مستقبل الرويسات يواصل الزحف، مولودية قسنطينة ونجم التلاغمة في المطاردة    بيتكوفيتش يعلن القائمة النهائية المعنية بمواجهتي توغو : استدعاء إبراهيم مازا لأول مرة ..عودة بوعناني وغياب بلايلي    تيميمون: التأكيد على أهمية التعريف بإسهامات علماء الجزائر على المستوى العالمي    بداري يعاين بالمدية أول كاشف لحرائق الغابات عن بعد    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 41825 شهيدا    حوادث المرور: وفاة 4 أشخاص وإصابة 414 آخرين بجروح خلال ال48 ساعة الأخيرة    بلمهدي يشرف على إطلاق بوابة الخدمات الإلكترونية    يوم إعلامي لمرافقة المرأة الماكثة في البيت    إحداث جائزة الرئيس للباحث المُبتكر    أسماء بنت يزيد.. الصحابية المجاهدة    دفتيريا وملاريا سايحي يشدد على ضرورة تلقيح كل القاطنين    سايحي: الشروع قريبا في تجهيز مستشفى 60 سرير بولاية إن قزام    الجزائر حاضرة في مؤتمر عمان    استئناف نشاط محطة الحامة    افتتاح الطبعة ال12 لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي    صحة: تزويد المستشفيات بمخزون كبير من أدوية الملاريا تحسبا لأي طارئ    رابطة أبطال إفريقيا (مرحلة المجموعات-القرعة): مولودية الجزائر في المستوى الرابع و شباب بلوزداد في الثاني    سايحي يشدد على ضرورة تلقيح كل قاطني المناطق التي شهدت حالات دفتيريا وملاريا بالجنوب    محارم المرأة بالعدّ والتحديد    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب: الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    خطيب المسجد النبوي: احفظوا ألسنتكم وأحسنوا الرفق    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجمّع بلارة.. مرتع للحيوانات وجلسات الخمر والقمار!
حلم أجيال من البطالين أصبح سرابا
نشر في الشروق اليومي يوم 02 - 02 - 2012

لعل أنسب تسمية يمكن إطلاقها على هذا المشروع هو مشروع "كذب المسؤولين بامتياز وإخلافهم للوعود"، إنه المشروع الذي حلمت به ولاية بكاملها بل حلم به الشرق الجزائري كله إنه مشروع المنطقة الصناعية بلارة ببلدية الميلية بجيجل، الذي وعلى مر 30 سنة ظل مجرد منبر لكذب المسؤولين والمشاريع المعطلةوالمؤجلة وموضوعا لتسخين الحملات الانتخابية الرئاسية والتشريعية والمحلية، التي صدقها مواطنو المنطقة ولأكثر من ثلاثة عقود.

30 سنة من الوعود الكاذبة والمشاريع الملغاة
فمن مشروع الحديد والصلب الذي أعلن عنه عام1981 بتمويل خليجي، إلى المنطقة الحرة للتبادل عام 1996، إلى مصانع الحديد والصلب في بداية الألفية التي عرضتها شركات إيطالية ومصرية وجزائرية، إلى مصنع الألمنيوم لمجموعة دوبال الإماراتية، إلى صنع السيارات رونو أخيرا، ظل مشروع بلارة مجرد حبر على ورق والوعود الفارغة والمشاريع المعطلة. "الشروق" زارت موقع بلارة ووقفت على نهب أموال الدولة أمام مرأى ومسمع الجميع تحدثت إلى سكان والشباب المنطقة وأعدت هذا الروبورتاج.
توجهنا إلى منطقة بلارة ببلدية الميلية بجيجل للوقوف على أقدم مشروع وعد به سكان ولاية جيجل، وبمجرد وصولنا إلى الموقع الذي لا يبعد سوى بكيلومترات عن بلدية الميلية على مساحة مستوية تقدر ب520 هكتار، حتى اتضح حجم النهب والسلب والتخريب الذي تعرضت له الملايير التي شيد بها الحائط الخارجي الذي كلف خزينة الدولة مبالغ طائلة وترك من دون حسيب ولا رقيب عرضة للتخريب والنهب، حيث هدمت أجزاء كبيرة من الجدار الاسمنتي الخارجي وسرقت أطنان من الحواجز الحديدية المثبتة على الجدار، سألنا سليم، وهو شباب جامعي بطال من منطقة لوطا المجاورة للموقع عن أسباب هذا التخريب فقال لنا "راهي هاملة بلا أمالي"، وأضاف "لقد صرفوا الملايير لتهيئة الأرضية وبناء الجدار الخارجي وتركوه بلا حراسة وبلا رقابة"، وتساءل الشاب البطال قائلا "كل المشاريع التي وعدنا بها لم تتحقق، لكن السؤال المطروح لماذا تركوا الموقع والمال العام عرضة للنهب أم أنهم فعلوا ذلك عمدا حتى يعيدوا بناء الجدار مرة أخرى ويستفيد من يستفيد من المشروع ومن الريع".
يقاطع سليم شابا آخر يعاني شبح البطالة هو الآخر ويقول متسائلا "منذ طفولتي وأنا أسمع عن المشاريع بعد الأخرى، لكن لم نر منها شيئا، ويضيف أننا نعاني البطالة وأبناء المنطقة يهيمون عبر ولايات الوطن في المطاعم والمقاهي والمخابز، يتوقف قليلا ويقول "تأكدوا بأنه لو أقاموا أي مشروع هنا فلن نعاني البطالة بعدها وأبناء ولاية جيجل لن يغادروا ولايتهم للبحث عن العمل مرة أخرى".
بعد حديثنا مع هذين الشابين أقبل علينا أحد الكهول في الخمسينيات من العمر وقال "أعاهدك بأنهم لن يقيموا هنا أي مشروع" سألناه عن سبب تشاؤمه وقال "لقد تلاعبوا بآمالنا لأكثر من 30 سنة"، وأضاف أن هذا الموقع هو مكان نحس وشؤم لقد كان مدرجا لإقلاع طائرات الاستعمار الفرنسي لضرب الثورة لقد كان منطلقا لضرب الثورة أنا متأكد بأنه لن يقام أي شيء على هذه الأرض"، ويختم الكهل بالقول "إن حلم أجيال من شباب المنطقة قد تحول إلى سراب".

من منطقة حرة وأخرى صناعية إلى مرتع للمواشي وجلسات الخمور والقمار
واصلنا طريقنا إلى الموقع وعلامات النهب والتخريب بادية على طول الجدار الخارجي، توجهنا إلى داخل وكم كانت مفاجأتنا كبيرة، قطعان وقطعان من الماشية من أبقار وعجول وأغنام وماعز، وجدت في المكان مرتعا قل نظيره بعد أن نمت الأعشاب والحشائش، حيث تتراءى قطعان الماشية على مد البصر كما وجد رعاة الماشية من الموقع مكانا مثاليا للعب كرة القدم.
توغلنا أكثر فأكثر داخل موقع بلارة وعندها لاحظنا تواجد عدد من السيارات في مكان منزوي، وعندما مررنا بجانبها بقيت عيون بعض الأشخاص تحدق بنا وتترقبنا على حذر، وعندما لا حظوا آلة التصوير خاطبنا أحد الشباب قائلا" التصوير هنا ممنوع هل تريدون تصويرنا؟، أجبناه بأننا نريد تصوير المكان وعندها خاطبنا بنبرة منزعج "المكان فسيح صوروا بعيدا من هنا".
ابتعدنا قليلا وسط موقع بلارة وعندها لاحظ رعاة الماشية ما حدث، ومباشرة توجهوا نحونا وعلامات الفضول بادية على وجوههم وسألونا بمجرد أن لاحظوا آلة التصوير وقالوا أنتم صحفيون؟ أجبناهم نعم، فقالوا بعفوية هل عرفتم من هؤلاء إنهم أصحاب جلسات الخمر إنهم يأتون إلى هنا يوميا لاحتساء الخمور والخوض في جلسات القمار ويقضون نهارهم هنا، ثم يضيف شاب آخر "إن التسيب الذي عرفه موقع بلارة جعل من جلسات الخمر والقمار هنا أمرا يوميا وعاديا، ويضيف وكثيرا ما تنشب معارك بين المقامرين بالأسلحة البيضاء خذوا حذركم إن المكان خطير".

بلغة الاقتصاديين... بلارة أحسن موقع لإقامة مصنع للسيارات في الجزائر
وبرأي الخبراء الاقتصاديين فإن موقع بلارة ببلدية الميلية بجيجل يعد حاليا انسب موقع لإقامة مصنع السيارات للمصنع الفرنسي رونو، وهذا نظرا لتوفره على جملة من المعايير والمنشآت القاعدية المحيطة به لا تتوفر عليها أي منطقة أخرى في الجزائر.
فموقع بلارة فضلا عن كونه يقع على بعد 50 كيلومتر فقط من ميناء جن جن ويربطه بذات الميناء طريق سريع، ويبعد فقط بحوالي 60 كيلومترا عن الطريق السريع شرق غرب بمنطقة العثمانية بولاية ميلة، إضافة إلى كونه موصولا مباشرة بخط للسكة الحديدية بميناء جن جن، ومحطة الشحن بالسكك الحديدة على مستوى ذات الميناء وهي محطة بطاقة شحنة تصل 8 ملايين طن سنويا، كما يبعد ب50 كيلومتر عن مطار فرحات عباس الدولي، كما يتواجد الموقع على بعد حوالي 20 كيلومترا فقط من أكبر سد في الجزائر سد بني هارون بميلة، وببضعة كيلومترات فقط عن سد بوسيابة بمنطقة أولاد عربي، وزيادة عن كل هذه المؤهلات والمنشآت القاعدية فموقع بلارة بإمكانه الاستفادة من محطة كهربائية ضخمة بمنطقة أشواط على مشارف ميناء جن جن بطاقة 600 ميغاواط.
غادرنا موقع بلارة، وشهر جانفي قد شارف على الانتهاء وتركنا معه آمال وسكان منطقة الميلية وما جاورها بل ولاية جيجل بأكملها معلقة بقرار السلطات النهائي بخصوص إقامة مصنع رونو للسيارات، مثلما وعد به وزير الصناعة محمد بن مرادي، قرار يعلق عليه سكان المنطقة آمالا للقضاء على البطالة الخانقة في ولاية ساحلية بها أحد اكبر المواني في إفريقيا ولا تتوفر على منطقة صناعية، وتجنيب أبناء المنطقة ويلات الغربة في بلدهم، إلى درجة أن اقترن اسم الجيجلي عبر ربوع الوطن بالمطعم والمقهى والمخبزة لغيات فرص العمل بولايتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.