اقترع اليمنيون الثلاثاء للمرشح التوافقي والوحيد عبد ربه منصور هادي ضمن استحقاق تاريخي يطوي صفحة حكم الرئيس علي عبدالله صالح، في ظل أعمال عنف في الجنوب بين القوات الحكومية والانفصاليين الرافضين للانتخابات أسفرت عن أربعة قتلى وعرقلت عمليات التصويت. وبالرغم من كون هادي نائب صالح وحليفه، يحمل انتخابه على ما يبدو الكثير من الآمال لليمنيين الذين يقبعون بغالبيتهم تحت خط الفقر وقد شاهدوا بلادهم تقترب خلال الأشهر الأخيرة من الحرب الأهلية. وشهدت عمليات التصويت إقبالا كثيفا مع تقدم ساعات النهار، خصوصا في العاصمة صنعاء، ولكن في ظل مقاطعة كبيرة في مناطق المتمردين الحوثيين في شمال اليمن، فيما تمكن الناشطون الانفصاليون في الجنوب من إغلاق نصف مراكز الاقتراع في عدن ومراكز أخرى في باقي المحافظات الجنوبية. وبذلك يصبح اليمن أول دولة من دول الربيع العربي تشهد انتقالا للسلطة بموجب اتفاق سياسي حفظ ماء الوجه لصالح الذي حكم اليمن 33 سنة، ولن يحاكم مثل حسني مبارك أو ينفي مثل زين العابدين بن علي، كما أنه لم يقتل مثل معمر القذافي. وأكد الرئيس اليمني المقبل أثناء إدلائه بصوته في صنعاء وسط تدابير أمنية مشددة أن استحقاق الانتخابات هو "إغلاق لصفحة الماضي وفتح لصفحة جديدة ناصعة البياض نكتب عليها مستقبل اليمن الجديد". ووصل عبد ربه منصور هادي بالسيارة إلى مركز الاقتراع الذي يبعد مئات الأمتار فقط عن منزله، وكان محاطا بتدابير أمنية مشددة عزاها مقربون منه إلى مخاوف من تعرضه لاعتداء. وقالت رئيسة المركز الانتخابي المخصص للنساء عبير العفيفي لوكالة فرانس برس "لقد دهشنا بالإقبال وبتدافع النساء حتى قبل موعد الاقتراع". من جهته، قال الناخب محمد العرامي (35 عاما) الذي اعتصم لأشهر في صنعاء ضد صالح "رغم الانتماء السياسي والعسكري لهادي إلا أنني سأنتخبه من أجل أمن واستقرار اليمن". ويأخذ التصويت طابعا رمزيا الى حد بعيد إذ يحظى هادي بدعم غالبية القوى السياسية في البلاد، ويأتي انتخابه في إطار اتفاق المبادرة الخليجية الذي تخلى بموجبه صالح عن السلطة لنائبه، أي هادي نفسه، مقابل حصوله على حصانة من الملاحقة. من جهتها، قالت الناشطة المعارضة وحائزة جائزة نوبل للسلام توكل كرمان لوكالة فرانس برس أن الانتخابات الرئاسية "يوم عيد بالنسبة لليمنيين لأنه يوم رحيل علي عبدالله صالح وإنهاء حكم المستبد والظالم وإنهاء فترة من الزمن عبث بها صالح واستمرت 33 عاما". وقالت كرمان "ندعو الرئيس الانتقالي الجديد إلى أن يعمل من أجل الشباب وإلا فإن ساحات الاعتصام موجودة وستظل كلجان مراقبة على حكومة الوفاق وعلى الرئيس المنتخب". وحذرت كرمان هادي من أنه "إذا لم يحقق أهداف الثورة، فكما أسقطنا الاول سنسقط الثاني بأيدينا". أما اللواء النافذ علي محسن الأحمر الذي شكل انشقاقه عن صالح وانضمامه للمحتجين تحولا كبيرا في المشهد السياسي اليمني، فقال لدى إدلائه بصوته في صنعاء "أنا سعيد جدا بهذا اليوم لأنه يوم انتقال السلطة سلميا وهذا يبشر بعهد جديد وبمستقبل باهر لليمن". ودعا أكثر من 12 مليون ناخب يمني إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في هذه الانتخابات التي تعتبر مصيرية لمستقبل اليمن وتحظى بدعم كبير من القوى الاقليمية والدولية الكبرى. وغابت عمليات الاقتراع عن مناطق شمالية تعد معقل المتمردين الحوثيين، كما غابت أيضا عن المناطق التي تسيطر عليها القاعدة في محافظتي أبين وشبوة الجنوبيتين. إلا أن المقاطعة في جنوب البلاد أخذت منحى عنيفا مع تنفيذ "عصيان مدني" وقيام ناشطين انفصاليين بعرقلة عمليات التصويت في عدد كبير من المراكز في المحافظات الجنوبية.