في إنتظار نتائج إستنطاق الأمن البريطاني، اليوم، للهارب عبد المومن خليفة، تبادلت الجزائرولندن، في فيفري الماضي، أدوات التصديق على الإتفاقات المتعلقة بالتعاون القضائي في المجالات الجنائية والمدنية والتجارية وتسليم المطلوبين، في خطوة وسابقة إعتبرها المراقبون، تمهيد لتسليم المتهم رقم واحد في "فضيحة القرن"، إلى العدالة الجزائرية. وعقب حفل تبادل الأدوات بمقر وزارة الخارجية، كان سفير بريطانيا بالجزائر، تيزوريير أندرو، أكد أن "هذه الإتفاقات ستمكن البلدين من العمل على أسس متينة مستقبلا"، مشيرا إلى أن الإتفاقات التي "ستعود بالفائدة" على الدولتين "تجسدت خلال زيارة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى بريطانيا في جويلية 2006"، وأبرز السفير البريطاني المسار الطويل الذي أفضى إلى التصديق على هذه الإتفاقات. من جهته، إعتبر المدير العام للشؤون القنصلية بوزارة الخارجية رابحي حسان، أن التصديق على الإتفاقات المتعلقة بالتعاون القضائي، "يأتي تتويجا لسلسلة من اللقاءات بين الخبراء الجزائريين والبريطانيين"، مشيرا إلى أن "الإتفاقات تكرّس طابع الإحترام والثقة الذي يميز العلاقات بين البلدين"، وأضاف بأن هذه الأدوات القانونية "ستجد إمتدادا لها على أرض الواقع مستقبلا، سيما في تجسيد مسار التقارب بين الجهازين القضائيين في البلدين". وكانت الزيارة الأولى من نوعها إلى لندن، في جويلية 2006، للرئيس بوتفليقة، خطوة هامة في طريق التقارب الجزائري البريطاني، حيث وقع بوتفليقة وبلير، عددا من الإتفاقات، من بينها أربعة خاصة بالتعاون القضائي، وقد توصل الطرفان إلى إتفاق بشأن إطار عمل لترحيل من يمثلون تهديدا على الأمن القومي في بريطانيا، وأعرب بلير بهذا الشأن، عن أمله في أن يسهل التعاون المتزايد بين البلدين، من قدرة بلاده على ترحيل من "يتسببون في مشكلات في بريطانيا إلى الجزائر". وتنفيذا للإتفاقات القضائية "الجديدة" بين الجزائر وبريطانيا، كان وفد أمني وقضائي جزائري، قد زار لندن، خلال الأسابيع القليلة الماضية، بهدف بحث التفاصيل التقنية وتقديم "الضمانات" فيما يتعلق بحسن التعامل قانونيا مع رفيق عبد المومن خليفة ومعاونيه الذين يوجدون في حالة فرار في عواصم متفرقة من أوربا، وقد جدد الوفد الرفيع المستوى، طلب الجزائر بتسليم الخليفة، قبل أن يتم إلقاء القبض عليه من طرف مصالح سكوتلنديار بتهمة الإقامة غير الشرعية وتبييض الأموال. وتبعا للتقارب القضائي بين الجزائرولندن، باشرت السلطات الجزائرية، قبل أسابيع، مفاوضات بغرض تسليم الخليفة، وذلك بطلب من سفارة لندن في الجزائر، والتي تحرّكت بموجب مذكرة وجهتها الخارجية البريطانية إلى الجزائر، وقد إستقبل في هذا الإطار، وزير العدل، الطيب بلعيز، السفير البريطاني بالجزائر، بطلب من هذا الأخير، لإجراء مباحثات حول التعاون القضائي وتسليم المطلوبين، ومن بينهم صاحب المجمع المنهار. وكان وزير العدل، أكد في وقت سابق،أن "فضيحة القرن" ستعرف نفس مصير قضية البنك الوطني الجزائري، التي تم تسليم المتهم الرئيسي فيها، عاشور عبد الرحمان، وثلاثة من مساعديه من قبل السلطات المغربية، وقال بلعيز: "ألم أقل لكم إننا سنتسلم المتهمين في قضية البنك الجزائري من المغرب، لقد تأكد الأمر ونفس الشيء سيكون بالنسبة لقضية الخليفة إن شاء الله"، وقبلها أبرز الطيب بلعيز بأن السلطات الجزائرية، لا تزال متمسكة بمطلب تسلم عبد المومن خليفة، مشيرا إلى أن ذلك "قضية وقت فقط"، كما إعتبر بلعيز، في تصريح إعلامي، تصريحات عبد المومن لجريدة "لوفيغارو"، تلفيقا مفضوحا للإتهامات، وقال بأنها نابعة من محاولات لتسييس القضية، التي "لن تنحاز عن المجرى الذي هي عليه أمام العدالة"، مؤكدا بأن ما أقدم عليه هذا الرجل لا يخرج عن مسألة النصب والإحتيال. وكشف "التعامل الجديد" لبريطانيا مع قضية الخليفة، تطورا في التعاون القضائي بين الجزائر، حيث أبرز الناطق الرسمي باسم الداخلية البريطانية، بأن "المملكة العظمى ليست ملجأ للمجرمين"، مؤكدا إستعداد بلاده "للمساهمة في تفعيل أيّ طلب تسليم في إطار القوانين"، وبالمقابل، قال وزير الداخلية الجزائرية، يزيد زرهوني، أن "نظراءنا في بريطانيا فهموا أنه لا يمكن أن يكون أيّ حديث عن تعاون جزائري بريطاني في حال لم يثبتوا جدية التعامل مع مطلب صغير وقضية بسيطة بحجم تسليم عبد المومن خليفة"، فيما أعلن رئيس الحكومة، عبد العزيز بلخادم، بأن السلطات البريطانية أبلغت نظيرتها الجزائرية، بصفة رسمية، إلقاء القبض على المتهم الأول في "فضيحة القرن"، في 27 فيفري الماضي، مشيرا إلى أن مسألة تسليمه تبقى متعلقة بالقرار السيّد للندن. جمال لعلامي:[email protected]