لم تعد عمليات سرقة الأحذية في المساجد تثير تخوف المصلين، الذين وجدوا حلا لهذه الظاهرة، باصطحابهم لأكياس بلاستيكية يضعون فيها أغراضهم، ويسجدون وهي بين أقدامهم، رغم ما تمثله هذه الظاهرة من انتهاك صارخ لحرمة بيوت الله، ومن المساجد من وفرت على المصلين هذا الجهد، ووضعت على مداخلها أكياسا خاصة لهذا الغرض؛ وبعد الأحذية تطور الأمر لاستهداف صناديق الزكاة وأموال التبرعات، وحتى الاعتداء على الأئمة، لتلجأ وزارة الشؤون الدينية إلى التفكير في تأمين جميع المساجد بأعوان أمن، لحماية أغراض المصلين وأموال الزكاة. ما شهدته العديد من المساجد، مؤخرا، من أعمال نهب واعتداء استهدفت أموال الزكاة والأئمة والمؤذنين، دفع وزارة الشؤون الدينية والأوقاف إلى التفكير مليا في تجنيد أعوان حراسة، لتأمين جميع المساجد على المستوى الوطني، بالتنسيق مع مع اللجان الدينية ورؤساء البلديات، حسب ما كشف عنه مصدر حسن الإطلاع من وزارة الشؤون الدينية والأوقاف للشروق، مؤكدا أن المساجد ستزود أيضا بكاميرات مراقبة، على مدار 24 على 24 ساعة، خاصة تلك المعزولة والواقعة في المناطق الشعبية الساخنة، وأضاف أن ظاهرة الاعتداء على المساجد لم تعد تصرفات شخصية، بل باتت مستهدفة من طرف عصابات منظمة، تخطط لسرقة دراجات وسيارات المصلين، بالإضافة إلى أموال التبرعات، وحتى المكيفات الهوائية، خاصة وأن الكثير من المساجد باتت مجهزة بأحدث أنواع الأجهزة الكهرومنزلية، ومن جهته، كشف المحامي محمد براهيمي، أن القانون الجزائري لا يفرق بين سرقة مقهى أو مسجد، ولا يوجد نص قانوني يتعلق بحرمات وقدسية أماكن العبادة، مؤكدا أنه عالج شخصيا قضية تعلقت بسرقة مروحة كهربائية من أحد المساجد، والتي كان الحكم فيها ب 6 أشهر حبسا موقوفة النفاذ ضد المتهم، في حين عالج قضية أخرى تعلقت بسرقة هاتف نقال، تعرض فيها المتهم إلى سنتين سجنا نافذا، وهذا ما يدعونا إلى إعادة النظر وتكييف بعض قوانين العقوبات مع قدسية وحرمة المساجد، التي باتت مهددة بأعمال النهب والسرقة والاعتداء، على عكس ما كان في الماضي. وأضاف الأستاذ براهيمي أن القانون لا يفرق أيضا بين الاعتداء على إمام أو شخص آخر، وهذا خطأ، لأن الإمام يمثل سلطة دينية، يجب أن تحترم، خاصة إذا كان الاعتداء عليه داخل المسجد!! ومن جهته، أكد الأستاذ يوسف حنطابلي، مختص في علم الاجتماع وأستاذ بجامعة البليدة، أن المصلين هم أول من فرط في قدسية المساجد، من خلال تصرفاتهم اليومية، التي لا تمت للإسلام بصلة، فهيئة الكثير من المصلين وكلامهم وتعاملهم وحتى طريقة عبادتهم ليس لها علاقة بأخلاق الإسلام، ولا بحرمة المساجد، التي تحولت في الكثير من المناطق إلى شبه فنادق وأسواق! وهذا ما جعل هذه الأماكن تهون على قاصديها، وتتحول إلى وجهة للسراق والعصابات، وأضاف المتحدث أن المسلمين عموما والجزائريين خصوصا، يعانون من مرض الفصام الإسلامي، لأن الدين الذي يتشدقون به في كلامهم ويسمعونه في الخطب والدروس، لا أثر له في واقعهم المعاش، وهذا ما يتطلب منا إعادة النظر في التزامنا. وبالنسبة لظاهرة الاعتداء على الأئمة والمؤذنين، قال الأستاذ يوسف حنطابلي، إن الفتن والصراعات التي تعانيها اللجان الدينية في الكثير من الأماكن، حولت المساجد إلى حلبات صراع، وصلت في الكثير من الأحيان إلى أروقة المحاكم، وهذا ما قلل من احترام الإمام بالنسبة للعوام.